لبنان: الجيش ينتشر بطرابلس بعد معارك قاسية
أشارت تقارير لبنانية إلى حالة من "الهدوء الحذر" التي تسود مدينة طرابلس، مع بدء نشر الجيش اللبناني لوحداته في الأحياء التي شهدت خلال الأيام الماضية سقوط عشرات القتلى والجرحى باشتباكات بين مجموعات سنيّة وأخرى علويّة، بينما اعتبر النائب خالد الضاهر أن تأخر التدخل الرسمي ربما كان بانتظار الحصول على موافقة محلية وإقليمية، على صلة بما يجري في سوريا.
ونقلت وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية أن عمليات انتشار وحدات الجيش بمؤازرة من قوى الأمن الداخلي "لم تواجه بأي مقاومة سوى بعض الخروق التي تمثلت بإطلاق النار في منطقة الزاهرية من قوى الأمن على مسلحين كانوا موجودين في الأزقة الداخلية."
وأضافت الوكالة أن محاور التماس التقليدية أخليت من المسلحين مع وصول الجيش الذي انتشر بكثافة ونصبت حواجز ثابتة وسيرت دوريات، ورافق انتشار الجيش دخول جرافات عملت على رفع الأتربة والحواجز التي وضعها المسلحون كما عملت الفرق المختصة على سحب القذائف والقنابل غير المنفجرة.
من جانبه، قال النائب عن طرابلس، خالد الضاهر، وهو عضو بكتلة "المستقبل" في المدينة إن الانتشار العسكري ما زال في لحظاته الأولى حاليا، ومن الصعب الحكم عليه.
وأضاف الضاهر، الذي يرتبط بصلات مع القوى الإسلامية المحلية، إن القوى السياسية والشعبية في المدينة كانت متوافقة حول ضرورة قيام الجيش بواجباته، ودعا الحكومة إلى "اتخاذ قرار صارم وحازم وأن يقوم الجيش بدوره بأمانة ودون استنسابية،" مشدداً على ضرورة انتشار القوى الأمنية في المناطق التي تقطنها غالبية علوية أسوة بتلك التي تعيش فيها غالبية سنية.
ولدى سؤاله عن سبب تأخر التدخل الرسمي على الأرض قال الضاهر، في حديث لـCNN بالعربية، إن المشكلة تتمثل في أن قائد الجيش، العماد جان قهوجي، "يعد نفسه للانتخابات الرئاسة ويحاول إرضاء الجميع،" ما أدى إلى تردد القوى الأمنية بالتدخل.
ولم يستبعد الضاهر وجود أبعاد إقليمية للقضية في المدينة القريبة من الحدود السورية قائلاً: "يبدو أن القيادات حصلت على الضوء الأخضر من بعض الأحزاب والقوى السياسية، ولا أعلم ما إذا كان الأمر قد تطلب الحصول أيضاً على موافقة من سوريا وإيران وحزب الله، لأنه يبدو أن لديهم مصلحة في استمرار الاشتباكات بمدينة هي معقل التأييد لقوى "14 آذار" وللدولة اللبنانية ولمؤسساتها."
وحول الاعتصام الموجود في إحدى ساحات المدينة، احتجاجاً على عملية اعتقال الشاب فيصل المولوي، الذي اتهم لاحقاً بـ"الانتماء إلى تنظيم إرهابي" قال الضاهر: "اعتصام ساحة النور مستمر لأنه يتعلق بأساليب غير قانونية وفيها إهانة لحقوق الناس وظلم كبير يتم تحت شعار محاربة الإرهاب."
وتابع قائلاً: "هناك المئات من الشبان الذين يتواجدون في السجون منذ سنوات دون محاكمة، نحن لا نرفض محاسبة المرتكبين، ولكن ما يجري حالياً من اعتقال دون محاكمات فيه مخالفة لحقوق الإنسان وللدستور وهذا الأمر معيب بحق القانون والدستور وحقوق الإنسان."
وحول قضية المولوي قال: "ما نعرفه أن المدعي العام العسكري اتهمه بالانتماء لتنظيم إرهابي، وهذا اتهام مطاط، فقد يتضح أن الأمر لا يتجاوز الاتصال بشخص أو معرفة شخص تشتبه به السلطات، فيتم اتهامه بالإرهاب ويمكث في السجن لسنوات دون محاكمة، وهذه حال أكثر من 200 شخص في السجن منذ خمس سنوات بهذه التهم دون محاكمة، بينما لا يتجاوز عدد المرتكبين الحقيقيين عشرة في المائة منهم."
وأكد الضاهر أن المولوي كان يلعب دوراً على صعيد مساعدة النازحين السوريين في لبنان وتأمين الدعم الإنساني لهم كحال الكثير من أهالي المنطقة.
وكانت الأحداث في طرابلس قد بدأت السبت مع اعتقال الشاب المولوي على يد عناصر من جهاز الأمن العام، بطريقة أثارت غضب السكان بسبب لجوء قوات الأمن إلى "كمين" في مكتب وزير الاقتصاد، محمد الصفدي، الذي استنكر ما جرى.
وأعقب ذلك خروج مظاهرات في عدة مناطق في طرابلس، وقالت وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية إن معظم طرق طرابلس قطعت بالإطارات المشتعلة والسيارات، حيث نزل شبان المدينة إلى الشوارع في مناطق، محتجين على توقيف المولوي، وطالبوا بالإفراج عنه فورا، مهددين بخطوات تصعيدية.
واعتصم عدد من شبان طرابلس في ساحة عبد الحميد كرامي بجانب السرايا وقاموا بقطع الطريق الدولية في الاتجاهين.
وسرعان ما توتر الوضع الأمني بعد اندلاع اشتباكات بين منطقتي باب التبانة، التي تقطنها غالبية سنية مؤيدة للثورة في سوريا، وجبل محسن حيث تقطن غالبية من الطائفة العلوية، وتشهد تأييداً واسعاً للنظام السوري.
رابط html مباشر:
التعليقات: