وراء كل فتنة كنيسة مغلقة
الكنائس المغلقة .. أزمة تحتاج إلي حل
المشكلة مزمنة تتوزع المسئولية فيها بين الدولة وتباطؤها، والكنيسة والتفافها، التطرف وما خلفه من أفكار ضد التسامح. .الدولة مسئولة بغياب قانون واضح وصريح ينظم بناء الكنائس ويسهل عملية الحصول على تراخيص ، لذلك وفقا لمعايير واضحة وثابتة بدلا من الخضوع لأهواء مسئولين أو آراء أمنية، وفى تأخر إصدار هذا القانون تتحمل الوزر الأكبر من هذه المشكلة التى تثير الفتن كل فترة مع غياب الحل الناجع! ..والكنيسة مسئولة بتعمدها إحراج الدولة، والخروج على القانون، والبناء دون ترخيص، والالتفاف بتحويل الجمعيات ودور الخدمات إلى كنائس دون مراعاة لأى عوامل قد تمثل خطورة على الكنيسة نفسها ومرتاديها!
تلك المسئوليات تتضاعف فى هذا المناخ الطائفى الضاغط، والمتعصب، الذى حتى الآن لم يفهم أو يعى رسالة الأديان والأصل فيها هو التسامح وحرية العقيدة!
ملف الكنائس المغلقة يضم 48 فى 14 محافظة.. تحتل المنيا النصيب الأكبر بعدد 17 كنيسة، خفضت إلى 16 بعد انفراج أزمة مطرانية مغاغة التى تعود إلى مارس 2007 عندما طلب الأب أغاثون ترميم وتوسيع المطرانية، وحصل على الموافقة بعدها بـ 3 سنوات، وبعد الهدم وإعادة البناء طلب أحمد ضياء الدين - محافظ المنيا الأسبق - ضم أرض المطرانية القديمة للمحافظة، وهو ما رفضه الأب أغاثون على اعتبار أن هذه الأرض وقف للكنيسة الأرثوذكسية، مما أدى إلى توقف البناء وانتقلت الصلوات لإحدى الخيام، لكن بعد مطالبة الأقباط بحل الأزمة خلال اعتصام ماسبيرو نجح المحافظ الجديد سمير سلام فى إنهاء الأزمة!
القمص «بولا» - وكيل مطرانية ملوى - يروى أسباب غلق كنيسة السيدة العذراء والقديسة دميانة، وهى واحدة من الـ 16 كنيسة المغلقة بالمنيا، التى تم بناؤها عام 1986، وهو الأمر الذى أغضب الجماعات الإسلامية فى وقتها، فاتفقوا مع الأمن حينها إلى حيلة لإغلاقها.
حسب رواية القمص «بولا» أن الأمن أقنع قساوسة الكنيسة بإنزال الصليب من فوق قبة المبنى، وهو ما نفذه الكهنة، لكنهم فوجئوا بعد ذلك بقرار غلق الكنيسة صادر من وزير الداخلية الأسبق زكى بدر ووضع الشمع الأحمر عليها، ومن وقتها وهى مغلقة بعد أن كانت فتحت لمدة 6 أشهر!
محافظة سوهاج بها 3 كنائس مغلقة منها كنيسة الأنبا «مقار» بجرجا الكائنة بنجع القصرية - مركز العسيرات - التى أنشئت قبل عام 1950 م .
ويبدو أن الأوراق الرسمية للكنيسة لم تكن كاملة إذ أرسل نيافة الأنبا مينا مطران جرجا وفرشوط فى 24 / 4 / 1974 م حيث أرسل خطاباً إلى العميد مأمور شرطة جرجا يبلغه أن الكنيسة تقام فيها الشعائر الدينية منذ عام 1950 وأن المطرانية فى طريقها لاتخاذ الإجراءات لاستكمال الصيغة الرسمية للكنيسة.. ولكن بدلاً من أن يستكمل الأمن الإجراءات للتصريح بها ككنيسة قانونياً قامت جهات الأمن بإغلاق الكنيسة فى يناير 1984 م.. وحاول الأقباط إعادة فتحها بالطرق الرسمية دون جدوى.
أما محافظة الفيوم فاحتوت على كنيسة واحدة وهى «القديسين أبانوب» بقرية المقاتلة من قرى مركز طامية التى تم إغلاقها منذ عام 2002 بعد أن تعرضت لهجوم من جانب بعض المتطرفين يوم13/11/2002، فقام المتعصبون بفصل الكهرباء عن القرية وقاموا بحرق المبنى الذى تم تشييده عام .1998
وتم عقد جلسة صلح بين الطرفين، وقالت الجهات الرسمية: إن القضية سوف تأخذ وضعها القانونى وتم إغلاق مبنى الكنيسة ووضع حراسة عليها حتى الآن لمنع دخول أحد.
بعدها حاول الأقباط فتح المبنى بالسبل الشرعية، لكنهم فشلوا، فتقدموا بطلب إنشاء دار مناسبات ورفض ثم تقدموا بطلب إنشاء جمعية منذ ثلاثة شهور ورفض الطلب أيضا دون إبداء أسباب.
الجدير بالذكر أن مساحة الكنيسة 120 مترا وتخدم 80 أسرة قبطية تشمل القرية والعزب والنجوع التابعة لها، وقد رفض الأمن الموافقة على فتح الكنيسة حتى الآن.
أما محافظة المنوفية فاحتوت على 3 كنـائـــس مغلقـــة منهــا كنيســــة «مارمرقس» بمركز الباجور ويرجع سبب إغلاقها إلى أنه فى يوم السبت الموافق 2/4/2005م، شب حريق فى الساعة الثانية صباحا فى الكنيسة بعد أن أحاطها أكثر من 400 متعصب، والغريب أن الأمن اتهم الكهنة بإحراق الكنيسة لإعادة بنائها من جديد وتطورت الخلافات بين أهالى القرية من الجانبين فقرر الأمن إغلاق الكنيسة ولم تفتح حتى الآن.
ولم تخل محافظة الجيزة من الكنائس المغلقة فاحتوت على كنيسة الأنبا «مقار» بقرية الخرمان أغلقت عام 1990 وصرح القس أبيب كاهن الكنيسة لروزاليوسف: «إن سبب اغلاق الكنيسة أنها غير مرخصة كالعادة ووقتها طلب أمن الدولة والحى إغلاقها».
ويضيف: إن القرية تحتوى على 100 أسرة تضطر أن تصلى فى كنيسة العذراء التى تبعد عنهم بـ 5 كيلومترات.
أربع كنائس مغلقة فى محافظة قنا منها كنيسة مارجرجس المزاحم ويرجع السبب إلى أن الأقباط بنوا هذه الكنيسة بدون علم أحد فتظاهر عشرات الشباب من المسلمين أمام المبنى المراد تحويله للكنيسة منددين بتحويله، استغاث الأهالى بالأمن الذى نجح فى إخماد الفتنة وأغلقت بعدها الكنيسة وظلت تحت حراسة أمنية ولم تفتح رغم وجود 130 أسرة قبطى وأقرب مكان للصلاة يبعد 10 كم.
وتدخل محافظة الإسماعيلية فى قائمة المحافظات التى تحتوى على كنائس مغلقة بكنيسة مارمينا والتى أغلقت للسبب المعتاد عدم وجود ترخيص وأيضا محافظة الغربية بها كنيسة مارمرقس بميت السوادن التى أغلقت عام 2000 ونجحت المطرانية فى الحصول على قرار بإعادة البناء رقم 200 بتاريخ 29/4/2000، ولم يتم تنفيذ القرار بعد، وكنيسة رئيس الملائكة ميخائيل التى صدر لها قرار إزالة وتم الطعن فيه ومازالت القضية مستمرة.
واحتوت محافظة القليوبية على كنيستين وهما كنيسة السيدة العذراء والشهيد أبانوب أغلقتا فى الثمانينيات وأيضا مبنى الملاك ميخائيل الذى أغلق عام 2005 قبل تحويله كنيسة وامتلكت محافظة أسيوط 3 كنائس مغلقة وكنيسة واحدة فى بنى سويف وسبب إغلاقها واحد وهو دواعٍ أمنية بمعنى أن الكنيسة إما أنها بنيت بدون ترخيص أو أن وجودها سيثير فتنة بين الأهالى.
والمفاجأة أن القاهرة بما تحمله من أحداث أخيرة لا تحتوى إلا على كنيسة مغلقة وهى كنيسة السيدة العذراء والأنبا إبرام بعين شمس وهى فى الأساس مصنع تم تحويله إلى كنيسة وفشلت الدولة فى فتحها بعد تظاهر الكثير مطالبين بإغلاقها وانتقلت المسألة إلى القضاء بعد فشل الجلسة العرفية.
وجاءت محافظة الشرقية والزقازيق فى المركز الثانى فى عدد الكنائس المغلقة فلديهما 7 كنائس، وصرح الأنبا توماسوس - أسقف الزقازيق ومنيا القمح - بأن المطرانية تملك الكثير من المضايف مغلقة (المضيفة تعنى كنيسة فى شقة صغيرة بلا قبة وتحتوى على مذبح لإقامة الصلوات والشعائر الدينية به).
توساوس استبعد أى تقصير من الدولة الآن فى إعادة فتح الكنائس المغلقة مؤكدا أن حالة الفوضى وانعدام الأمن تقف حائلا أمامهم.
أنطوان عادل - عضو المكتب التنفيذى لاتحاد شباب ماسبيرو والمسئول عن ملف الكنائس المغلقة أوضح أن الملف الذى احتوى على 48 كنيسة مغلقة هو ملف مبدئى كاشفا عن وجود عدد كبير للكنائس المغلقة فى مصر وأن الاتحاد شكل لجنة من الشباب القبطى من جميع المحافظات لحصر أعداد هذه الكنائس وأسباب إغلاقها.
أما ما يخص بقية الطوائف فإن الأب يوحنا قلتة صرح بأن الكنيسة الكاثوليكية لاتعانى من هذه المشكلة حيث لاتوجد كنيسة مغلقة لديها.
الحال لم تختلف بالنسبة لكنيسة الإنجيلية عن نظيرتها الأرثوذكسية فى أزمة الكنائس المغلقة مع اختلاف بسيط أن الكنيسة الإنجيلية بها أراض لم يسمح بالبناء عليها بسبب شكوك الأمن فى نواياهم بناء جمعيات إنجيلية بدون تراخيص.
د. صفوت البياض رئيس الطائفة الإنجيلية - صرح لـ«روزاليوسف» قائلا: «إن الكنيسة الإنجيلية تعانى من أزمة شراء أراض لتخصصها جمعيات وكنائس، ولكن الأمن يرفض مثلما حدث فى المعادى اشترينا أرضا، وأثناء البناء أمر الأمن بوقف البناء والآن تم بناء مكان خشبى لإقامة الصلوات به ونفس المشكلة حدثت معنا من يومين اشترينا الأرض فى مصر الجديدة وبعد بناء ثمانية أدوار أوقف الحى والأمن أعمال البناء بحجة عدم وجود ترخيص جمعية ورغم استحالة الحصول على التراخيص وحتى لو حصلت عليه لا ينفذ أمر البناء خوفا من الفتنة وأيضا حصلنا على ترخيص كنيسة فى المنيا وتم فتحها بعد غلقها عام 1952 .... وفى كثير من القرى لا تجد كنائس وجمعيات فيخرج الطفل فاقد الهوية الدينية.
كتب جرجس فكري - روزاليوسف - العدد 4329 - السبت الموافق - 28 مايو 2011