د. رفعت السعيد يكتب .. التطرف .. من أين وإلي أين ؟
في مقال سابق تحدثنا عن كتاب ممتع لفقيه مبدع ومستنير هو الدكتور عمر عبد الله كامل أما الكتاب فهو " الإنصاف فيما أثير حوله من خلاف " وقد تحدثنا عن فصله الخاص بموقف الإسلام من المسيحيين ، فليأذن لي القارئ في وقفة أخري حول الفيروس الذي يتولد منه داء العدوانية الشرسة ضد المسيحيين ، وهو " التطرف ".
ويبدأ المؤلف كتابته في موضوع التطرف قائلاً " إن ما يجنيه العالم اليوم من إرهاب هو نتيجة طبيعية للتطرف سواء فكرياً أو دينياً أو مذهبيا وما يجنيه العالم اليوم من دمار وخراب وقتل للأنفس البريئة وتحطيم لمعاني الإخوة الإنسانية ما هو إلا نتيجة لمثل هذه الأفكار " (صـ 747) . "والتطرف هو الغلو في الدين والغلو في تعريفه القاموسي هو مجاوزة الحد والتشدد والمبالغة " ويمضي المؤلف مستشهداًُ بآيات كريمة وأحاديث مشرفة ونقرأ معه "يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا علي الله إلا الحق"«النساء-171» ومن الأحاديث يختار لنا : عن ابن عباس قال "قال رسول الله عليه الصلاة والسلام إياكم والغلو في الدين فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين " وأيضاً "إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق" . وعن ابن مسعود عن رسول الله قال " هلك المتنطعون " وكررها ثلاثاً . وقال النووي "المتنطعون هم المغالون المتجاوزون الحدود في أقوالهم وأفعالهم" . وعن أبي هريرة أن رسول الله قال "إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه ، فسددوا وقاربوا وأبشروا" . ويعلق المؤلف قائلاً : وكل هذه الأحاديث تدل علي أن الغلو خروج من المنهج الوسط ، ومجاوزة للحد وفعل ما لم يشرعه الله ورسوله" ويقول : إن منشأ الغلو يكون بتفسير النصوص تفسيراً متشدداً يتعارض مع مقاصد الشريعة ، كما يكون إلزام النفس والآخرين بما لم يوجبه الله عليهم" (صـ750) لكن المؤلف يحذر - ونحن معه - " إن الحكم علي العمل أو القول بأنه غلو أو إن هذا المرء من الغلاة لا يقدر عليه إلا العلماء المتبصرون " (صـ751) . والغلو هو التطرف ويقول المؤلف "ومن لوازم التطرف أنه أقرب إلي التهلكة والخطر وأبعد عن الحماية والأمان " .
ثم يمضي بنا المؤلف ليحدد مظاهر التطرف فيقول "إن التعصب للرأي والنفس من أول دلائل التطرف بحيث لا يعترف للآخرين بوجود ، ويحجر علي آراء مخالفيه ويحاول أن يفرض رأيه علي الآخرين بالقوة والغلبة عن طريق الاتهام بالكفر والمروق . وهذا الإرهاب الفكري أشد تخويفاً من الإرهاب الحسي " ويقول "إن التعصب أنانية وظلم للنفس ، وانتصار للهوي والمتعصب محجوب البصر إلا من زاوية رؤيته " ويحذرنا المؤلف قائلاً "والله لم يجعل الحق كله مع واحد من هؤلاء والباطل كله مع الآخر، وكلهم بشر يخطئ ويصيب وليس فيهم معصوم " (صـ755) . ويمضي الدكتور عمر قائلاً " ومن مظاهر التطرف اليوم التمحور حول الأشخاص والأحزاب ، فتجد كثيراً من هؤلاء لا يقبلون النقد ولو كان نقداً علمياً نزيهاً ، ويحملون حملات عنيفة علي مخالفيهم تحت شعار الانتصار للسلف ، وما هو إلا انتصار للأهواء والآراء والأغراض ، والمصالح الشخصية والمادية والرغبة في الحكم تحت شعار الدين" .
ويمضي المؤلف ليفسر التطرف بأنه تعبير عن النقص العلمي وعدم الاتزان الفكري" وهكذا " وجدنا بعض شباب الجامعات ينشغل عن دراسته - وهي فرض عين - ليقوم بدراسة جوانب من علوم الشريعة التي يصعب علي كبار المتخصصين ، وأصبحنا نجد كثيراً من الأطباء والمهندسين والزراعيين بل والحرفيين من سباكين ونجارين وخبازين مشغولين بعلوم الجرح والتعديل ومباحث الفقه وأصوله ، وترجيح دليل علي آخر " ثم يتوقف الدكتور عمر ليناشد هؤلاء مؤكداً لهم "إن الطبيب لن يكون فقيهاً والصيدلي لن يصير محدثاً ، والمهندس لن يصير مفسراً وكذلك النجار والخباز والحداد فلن يصير هؤلاء علماء ومجتهدين، ويكفي أن يعلم كل منا ما تسلم به عقيدته ، وتصح عبادته ، وما يساعده في سيره إلي الله تعالي، ويجب أن نحترم أهل الاختصاص ونرجع إليهم "(صـ759).
ويمضي بنا المؤلف في تعداده لمظاهر التطرف قائلاً : إن من بينها التجاوز علي أحكام الدين بإصدار فتاوي التكفير والتحليل والتحريم وهذه الأحكام يصدرها من لا يملكون القدرة علي فهم نصوص القرآن والسنة وهم غير مؤهلين لا عقلاً ولا شرعاً لاستنباط الأحكام " ثم هو يؤكد "أننا نحترم الاختصاص فنرجع في شئون الاقتصاد إلي خبراء وعلماء الاقتصاد، وفي شئون الصحة والمرض إلي الأطباء وفي شئون البناء إلي المهندسين ، وهكذا نعود إلي الفقهاء المتبصرين والعلماء العاملين ( أهل الذكر ) لاستنباط الأحكام الفقهية ، ونتيجة للنقص العلمي والفوضي الفكرية تجرأ كثير من هؤلاء علي أحكام الدين وظهرت فتاوي عجيبة غريبة ما أنزل الله بها من سلطان ، وفيها تجرؤ علي دين الله " ( صـ760) .
وينتقد المؤلف وبشدة لجوء المتطرف إلي حصر الحق في شخص أو مذهب أو جماعة بما يؤدي إلي التشنيع علي المخالف ، والنتيجة هي أنهم يصنفون العلماء ، فمن وافقهم وهم قليل جداً يشيدون بهم ثم يتهمون الآخرين جميعاً بأنهم مبتدعون ، مضلون ، قبوريون خرافيون ، ونتيجة هذا المسلك الذميم أصيبوا والعياذ بالله بقسوة القلب ، فإن الذي يسخر طاقته وهمته للنقد والتجريح والتشريح والشغب لن يجد متسعاً للتقرب إلي الله" .. ويحذرنا المؤلف من هذا الواقع المر فإنَّ تطاول الأصاغر علي الأكابر مرض خطير وداء مزمن وبيل " . ويمضي بنا المؤلف وعبر دراسة تفصيلية متقنة من تعداد مظاهر ومخاطر التطرف حتي يصل بنا إلي أخطرها وقمة الغلو وذروته وهو السقوط في هاوية التفكير بإسقاط عصمة الآخرين واستباحة دمائهم وأموالهم .
وبعد .. ولأن المؤلف العلامة الدكتور عمر عبد الله كامل قد منحنا أملاً ووعداً قائلاً في ختام موسوعته "إنني إذ أتركك أيها القارئ العزيز في محراب تأملك فإنني أقبض علي يدك قبضة فيها سر رسالتي ، ورسالتي إليك وعد بلقاء جديد في بحث جديد بإذن الله.
فإنني أؤكد له وأؤكد عليه نحن في الانتظار مشتاقين।
ويبدأ المؤلف كتابته في موضوع التطرف قائلاً " إن ما يجنيه العالم اليوم من إرهاب هو نتيجة طبيعية للتطرف سواء فكرياً أو دينياً أو مذهبيا وما يجنيه العالم اليوم من دمار وخراب وقتل للأنفس البريئة وتحطيم لمعاني الإخوة الإنسانية ما هو إلا نتيجة لمثل هذه الأفكار " (صـ 747) . "والتطرف هو الغلو في الدين والغلو في تعريفه القاموسي هو مجاوزة الحد والتشدد والمبالغة " ويمضي المؤلف مستشهداًُ بآيات كريمة وأحاديث مشرفة ونقرأ معه "يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا علي الله إلا الحق"«النساء-171» ومن الأحاديث يختار لنا : عن ابن عباس قال "قال رسول الله عليه الصلاة والسلام إياكم والغلو في الدين فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين " وأيضاً "إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق" . وعن ابن مسعود عن رسول الله قال " هلك المتنطعون " وكررها ثلاثاً . وقال النووي "المتنطعون هم المغالون المتجاوزون الحدود في أقوالهم وأفعالهم" . وعن أبي هريرة أن رسول الله قال "إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه ، فسددوا وقاربوا وأبشروا" . ويعلق المؤلف قائلاً : وكل هذه الأحاديث تدل علي أن الغلو خروج من المنهج الوسط ، ومجاوزة للحد وفعل ما لم يشرعه الله ورسوله" ويقول : إن منشأ الغلو يكون بتفسير النصوص تفسيراً متشدداً يتعارض مع مقاصد الشريعة ، كما يكون إلزام النفس والآخرين بما لم يوجبه الله عليهم" (صـ750) لكن المؤلف يحذر - ونحن معه - " إن الحكم علي العمل أو القول بأنه غلو أو إن هذا المرء من الغلاة لا يقدر عليه إلا العلماء المتبصرون " (صـ751) . والغلو هو التطرف ويقول المؤلف "ومن لوازم التطرف أنه أقرب إلي التهلكة والخطر وأبعد عن الحماية والأمان " .
ثم يمضي بنا المؤلف ليحدد مظاهر التطرف فيقول "إن التعصب للرأي والنفس من أول دلائل التطرف بحيث لا يعترف للآخرين بوجود ، ويحجر علي آراء مخالفيه ويحاول أن يفرض رأيه علي الآخرين بالقوة والغلبة عن طريق الاتهام بالكفر والمروق . وهذا الإرهاب الفكري أشد تخويفاً من الإرهاب الحسي " ويقول "إن التعصب أنانية وظلم للنفس ، وانتصار للهوي والمتعصب محجوب البصر إلا من زاوية رؤيته " ويحذرنا المؤلف قائلاً "والله لم يجعل الحق كله مع واحد من هؤلاء والباطل كله مع الآخر، وكلهم بشر يخطئ ويصيب وليس فيهم معصوم " (صـ755) . ويمضي الدكتور عمر قائلاً " ومن مظاهر التطرف اليوم التمحور حول الأشخاص والأحزاب ، فتجد كثيراً من هؤلاء لا يقبلون النقد ولو كان نقداً علمياً نزيهاً ، ويحملون حملات عنيفة علي مخالفيهم تحت شعار الانتصار للسلف ، وما هو إلا انتصار للأهواء والآراء والأغراض ، والمصالح الشخصية والمادية والرغبة في الحكم تحت شعار الدين" .
ويمضي المؤلف ليفسر التطرف بأنه تعبير عن النقص العلمي وعدم الاتزان الفكري" وهكذا " وجدنا بعض شباب الجامعات ينشغل عن دراسته - وهي فرض عين - ليقوم بدراسة جوانب من علوم الشريعة التي يصعب علي كبار المتخصصين ، وأصبحنا نجد كثيراً من الأطباء والمهندسين والزراعيين بل والحرفيين من سباكين ونجارين وخبازين مشغولين بعلوم الجرح والتعديل ومباحث الفقه وأصوله ، وترجيح دليل علي آخر " ثم يتوقف الدكتور عمر ليناشد هؤلاء مؤكداً لهم "إن الطبيب لن يكون فقيهاً والصيدلي لن يصير محدثاً ، والمهندس لن يصير مفسراً وكذلك النجار والخباز والحداد فلن يصير هؤلاء علماء ومجتهدين، ويكفي أن يعلم كل منا ما تسلم به عقيدته ، وتصح عبادته ، وما يساعده في سيره إلي الله تعالي، ويجب أن نحترم أهل الاختصاص ونرجع إليهم "(صـ759).
ويمضي بنا المؤلف في تعداده لمظاهر التطرف قائلاً : إن من بينها التجاوز علي أحكام الدين بإصدار فتاوي التكفير والتحليل والتحريم وهذه الأحكام يصدرها من لا يملكون القدرة علي فهم نصوص القرآن والسنة وهم غير مؤهلين لا عقلاً ولا شرعاً لاستنباط الأحكام " ثم هو يؤكد "أننا نحترم الاختصاص فنرجع في شئون الاقتصاد إلي خبراء وعلماء الاقتصاد، وفي شئون الصحة والمرض إلي الأطباء وفي شئون البناء إلي المهندسين ، وهكذا نعود إلي الفقهاء المتبصرين والعلماء العاملين ( أهل الذكر ) لاستنباط الأحكام الفقهية ، ونتيجة للنقص العلمي والفوضي الفكرية تجرأ كثير من هؤلاء علي أحكام الدين وظهرت فتاوي عجيبة غريبة ما أنزل الله بها من سلطان ، وفيها تجرؤ علي دين الله " ( صـ760) .
وينتقد المؤلف وبشدة لجوء المتطرف إلي حصر الحق في شخص أو مذهب أو جماعة بما يؤدي إلي التشنيع علي المخالف ، والنتيجة هي أنهم يصنفون العلماء ، فمن وافقهم وهم قليل جداً يشيدون بهم ثم يتهمون الآخرين جميعاً بأنهم مبتدعون ، مضلون ، قبوريون خرافيون ، ونتيجة هذا المسلك الذميم أصيبوا والعياذ بالله بقسوة القلب ، فإن الذي يسخر طاقته وهمته للنقد والتجريح والتشريح والشغب لن يجد متسعاً للتقرب إلي الله" .. ويحذرنا المؤلف من هذا الواقع المر فإنَّ تطاول الأصاغر علي الأكابر مرض خطير وداء مزمن وبيل " . ويمضي بنا المؤلف وعبر دراسة تفصيلية متقنة من تعداد مظاهر ومخاطر التطرف حتي يصل بنا إلي أخطرها وقمة الغلو وذروته وهو السقوط في هاوية التفكير بإسقاط عصمة الآخرين واستباحة دمائهم وأموالهم .
وبعد .. ولأن المؤلف العلامة الدكتور عمر عبد الله كامل قد منحنا أملاً ووعداً قائلاً في ختام موسوعته "إنني إذ أتركك أيها القارئ العزيز في محراب تأملك فإنني أقبض علي يدك قبضة فيها سر رسالتي ، ورسالتي إليك وعد بلقاء جديد في بحث جديد بإذن الله.
فإنني أؤكد له وأؤكد عليه نحن في الانتظار مشتاقين।
الاهالى
رابط html مباشر:
التعليقات: