|

رئيس تحرير صباح الخير يكتب : الإخوان ..«الوطنى» سابقاً!

ريشة خضر

 مازال الجدل محتدما بين القوى السياسية فى مصر.. ومازالت حالة الانشقاق والانسداد تسيطر على المشهد السياسى مع تصاعد حدة الخلاف حول الدستور أولا أم الانتخابات؟!.. وهو ما يعيدنا إلى القضية الجدلية القديمة التى لم تحل حتى الآن.. وهى البيضة أولا.. أم الفرخة.. وهل نضع الحصان قبل العربة أم العربة قبل الحصان؟!


حالة جدل وجدال مثيرة وطويلة ومملة فى نفس الوقت بين القوى السياسية التى اتفقت على ألا تتفق مع أننا فى مفترق طرق.. وموقف سياسى صعب. الليبراليون والقوى السياسية الحزبية فى جانب.. والإخوان فى جانب.. كل يصر على موقفه ورأيه.. والمجلس العسكرى من جانبه أكد مرارا وتكرارا أنه لا رجعة عن الديمقراطية التى أعلنها الشعب عن طريق الاستفتاء على التعديلات الدستورية ومن ثم إصدار الإعلان الدستورى.


الغريب.. أن الحكومة على لسان رئيس الوزراء د. عصام شرف.. ونائبه د.يحيى الجمل أعلنا انحيازهما التام إلى الدستور أولا.. وضرورة تأجيل الانتخابات التشريعية ولكن الحكومة لا تملك من الأمر شيئا.. كما أنها لا تملك من أمرها شيئا.


الليبراليون ومرشحو الرئاسة وجموع ائتلاف شباب الثورة يطالبون بالدستور أولا.. لأنه يجب أن يكون هو البداية الفعلية التى يجب أن نبنى عليها الدولة المصرية.. وهو الذى يضع القواعد والأسس التى تقوم عليها الدولة إذ إنه ليس من المعقول أن نبنى الدولة بمؤسساتها أولا.. انتخابات تشريعية ورئاسية.. ثم نقوم بعد ذلك بوضع الدستور ونبدأ من أول وجديد.


الإخوان على الطرف الآخر يدركون حجمهم الطبيعى ومدى قوتهم وسيطرتهم على المشهد السياسى الذى اعتبروا «نعم» مؤشرا عليه.. لذا فالانتخابات التشريعية قبل الدستور هى فرصتهم الثمينة بعد سنوات طويلة من الحظر والتنكيل لتواجدهم على الساحة السياسية وهم الآن يدركون أنهم القوى السياسية التى حلت محل الحزب الوطنى بعد وفاته.. وبالتالى يحاولون بشتى الطرق أن يسيطروا على الانتخابات البرلمانية.. لذلك فهم ينحازون بشدة إلى الانتخابات أولا.


وفيما بين الدستور أولا والانتخابات أولا حالة جدل وسجال عنيف بين الأطراف المتصارعة. الإخوان كسبوا أول جولة فى الصراع بعد انضمام الوفد لهم والاتفاق على قائمة موحدة فى الانتخابات القادمة.. والغريب أن هذا الاتفاق جاء من حزب ليبرالى كبير مثل الوفد ولكن مشكلة الوفد أنه كان يشكو دائما من سطوة الحزب الوطنى السابق.. وأنه السبب فى تهميش الوفد.. وعدم وجود كوتة مناسبة له فى البرلمان.. الآن وبعد سقوط الحزب الوطنى وجد الوفد نفسه حزبا هشا لا يستطيع أن يواجه القوى السياسية الجديدة التى فرضت نفسها على الساحة ألا وهى الإخوان.. فآثر التحالف معها حتى يضمن لنفسه كوتة عادلة فى الانتخابات البرلمانية القادمة.. وحتى يجد لنفسه تمثيلا مشرفا يعيد إليه بريق الوفد القديم .. والحديث أيام السادات.


«الإخوان» فهم اللعبة وأبعاد الصراع.. فهو يخشى من ضغط القوى الليبرالية الأخرى.. وأن تؤول الأمور إلى تأجيل الانتخابات.. لذلك فقد احتوى الوفد ودعا كل القوى السياسية الأخرى للانضمام إلى القائمة الموحدة فى محاولة لاحتوائهم.. وذلك بإرضائهم عن طريق كوتة لكل حزب أو لكل قوى سياسية فى قائمة موحدة.


وهذا ما كان يفعله الحزب الوطنى طوال الثلاثين عاما السابقة.. يضمن لنفسه أكثر من 80% من مقاعد البرلمان ويترك لكل حزب كوتة مخصصة له سواء بالانتخاب أو التعيين.. حتى يضمن الأغلبية الكاسحة له لاجهاض أى معارضة فعلية.. وحتى يظهر بالشكل الديمقراطى الذى يوحى بأن هناك حياة ديمقراطية ونيابية سليمة فى مصر.


ما كان يفعله الحزب الوطنى فى الماضى.. يفعله الإخوان الآن مع تغيير الشكل والمنهج والمخطط الاستراتيجى.. وما سبق يؤكد حقيقة واحدة هى فشل القوى الليبرالية الأخرى فيما نجح فيه الإخوان حتى الآن.. وهو ما يسير بنا إلى خطر الدولة الدينية.


نحن لا نريد لأنفسنا ولا لمصرنا أن نكرر ونعيد تجربة الحزب الوطنى التى خربت الحياة السياسية فى مصر.. لا نريد أن نعود إلى سيطرة حزب واحد على الساحة.. ولكن نريد أن نبنى الدولة الديمقراطية على أسس ليبرالية سليمة.. ولذا ندعو جميع القوى السياسية أن «تعالوا إلى كلمة سواء».. وليكون ذلك فى مؤتمر وفاق قومى ووطنى تحت مظلة المجلس الأعلى للقوات المسلحة.. وتشارك فيه كل القوى السياسية بما فيها المجلس العسكرى.. للوصول إلى حل توافقى يضمن عملية انتقال السلطة إلى الدولة المدنية التى نريدها ونرضاها جميعا.
كتبها محمد هيبة

هل أعجبك هذا؟

رابط html مباشر:



التعليقات:

تعليقات (فيس بوك)
0 تعليقات (أنا قبطي)

0 التعليقات :



الأرشيف الأسبوعي

مواقع النشر الإجتماعية:

تابع الأخبار عبر البريد الإلكتروني







إعلانات ومواقع صديقة:


إحداثيات أناقبطي..

التعليقات الأخيرة

أحدث الإضافات