فاطمة ناعوت تكتب .. ثورة الملاحدة
لا تصدّقوا العنوان! إنما أمازحُ السلفيين، والإخوان، مثلما يمازحوننا ليلَ نهار، فى لحظة مفصلية حرجة، لا تتحمل فيها مصرُ أى مزاحات! أحاول أن أحاكيهم حين يقولون قولة تُشعل الدنيا، ثم يُطلّون علينا فى اليوم التالى قائلين: «كنّا نمزح!» هل إشعالُ النار يسرٌ إلى هذا الحد؟
وهل تطفئ كلمةُ: «كنت باهذر»، نيرانَ الفتن، وترأب صدعَ القلوب، وتعيد الموتى للحياة؟! وهل مصرُ الآن، مثخنةً فى جراحها، تنتظر منّا الهذرَ والمزاح ثقيل الظلّ، بدل أن نمد جميعنا أيادينا لنجدتها؟!
أثبت الشعبُ المصريُّ مجددًا أنه شعبٌ خطير وواعٍ ومحترم. لذلك أمدّهم اللهُ بيد رحمته وأحاطهم بملائكته. فتوارت الشمسُ اللاهبةُ، وظلّلتِ الغيومُ أبناء بلادى الشرفاء، ثم سقط المطرُ الوديعُ رهيفًا طيبًا، كإحدى معجزات المُناخ فى شهر مايو القائظ! ليسوا «ملاحدةً» إذن مَن ظلّهم اللهُ بظلّه، وقطَرَ عليهم من غوْثه وغيثه، لكى يُكملوا ثورتهم الشريفة!
لم يتصور السلفيون والإخوان أن إثناءَهم الناسَ عن المشاركة فى «ثورة الغضب الثانية» سوف يعمل على إنجاح الثورة وإزكاء اشتعالَها، فيما أرادوا إجهاضها!
حاولوا إقصاء المصريين عن الميدان بقولهم إنها «ثورة الليبراليين والعلمانيين والملاحدة»! فكأنما بسيفهم «المقدس» قد قسّموا الشعبَ فريقين: ملاحدة، ومتأسلمين! بينما القسمةُ العادلة هى: وطنيون وغير وطنيين!
وربما كان هذا أحد أسباب استفزاز المواطن المصري، المستنير بطبعه، المدنيّ بفطرته، المتحضر بسليقته منذ عشرات القرون، واستنفاره ليوجه بصره للميدان، فيثبت أنه وطنىٌّ ومؤمنٌ بالله، وليس ملحدًا، لمجرد أنه يحب بلاده المأزومة ببعض بنيها!
«الشعب يريد تنوير العقول»، كان هذا شعارَ الثورة الجديدة، فى قلب الميدان وفى قلب كل مصرى شريف تعلّم كيف يحب مصر.
كان لابد من إكمال الثورة لأن مَن قاموا بالثورة لم يحكموا، عكس كل ثورات التاريخ! وأقصد الشباب والدماء الجديدة، بدلا من حكومة رجالُها ينتمون للماضى، بكل إرثه الموجع، أكثر مما ينتمون لروح الثورة الشابّة. لابد منها لأن النظام مازال يحتاج إلى تطهير من شوائب الأمس.
لابد منها لأن مصرَ، فعليًّا، بلا دستور منذ 25 يناير، وليس منذ 11 فبراير!
ذاك أن الدستور سقط يوم قرر المصريون إسقاطه، وليس يوم أُجبِر الرئيس السابق على أن يُسقطه! ولذلك يرى النبهاءُ أن دستورًا جديدًا محترمًا لابد يسبق الانتخابات البرلمانية، كما يقول المنطق.
أما ما حدث فى الاستفتاء، فكلنا نعلم كيف تم التلاعب بالعقول والأفئدة والأحلام لتخرج النتيجةُ: «نعم»، تضحك فى وجوهنا، ووجه مصر الشريف. والحجةُ التى تقول إنه لا وقت لعمل دستور جديد مردود عليها باقتراحين بديهيين. إما أنه تؤجل الانتخابات حتى عمل دستور جديد. وفى هذا الاقتراح ميزةٌ أخرى تسمح للأحزاب الوليدة، التى عمرها أيام قلائل، بأن تقف على قدميها، أمام حزب يافع وجاهز ومنظم بالفعل منذ ثمانين عامًا.
فقط لإرساء شيء من العدل فى المنافسة. والاقتراح الثانى أن يتم تفعيل دستور 1954، الموءود غدرًا، وهو من أرقى الدساتير التى يمكن لقريحة بشرية أن تصل إليها.
ولا عجب، فقد صاغته عقولٌ مصرية عزّ نظيرُها مثل طه حسين وخمسين عقلاً فى قامة طه حسين الفريدة. هذا فضلاً عن أن عقولَ مصرَ الدستورية الراهنة لم تنبض بعد، وبوسع أى من فقهاء مصر الدستوريين أو أساتذة كليات الحقوق صوغ دستور محترم يليق بمصر. كان لابد أن تنتفض الثورةُ من جديد رفضًا للانفلات الأمنى الذى يُغرق شوارع مصر، لأن الأشقياء المسجّلين طلقاءُ بيننا!
ومجموع الجرائم التى ارتُكبَت فى الأسابيع القليلة الماضية يفوق ما يمكن أن تتحمله دولةٌ فى سنوات! كان لابد أن نثور لأن المجالس المحلية لم تُحل!
وفى الأخير، بما أن ثورة يناير قامت من أجل «جميع» المصريين، فلن تكتمل تلك الثورةُ النبيلةُ إلا برد حقوق شِقٍّ من هذا «الجميع». حقوق أقباط مصر المسيحيين، تلك المهدَرة منذ نصف قرن، ويزيد!
المصري اليوم
وهل تطفئ كلمةُ: «كنت باهذر»، نيرانَ الفتن، وترأب صدعَ القلوب، وتعيد الموتى للحياة؟! وهل مصرُ الآن، مثخنةً فى جراحها، تنتظر منّا الهذرَ والمزاح ثقيل الظلّ، بدل أن نمد جميعنا أيادينا لنجدتها؟!
أثبت الشعبُ المصريُّ مجددًا أنه شعبٌ خطير وواعٍ ومحترم. لذلك أمدّهم اللهُ بيد رحمته وأحاطهم بملائكته. فتوارت الشمسُ اللاهبةُ، وظلّلتِ الغيومُ أبناء بلادى الشرفاء، ثم سقط المطرُ الوديعُ رهيفًا طيبًا، كإحدى معجزات المُناخ فى شهر مايو القائظ! ليسوا «ملاحدةً» إذن مَن ظلّهم اللهُ بظلّه، وقطَرَ عليهم من غوْثه وغيثه، لكى يُكملوا ثورتهم الشريفة!
لم يتصور السلفيون والإخوان أن إثناءَهم الناسَ عن المشاركة فى «ثورة الغضب الثانية» سوف يعمل على إنجاح الثورة وإزكاء اشتعالَها، فيما أرادوا إجهاضها!
حاولوا إقصاء المصريين عن الميدان بقولهم إنها «ثورة الليبراليين والعلمانيين والملاحدة»! فكأنما بسيفهم «المقدس» قد قسّموا الشعبَ فريقين: ملاحدة، ومتأسلمين! بينما القسمةُ العادلة هى: وطنيون وغير وطنيين!
وربما كان هذا أحد أسباب استفزاز المواطن المصري، المستنير بطبعه، المدنيّ بفطرته، المتحضر بسليقته منذ عشرات القرون، واستنفاره ليوجه بصره للميدان، فيثبت أنه وطنىٌّ ومؤمنٌ بالله، وليس ملحدًا، لمجرد أنه يحب بلاده المأزومة ببعض بنيها!
«الشعب يريد تنوير العقول»، كان هذا شعارَ الثورة الجديدة، فى قلب الميدان وفى قلب كل مصرى شريف تعلّم كيف يحب مصر.
كان لابد من إكمال الثورة لأن مَن قاموا بالثورة لم يحكموا، عكس كل ثورات التاريخ! وأقصد الشباب والدماء الجديدة، بدلا من حكومة رجالُها ينتمون للماضى، بكل إرثه الموجع، أكثر مما ينتمون لروح الثورة الشابّة. لابد منها لأن النظام مازال يحتاج إلى تطهير من شوائب الأمس.
لابد منها لأن مصرَ، فعليًّا، بلا دستور منذ 25 يناير، وليس منذ 11 فبراير!
ذاك أن الدستور سقط يوم قرر المصريون إسقاطه، وليس يوم أُجبِر الرئيس السابق على أن يُسقطه! ولذلك يرى النبهاءُ أن دستورًا جديدًا محترمًا لابد يسبق الانتخابات البرلمانية، كما يقول المنطق.
أما ما حدث فى الاستفتاء، فكلنا نعلم كيف تم التلاعب بالعقول والأفئدة والأحلام لتخرج النتيجةُ: «نعم»، تضحك فى وجوهنا، ووجه مصر الشريف. والحجةُ التى تقول إنه لا وقت لعمل دستور جديد مردود عليها باقتراحين بديهيين. إما أنه تؤجل الانتخابات حتى عمل دستور جديد. وفى هذا الاقتراح ميزةٌ أخرى تسمح للأحزاب الوليدة، التى عمرها أيام قلائل، بأن تقف على قدميها، أمام حزب يافع وجاهز ومنظم بالفعل منذ ثمانين عامًا.
فقط لإرساء شيء من العدل فى المنافسة. والاقتراح الثانى أن يتم تفعيل دستور 1954، الموءود غدرًا، وهو من أرقى الدساتير التى يمكن لقريحة بشرية أن تصل إليها.
ولا عجب، فقد صاغته عقولٌ مصرية عزّ نظيرُها مثل طه حسين وخمسين عقلاً فى قامة طه حسين الفريدة. هذا فضلاً عن أن عقولَ مصرَ الدستورية الراهنة لم تنبض بعد، وبوسع أى من فقهاء مصر الدستوريين أو أساتذة كليات الحقوق صوغ دستور محترم يليق بمصر. كان لابد أن تنتفض الثورةُ من جديد رفضًا للانفلات الأمنى الذى يُغرق شوارع مصر، لأن الأشقياء المسجّلين طلقاءُ بيننا!
ومجموع الجرائم التى ارتُكبَت فى الأسابيع القليلة الماضية يفوق ما يمكن أن تتحمله دولةٌ فى سنوات! كان لابد أن نثور لأن المجالس المحلية لم تُحل!
وفى الأخير، بما أن ثورة يناير قامت من أجل «جميع» المصريين، فلن تكتمل تلك الثورةُ النبيلةُ إلا برد حقوق شِقٍّ من هذا «الجميع». حقوق أقباط مصر المسيحيين، تلك المهدَرة منذ نصف قرن، ويزيد!
المصري اليوم
رابط html مباشر:
التعليقات: