عمرو حمزاوى يكتب .. إلى جماعة الإخوان
نبهت بالأمس إلى خطورة استعلاء الجماعة على القوى السياسية والوطنية التى نظمت مظاهرات الجمعة الماضية ومساوئ خطاب إعلامى يصنف أصحاب المواقف المخالفة للجماعة بالعاملين ضد صالح الوطن والموقعين بين الشعب والجيش. واليوم أنبه إلى خطورة أمرين إضافيين: نزوع بعض القيادات الإخوانية إلى الاستغناء عن التوافق الوطنى مدفوعين بغرور التنظيم المتماسك ذى القبول الشعبى، والاستخفاف بوجهات النظر المختلفة بين صفوف الإخوان ومحاولة فرض رؤية واحدة على جماعة دومًا ما احتوت بداخلها أطيافا متعددة.
أخطأ الإخوان ليس بالامتناع عن المشاركة فى مظاهرات الجمعة، بل بادعاء غياب الوطنية عن القوى الداعية لها (جمعة الوقيعة) وبالإحالة إلى الوجود الشعبى الواسع للجماعة غير المعنية «ببضعة آلاف» من المتظاهرين. أخطأ الإخوان، وكان بإمكانهم الاكتفاء بصياغة موقف يرفض مطالب الجمعة ويدافع عن انتخابات لا تؤجل ويفتح أبواب الحوار مع المروحة الواسعة من القوى الوطنية المطالبة بالتأجيل.
أخطأ الإخوان بالوقوع مجددا فى محظور الاستقطاب الذى سيطر على المشهد السياسى قبل الاستفتاء على التعديلات الدستورية وتحول إلى لحظة استقطاب مجتمعى عام، وكان بإمكانهم الحد من المحظور هذا بالامتناع عن تخوين المختلفين والاستخفاف بهم.
أخطأ الإخوان بحساب أهمية القوى الوطنية فقط من منظور القدرة على الحشد وتحريك الشارع، متناسين إمكانات الليبراليين واليسار فى التأثير على الرأى العام وتعاطف قطاعات واسعة من المواطنين معهم إن اقتناعا بهم أو خوفا من هيمنة الإخوان على السياسة والمجتمع. أخطأ الإخوان بالاستغناء عن التوافق الوطنى والاصطفاف باستعلاء وكأنهم وكلاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة، والمجلس الأعلى على الرغم من الاختلاف السياسى معه ليس فى حاجة لوكلاء.
كذلك وقع الإخوان فى محظور سحب الشرعية عن شبابهم الذين شاركوا فى مظاهرات الجمعة ودعوا إليها مع ائتلاف شباب الثورة. الإعلان عن أن الجماعة ليس لها من يمثلها داخل الائتلاف ومحاولة فرض الموقف الواحد وبسلطوية على شباب الإخوان بهما من الممارسة السلطوية وغير المتسامحة مع الاختلاف ما يثير القلق بالفعل بشأن قدرة الجماعة على ممارسة التعددية بداخلها وقبول صيغة الأصوات المتنوعة وهى ضرورية لكل من يرغب فى المشاركة السياسية فى لحظة البناء الديمقراطى.
تضر لحظة الاستقطاب الجديدة هذه بمصر وبفرص تحول ديمقراطى آمن. ومن حق مصر على الإخوان مراجعة مواقفهم والبحث عن عودة حقيقية إلى دائرة التوافق الوطنى والكف عن التصريحات الإعلامية المستفزة والمتعالية على المجتمع وعلى القوى الأخرى. دعونا ندير حوارا هادئا حول الانتخابات وشروط إجرائها ثم نتوافق على موعد لها يضمن صالح الوطن.
الشروق
رابط html مباشر:
التعليقات: