الثورة المصرية هل هي إعادة لإنتاج الاستبداد أم استعادة الكرامة الإنسانية ؟
عقد مركز الأرض لحقوق الإنسان ورشة عمل بعنوان
" الثورة المصرية هل هى إعادة لإنتاج القهر والاستبداد أم لاستعادة الكرامة الإنسانية "
فى ورشة مركز الارض لحقوق الانسان
الثورة المصرية إلى أين؟؟؟
سؤال حاولت ورشة الأرض الإجابة عنه بعد مرور ستة أشهر على ثورة الخامس والعشرون من يناير حيث عقد المركز يوم الخميس 23/ 6/ 2011 ورشة عمل بعنوان :
“الثورة المصرية هل هي إعادة لإنتاج القهر والاستبداد أم لاستعادة الكرامة الإنسانية”
حضرها عدد (55) مشاركا ما بين صحفيين وناشطين حقوقيين وفلاحين وباحثين وقد احتوت الورشة على ثلاثة جلسات أعطت مجتمعة صورة متكاملة عن ثورة 25 يناير على عدة مستويات
أولا على المستوى الدولي ومدى تأثير الأوضاع الدولية على الثورة المصرية والثورات العريبة الأخرى وهو الموضوع الدي دارت حوله الجلسة الأولى والتي كانت برئاسة الأستاذ عبد الله المأمون “ناشط حقوقي وباحث بمركز الأرض “وتحدث فيها الأستاذ نجاد البرعي “محامي بالنقض وناشط حقوقي”، أوضح في البداية أنه لا يعتبر ما حدث في 25 يتاير ثورة بالمعنى المعروف ولكنه في أحسن أحواله احتجاجات أطاحت برأس النظام ولكن النظام لازال قائما وقد تتصاعد تلك الاحتجاجات وتتحول إلى ثورة أما الوضع الحالي فمن وجهة نظره لا يعتبر ثورة
ثم أشار إلى الوضع الاستراتيجي الذي تتمتع به المنطقة العربية بشكل عام ومصر بشكل خاص حيث أننا نجاور إيران التي تمثل تهديد مباشر لأمن الخليج وفقاً لمصالح الولايات المتحدة التى تدير العالم والتي – وفقا لتوازن الدول – لا تستطيع الدفاع عن أمن الخليج دون تحالف دولي مع دول محلية
وأشار إلى أن الولايات المتحدة قد استفادت من الدرس عندما دخلت إلى العراق منفردة وما تكبدته من خسائر مما أكد لها ضرورة الاحتفاظ بصداقة محلية لتأمين خط دفاع أمامي عن مصالحها
كما أشار إلى التأثير القوي والمباشر للأوضاع الدولية على الأوضاع داخل كافة الدول العربية، وتطبيقا على الأوضاع داخل مصر فقد خشيت الولايات المتحدة أن تتحرك الأوضاع داخل مصر إلى اتجاه ما يخل بأمن الخليج وبالتالي يضر بمصالحها .
كما تنبأ بأن تؤول الدولة إلى تحالف عسكري ديني حيث أنه لا يوجد لدي الولايات المتحدة مشكلة في تدعيم الاخوان أو غيرهم بينما نفى أن تدعم أمريكا الليبراليين أو اليساريين لأنهم قد يشكلون خطرا على مصالحها .
وفي نهاية حديثه أكد أننا لن نستطيع الوصول دون دعم المجتمع المدني .
وتناولت المداخلات الجدل حول دور أمريكا وإيران وتركيا والصين وروسيا فى دعم أو أخفاق الثورات العربية وخاصة الثورة المصرية وكيف يمكن دعم الفرص المختلفة لاستكمال مهام ثورتنا .
ثم كانت الجلسة الثانية والتي كانت بعنوان:
الثورات العربية بين طموحات وآفاق الجماهير والنخب المسيطرة
والتي كانت برئاسة الدكتور أسامة بدير استاد بمعهد البحوث الزراعية وباحث بمركز الأرض وتحدث في الجلسة كل من المهندس / أحمد بهاء الدين شعبان المفكر اليساري البارز ومؤسس الحزب الاشتراكي المصري تحت التأسيس والأستاد / حجاج نايل رئيس البرنامج العربي لنشطاء حقوق الإنسان
حيث بدأ شعبان بالحديث عن أنماط الثورات المتعارف عليها وهي نمطين النمط الأول – عرفناه في بداية القرن العشرين- وهو ثورة يقودها حزب شيوعي أو عقائدي أما النوع الثاني – عرفناه في نهاية القرن العشرين – وهي الثورة المبنية على القوى العسكرية ونمودجها الثورة المصرية سنة 1952 بقيادة الضباط الأحرار وجمال عبد الناصر
ثم أشار إلى أن الثورات الجديدة بداية من ثورة تونس ويليها مصر هي ثورات مختلفة كونها ثورات شارك فيها ولأول مره في تاريخ العالم ملايين من الشعب وأنها ثورات كانت معلنه قبل قيامها كما أنها ثورات بلا قائد ولا قيادة واضحة ومحددة
ثم أوضح أن مطالب الثورة كانت واضحة من خلال الشعارات التي رفعها الثوار والتي لم تخرج عن ثلاثة مطالب وهي :
- اسقاط النظام (الشعب يريد اسقاط النظام)
- دولة مدنية (مدنية مدنية لا دينية ولا عسكرية)
- عدالة اجتماعية (خبز ، حرية ، عدالة اجتماعية)
ثم قدم شعبان تحليلا لما حدث في ثورة 25 يناير كنمودج للثورات العربية موضحا تصرفات السلطة في مواجهة الأحداث والتفاعل معها والتحايل عليها مؤكدا أنهم تحركوا في حدود ستة تكتيكات وهي : التجاهل ، المواجهة العنيفة ، الانسحاب التكتيكي ،استخدام الإعلام ، القبول الظاهري ، محاولة الاستيعاب
وأكد شعبان أن الصورة المبهرة للثورة قد انتزعت اعجاب العالم ونرى دلك في اعراب أكثر من رئيس دولة عن اعطاء بلده الأولوية لكل ما يطلبه المصريون في الوقت الحالي، وأشار إلى أننا لم نحسن استغلال الفرصة ولم نطرق الحديد وهو ساخن
وأشار إلى أنه حتى الآن لم يتغير النظام وبقي الحال كما كان عليه والدلائل على دلك كثيرة بداية من الوزارة التي يأتي معظمها من المقربين للنظام البائد إلى القوانين التي صدرت في الفترة الأخيرة منها قانون تجريم الاعتصامات وهو مالم يكن موجودا في عهد الحكومة البائدة بكل ظلمها وفسادها فقد تم رصد 3000 فعل احتجاجي لم يجرم أي منها وأكد أنه قانون يهدف إلى قمع الحركة الشعبية كما تحدث عن قانون الأحزاب بشروطه التعجيزية
وفي النهاية أكد أن هناك خطة متكاملة للالتفاف حول الثورة واجهاضها وأن الثورة لابد أن تظل مستمرة وأكد أيضا أن الثورة الحقيقية قادمة عندما يدرك الجميع الجملة التي ترددها الحكومة الحالية ” دعونا نعمل وسوف نقتص لكم ” هي وهم لا أكثر
ثم تحدث الأستاذ / حجاج نايل عن الثورات في مصر والدول العربية وحالة التشابك التي حدثت بينها وانتقال الثورة من بلد إلى آخر في نفس التوقيت، موضحا أن تلك الدول لها طبيعة مختلفة عن مصر حيث أنه لا يوجد بها مؤسسات بالمعنى المفهوم للكلمة وإنما هي عبارة عن قبائل وعلاقات قبلية ولكن برغم الإختلاف فأسباب الثورة واحدة وهي الحكومات الأبدية التي تمتص ثروات الشعب وتكبس على أنفاسه
وانتقل نايل إلى الحديث عن الثورات العربية مشيرا إلى الشراسة التي يتعامل بها الحكام في تلك البلاد مع شعوبهم كما أكد أن مؤكدا أن ما يحدث في سوريا يرقى إلى مستوى جرائم الحرب، كما أن اغتصاب القوات الليبية لليبيات من المعارضة شيء لا يصدقه عقل، وأشار إلى أن المؤسسة لديهم [1] بيانا طالبوا فيه بتحويل الأسد والقذافي إلى محكمة العدل الدولية
كما أكد أن إشكالية الثورات العربية أنها جاءت بلا تخطيط ولا قائد ولكنها كانت ضرورة حتمية نتيجة للفساد والاستبداد، فقد كانت تحكم هذه البلاد عصابات بكل ما تحمل الكلمة من معنى
وفي النهاية تعجب مما يحدث في سوريا وليبيا متسائلا عن قيمة التضحيات التي يجب أن تدفعها الشعوب العربية لانتزاع الحرية من الحكام الطغاة !!! وأكد أنهم لن يفلتوا من محاكمة التاريخ وعقابه.
ودارت مداخلات الحضور حول التنسيق الشعبى لدعم الثورات العربية ودور المجتمع المدنى لدعم الضحايا ومحاكمة الجلادين .
ثم كانت الجلسة الثالثة والتي كانت بإدارة الأستاذ عبد العزيز جمال الدين المؤرخ المصري وتحدث بها كل من الدكتور أحمد الاهوانى الأستاذ بكلية الهندسة، جامعة القاهرة والأستاذة وفاء المصري محامية وناشطة حقوقية والتي تحدثت حول المؤامرات التي تتم للالتفاف حول مطالب الثورة وتعطيل السير نحو تحقيق أهدافها بأساليب كثيرة .
وأضافت أنه على الرغم من أن هناك إصرار من المجلس العسكري على إيجاد حالة عامة من الارتباك في المشهد العام لتحقيق أهدافهم فهي على ثقة في قدرة الناس على الهدوء وتفهم الموقف بشكل صحيح ومن ثم اتخاذ القرار الصحيح الحازم بشكل يضمن لنا حقوقنا
وأشارت إلى القضية الحالية والتي يتم دفعها في الإعلام وساحات الحوار السياسي وهي قضية الدستور أولا أم الانتخابات أولا وأكدت أنها من وجهة نظرها قضية مفتعلة لإرباك الناس والتلاعب بوعيهم لا أكثر حيث أن الاستفتاء السابق على تغيير التسعة مواد كانت أهم مادة هي المادة رقم 189 والتي كانت تنص على ” أن على رئيس الجمهورية أن يدعو مجلس الشعب لانتخاب جمعية تأسيسية لوضع الدستور” بالتالي كان المطروح علينا أن نختار انتخابات الرئاسة أولا لذا فالتساؤل ليس له سبب وارتضينا ذلك
وأكدت أن المعيار الأساسي الذي يجب الالتزام به في موضوع الانتخابات أو الدستور وهو عملية التوافق المجتمعي وهو المصلحة العامة لكل فئات الشعب والتي تمثل بمواد داخل هذا الدستور، مما يستدعي أن يكون لدينا مؤسسات في المجتمع مثل النقابات، والاتحادات العمالية، والفلاحية، وهيئات التدريس والنقابات المهنية، وكل فئات المجتمع منتحبة انتخاب حقيقي ونزيه مما يؤهلها إلى تقديم ممثلين يشاركوا في الجمعية التأسيسية التي تقوم بعمل الدستور
وأكدت أن المجتمع بحاجة إلى التعبير عن نفسه بشكل حقيقي ومن ثم تكون الانتخابات البرلمانية التي تشكل لجنة تأسيسية تستدعي فيها جزء من هذا المجتمع وجزء من مجلس الشعب أو يمكن أن يتم انتخابها كلها من فئات الشعب
كما أكدت على ثلاثة مطالب لا انفصال بينهم وهم: الديمقراطية، العدالة، الاستقلال الوطني
كما أكدت على ضرورة الحرص على التنمية المستقلة دون الاعتماد على المعونات الخارجية وهي الوسيلة الوحيدة لضمان تحقيق أهداف الثورة
ثم تحدث الدكتور أحمد الأهواني أستاذ بكلية الهندسة جامعة القاهرة والذي بدأ حديثة مؤكدا أن الثورة ليست حركة احتجاجية محدودة بإطار زمني ومجموعة من المطالب الإصلاحية على الصعيد السياسي والاجتماعي ولكنها عملية تاريخية مستمرة تستهدف إحداث تغييرات جذرية في علاقات الطبقات الاجتماعية والبني السياسية والثقافية المعبرة عنها.
كما أكد على أولوية التغيير الثقافي متضافرا ومتجادلا مع التغيير التحتي الاقتصادي والاجتماعي، وتغيير الأبنية العليا للثقافة السياسية
ثم انتقل إلى الحديث عن المستوى المتدني للتعليم وما كان له من تأثير سلبي خاصة على الريف والذي جعله شبه معزول بسبب التسرب الكبير من المدارس مما دفع كل المصريين للمطالبة بأن يكون البرنامج السياسي القادم للصحة والتعليم وأشار إلى لقاء له مع سمير رضوان ضمن مجموعة من المجتمع المدني وأكد أنهم انتهوا من اللقاء وهم على يقين من أنه لا يهدف إلى إحداث تغيير حقيقي
كما أكد على فكرة الأستاذة وفاء والتي تؤكد ضرورة تحقيق التوافق العام وأكد أن هذا التوافق لن يتم إلا على أرضية ثورية ولن يحدث إلا بعد أن يستوعب الجميع حقيقة الأمور ويتمكن من محاسبة المسئولين بوعي الفاهم لحقيقة الأمور
كما أكد أن القوى الرأسمالية والنخبة الفاسدة لازالت موجودة وتمارس الضغوط لحماية مصالحها ودلل على ذلك بأن سمير رضوان وزير المالية أقر أنه لن يتراجع عن الضريبة المفروضة على رؤوس الأموال وفي اليوم التالي تراجع !!!
وأكد أن المعركة الحقيقية هي أن من أمسك بزمام الأمور ليسوا هم من صنعوا الثورة ولكن الفئة الأقوى وصاحبة النفوذ والمصالح المرتبطة بالفساد .
ثم تساءل لماذا يقرر الشعب أن يتمرد على الجيش وعلى الحكومة الحالية؟؟ وكانت الإجابة لأنه لازال مقتنع بأن الثورة مستمرة وأنها في بدايتها وأكد أن بذرة الخوف انتهت والناس الآن تبحث عن بذرة أخرى هي الثقة والاطمئنان على الثورة وتحقيق أهدافها
وقد تحدث حول ثلاث قضايا تهم الشعب المصري، أول القضايا الطريق نحو فك لغز الثورة أو كيمياء الثورة المصرية، وثانيتها موقف الثوار عند مفترق طرق، وثالثتها شروط نجاح وملامح الثورة القادمة وتفاعلاتها الإقليمية والعالمية.
وفي النهاية دعا قوي التقدم بكل تلاوينها السياسية الليبرالية والقومية والاشتراكية والدينية للتوحد حول مشروع للنهضة والتحرر الشامل من هيمنة الاستعمار الأمريكي الصهيوني وذلك عبر استراتيجية واضحة هي استراتيجية التحرر من مستنقع التبعية والخروج من الأورنوص الأمريكي عبر تكتيكات متصاعدة لإنهاك قوى العدو الصهيوأمريكي والتابعين له بالشراكة أو الخضوع داخل الدولة والنظام المصري الحاكم لكي تتحرر مصر من القيود الخارجية والداخلية المعوقة لقوى التغيير.
وبعدها بدأت مداخلات الحضور للاتفاق حول عدد من التوصيات الهامة التي يمكن تبنيها لمحاولة الوصول بالثورة إلى بر الأمان وتحقيق توافق مجتمعي حقيقي وتمثيل واسع لكافة فئات المصريين في الثورة حتى لا تسرق الثورة من أصحابها الحقيقيين ولا ينتهي الأمر والحال كما هو عليه للشعب المكافح قليل الحيلة بعد أن دفع من عمرة ودماء أبناءه ثمنا لثورة قد لا تحقق له أي شيء ويجد نفسه في النهاية درجة في سلم كى يصعده جلادوه ليرتكبوا بتوحش قهره وإهانته لكن الجميع أكد بأن الشعوب لابد ان تنتصر وأن مصر بكفاح ابناءها المنتجين سوف تنال الحرية والامان والعدالة .
رابط html مباشر:
التعليقات: