|

نجيب ساويرس "الرجل الذي رقص على السلم".. بين مواءمات السياسي المستجد ومصالح البيزنس المتضاربة.. وخطيب جمعة: "أنا تركت موبينيل.. وأقم الصلاة

كتب: أيمن عبد الرسول


عقب الإعلان عن سرقة لوحة "زهرة الخشخاش" أعلن رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس عن مكافأة مليون جنيه لمن يدلي بمعلومات تقود إلى سارق اللوحة الشهيرة، وبعدها بشهور قليلة كانت شركة "موبينيل" الذي يمتلك ساويرس أسهمًا بنسبة 20% من إجمالي قيمتها الرأسمالية تعلن عن مسابقة على الطريقة الأميركية يفوز من يربحها بمليون جنيه أيضًا، ثم فجعنا في ليلة رأس العام الجاري بحادثة تفجير إرهابية أمام كنيسة القديسين بالإسكندرية، ويعلن الرجل نفسه عن مكافأة مليون جنيه كذلك لمن يدلي بمعلومات تقود الداخلية المصرية إلى الوصول إلى مرتكبي الحادث، في الحالتين الأولى والثالثة (زهرة الخشخاش، وحادث القديسين)

كان المعلِن عن المكافأة يرتدي قناع رجل الأعمال الوطني، ولم يكن قبطيًّا يدافع عن الأقباط، بينما في الحالة الثانية (مسابقة موبينيل) التي لم يعلن عن الفائز بها حتى الآن، كان المتحدث شريكًا في بيزنس المحمول الذي أصبح ينافس بيزنس المطاعم في مصر والتدخين، حيث تُظهر الإحصائيات أن المصريين يصرفون من دخلهم أكثر من 40% على شركات الاتصالات المصرية الثلاثة، والتي يساهم ساويرس في واحدة من كبريات هذا البيزنس، والتي استحوذت حسب الإحصائيات المعلنة على أكثر من 50% من سوق المحمول المصرية.

بعد الإعلان عن مكافآت ساويرس السالف ذكرها، فكر كاتب هذه السطور في كتابة مقال بعنوان "ساويرس.. رجل المكافآت المستحيلة" لأن هذه المكافآت لو كانت ممكنة لما أعلن عنها صاحبها، لأسباب تتعلق بكل ظرف على حدة، ولكن بعد أزمته الأخيرة التي أثارت حوله عواصف الاتهامات، وأسقطت عنه أمام المتطرفين دينيًّا قناع الوطنية والمواطنة واحترام الإسلام، الذي ظهر ساويرس به عبر سنوات طويلة، لم يكن مشغولاً فيها ساويرس بالسياسة المصرية بشكل مباشر، وظهر مُقبِّلاً يد شيخ الأزهر، بل وخصَّص جائزة للدراسات الإسلامية المستنيرة باسم شيخ الأزهر الراحل محمد سيد طنطاوي، والذي ظهر ساويرس في أول صفوف العزاء فيه عقب وفاته بالسعودية في 10 مارس من العام المنفلت.. من المؤكَّد أن ساويرس وهو يضع على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر" صورة ميكي ماوس باللحية، وزيزي بالنقاب، وهي صورة قيل إنها نُشرت على مواقع سعودية في انتقاد افتتاح فرع والت ديزني للأطفال بالعاصمة السعودية الرياض،

المتحوِّل ساويرس قبل وبعد الثورة

وأنه نشرها على سبيل الفكاهة، لم يكن ساويرس يقصد الإساءة إلى الإسلام، ولا إلى المسلمين، فالرجل في الحقيقة وقد صار سياسيًّا لامعًا بعد ثورة يناير، لا يمكن أن يقع في هذا الخطأ، لأسباب تتعلَّق بأنه مؤسِّس حزب "المصريين الأحرار" الذي شهد عددًا من الاستقالات الجماعية في أغلب محافظات مصر بعد "موقعة تويتر" حيث لم يتفهَّم غالبية أعضاء الحزب الناشئ، والذي حقق شعبية كبيرة في وقت قياسي بوصفه حزب ساويرس وحدَّد موقعه على خارطة مصر بعد سقوط مبارك، وشكل تحديًا حقيقيًّا للجماعات الراديكالية التي تتبنَّى منهج الإسلام السياسي، مثل الإخوان والسلفيين، وأشاعوا ضده الشائعات منذ الإعلان عنه وحتى الساعة، فليس من الممكن أن يمنحهم السياسي المستجد، نجيب ساويرس بفعلته التي بدت عشوائية وغير مدروسة الحبل الذي يشنقون به حزبه الوليد، فقد وصفوه بأنه حزب للأقباط، فدخل في عضويته عدد من كبار المتصوفة والشيعة، مع عدد كبير من الليبراليين والعلمانيين المصريين، ثم تأتي الضربة هذه المرة لساويرس وحزبه من ناحية التعصُّب الطائفي.. فهل يدافع معظم الأقباط الآن عن ساويرس على خلفية طائفية؟!

فبعد صمت تام لسبعة أيام، أصدر "المصريين الأحرار" بيانًا مساء السبت حول الصورة المفجرة للأزمة والتي نشرها مؤسس الحزب نجيب ساويرس على حسابه الخاص بتويتر يستنكر فيها محاولات تحجيم الحزب في شخص واحد رغم دعواته المستمرة بأنه حزب كل المصريين، مبررًا الإشكالات التي أثارتها الرسومات من حملات مقاطعة لشركات ساويرس ومسيرة ضد الحزب واستقالات جماعية بالإسماعيلية بسعي بعض القوى السياسية إلى عرقلة مسيرة حزب المصريين الأحرار، وذلك من خلال إثارة مشاعر أعضاء الحزب والترويج لإشاعات لا أساس لها من الصحة، كما ذكر في بيانه.

الحقيقة الكاملة في سر الهجوم على نجيب ساويرس

وأهاب الحزب بأعضائه بتوخي الحرص - ممن وصفهم - ببعض العناصر المتسلِّلة إلى داخل الحزب من أعداء الثورة أو من أحزاب أو تيارات أخرى تريد النيل من "المصريين الأحرار" لما له من شعبية وقاعدة عريضة في الشارع المصري استطاع صنعها في وقت قصير للغاية مؤكدًا على احترامه الكامل للأديان ودورها في الواقع المصري مشدّدًا في الوقت ذاته على احترامه للخيارات الدينية للمصريين ورفض أي ازدراء لأي مجموعة بسبب خياراتها الدينية وأن الإسلام أكبر من تمثله مجموعة مهما كانت.
ودعا الحزب أعضاءه إلى عدم الانسياق وراء الدعاوى الكاذبة التي تهدف إلى بث الفرقة وإشعال الفتنة بين المصريين وأن يكونوا من أوائل المدافعين عن توحُّد الوطن نحو مسيرة البناء والتقدم مؤكدًا أنه سوف يأخذ تدابير رادعة تجاه كل من تسلَّل إلى صفوفه لإشعال فتيل الاحتقان بين أعضائه.
وكان محمد حامد (مقرر لجنة الحريات بالحزب) قد أكَّد في تصريحات خاصة "للدستور الأصلي" أن الحزب ليس مطالبًا بتبرير المواقف الشخصية لأعضائه وأن ساويرس كان حسن النية ولم ينشر الصورة من منطلق كونه "قبطيًّا" ولكن كمواطن مصري عادي رأى أنها صورة طريفة تدوولت بالفعل منذ عام 2008 وحين شعر باستياء المسلمين اعتذر أكثر من مرة.

المثير أن خطب الجمعة الفائتة في أغلب "بر مصر" أعلنت عن هجوم حاد على ساويرس وشركة موبينيل، بل ووضعوا البديل لخطوط شركته بشركة أخرى محددة، فيما بدا كأنه معركة بين الإسلام وموبينيل، ولم يلتفت أحد إلى تزكية المسلمين للشركة الأخرى التي يديرها في مصر أحد أبناء الرئيس الراحل محمد أنور السادات الذي لُقب في وقت ما بـ"الرئيس المؤمن" وأن الشركة الثالثة التي لم يقترحها أحد خطباء المساجد شركة عالمية بينما الشركة التي قُدمت بوصفها بديل موبينيل ذات أصول عربية من إحدى الدول الخليجية الشقيقة، ولولا اعتبارات خاصة بالدعاية، وأن دعاية موبينيل أضحت دعاية سلبية، تزامنت مع إعلان الشركة عن مسابقة جديدة يفوز من يربحها بسيارة أميركية شهيرة يتجاوز سعرها بالمصري النصف مليون جنية، والمسابقة بها 6 سيارات ولا يعتقد خبراء بأنها تمثل تنافسًا اقتصاديًّا في الوقت الراهن.
وزعت مجموعة من الشباب منشورات في شوارع قنا ومساجدها الجمعة تدعو إلى مقاطعة شركات وصحف يمتلكها رجل الأعمال المعروف نجيب ساويرس، بسبب الصور التي وضعها على حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر".

وطالبت المنشورات التي تم اقتباسها من مواقع إلكترونية مثل "فيسبوك"، والتي جاءت بعنوان "مش بفلوسي يا ساويرس" و"قاطع يا معلم"، بمقاطعة شركات يمتلكها ساويرس مثل شركة (موبينيل وأوراسكوم تيليكوم) بجانب صحف يومية.
من جانبه دعا الشيخ حافظ سلامة الوجه السلفي المشاغب، المصلين إلى مقاطعة شركة موبينيل ردًّا على استهزاء وتهكم نجيب ساويرس على الإسلام والمسلمين, موجهًا إلى ساويرس رسالة مفادها أن هناك الكثير من وسائل الرد على تطاوله.
ثم خرج مع المصلين لوقفة احتجاجية أمام المسجد مردّدين "يسقط ساويرس"!
وأكد المحامي ممدوح إسماعيل أن النائب العام المصري الدكتور عبد المجيد محمود سيستدعي ساويرس، للتحقيق معه بسبب الصور المسيئة للإسلام والمنشورة على صفحة ساويرس على "تويتر".
وأضاف إسماعيل أن النائب العام المصري سيحقِّق مع ساويرس في الاتهامات التي يتضمنها البلاغ رقم 8655 ويشمل البلاغ الترويج للسخرية بالدين الإسلامي وازدراء الأديان، وهو تصرّف يعتبره القانون المصري يهدد السلام الاجتماعي ويثير الفتن في المجتمع.

وكانت أسهم أوراسكوم المرتبطة برجل الأعمال نجيب ساويرس قد سجلت تراجعًا خلال النصف الأول من تعاملات البورصة أمس بالتزامن مع موجة التراجعات التي غلبت على أداء مؤشرات البورصة الثلاثة ودعوة مقاطعة رجل الأعمال نجيب ساويرس على فيسبوك.
وسجل سهم أوراسكوم للإنشاء صاحب أكبر وزن نسبي في المؤشر الرئيسي بنسبة 0.86% وبلغ أعلى سعر له عند 270 جنيهًا فيما كان الأدنى عند 267 جنيهًا.
كذلك تراجع سهم أوراسكوم تيليكوم القابضة صاحب ثالث أكبر وزن نسبي في البورصة بنسبة 0.73% وبلغ أعلى سعر له عند 4.12 جنيه فيما كان الأدنى عند 4 جنيهات، وكذا تراجع سهم شركة أوراسكوم القابضة للتنمية بنسبة 0.99% وبلغ آخر سعر له 10.15 جنيه.
قام بعض شيوخ المساجد في المناطق المختلفة بدعوة المصلين لمقاطعة شبكة المحمول التي يمتلكها رجل الأعمال نجيب ساويرس وذلك على أثر عرضه على حسابه الشخصي بموقع تويتر صورة لميكي ماوس وميني ماوس باللحية والنقاب، وقد توالت ردود الأفعال بداية من الهجوم الشديد على ساويرس عبر المنتديات والمواقع المختلفة.
حتى وصل الأمر إلى خطب المساجد التي دعا العديد منها للنيل من ساويرس بحق فعلته، حيث رأى شيوخ الجوامع أن المقاطعة هي أبسط أنواع الرد على ساويرس، خصوصًا بعدما لم يلقَ اعتذاره الذي قدمه من خلال تويتر أيضًا صدى لدى الغاضبين حتى بعدما أوضح أنه كان يقصد المزاح وأنها صورة مضحكة فقط ولم يقصد الإهانة أو عدم الاحترام.

وبسؤال د. عبد الحميد الأطرش- رئيس لجنة الفتوى بالأزهر- حول إن كانت مقاطعة شبكة ساويرس واجبًا شرعيًّا أم لا أجاب قائلاً: بالطبع المقاطعة واجب شرعي لأن الله تبارك وتعالى كرم الإنسان حيًّا وميتًا كما نهى الله عن اللمز والتنابذ، أي لا يعيب بعضكم على بعض، فما قام به ساويرس من عرضه لهذه الصورة، فهذه إهانة لا يقبلها الله تبارك وتعالى، حيث قال تبارك وتعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ" فالسخرية والاستهزاء ليسا من أخلاق الدين بأي حال من الأحوال، وما قام به ساويرس الذي صوَّر المسلم في صورة بذيئة محتقرة فلا بد أن يعاقب على ذلك أشد العقاب، فالمقاطعة أحد أبسط أساليب العقاب الممكنة ولا يكتفي بها وإنما ينبغي أن يحاكم على فعلته، حيث إن من أساء للمسلم فقد أساء لرسول الله، فالمقاطعة والمحاكمة واجبة حتى لو اعتذر ساويرس فبماذا يفيد هذا الاعتذار بعد الإهانة؟ فالاعتذار ليس ردعًا، وإنما لا بد أن يعتذر ويعاقب على فعلته، وبعد ذلك من شأن المسلم العفو والسماح والعفو من شيم الكرام والتسامح خلق من أخلاق الإسلام.

وفي خطبة الجمعة الماضية كان الشيخ العشري عمران خطيب جامع النور بالعباسية أحد هؤلاء الذين استفزَّهم تصرف ساويرس، عبر عن موقفه أمام آلاف المصلين قبيل ختامه لخطبة الجمعة قائلاً: "أردت أن أعرفكم أني تركت موبينيل واشتريت اتصالات، ولا أجبر أحدًا على ذلك، وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر".
قد يجد المصلون تلازمًا لفظيًّا - ربما غير مقصود - بين ترك "موبينيل" والنهي عن الفحشاء والمنكر من الأقوال والأفعال، خسر ساويرس الرهان هذه المرة، فالمعركة عندما ترتبط بالدين فإن التحدي أكبر، والخطب أعظم.
وأعتقد جازمًا أنه لو حاولت كبرى الشركات المنافسة لشركات ساويرس بما امتلكته من أموال ونفوذ أن تجتمع لضربه بوسيلة ما، فإنها لم تكن تخطر على بالها هذه الطريقة الفتاكة التي أساء بها ساويرس لنفسه وأضر بها استثماراته.
أما بالنسبة لرقص ساويرس على السلم السياسي، وموقفه قبيل ثورة 25 يناير، ثم بعدها وفي أثنائها فنحتاج إلى تقرير آخر بما ننشره قريبًا، مع العلم أن أغلب الأقباط يحملون مرارة خاصة من ساويرس لأنه من وجهة نظر أغلبهم، لم يدافع عن قضايا الأقباط، كما أنه وبشهادة أغلب مواطني محافظة سوهاج مسقط رأس ساويرس، لم يقدم أي خدمة لمحافظته منذ بزوغ نجم عائلته في سماء البيزنس.

الشباب السلفي ساويرس ليس هو النصارى

وأنه حسب ما أعلنته كثير من الائتلافات الثورية لم يقدم من ملايينه مليمًا لأسر شهداء ثورة يناير، وغيرها من المواقف التي تجعله يخسر هذه المعركة على مستوى رجل الأعمال، وربما السياسي المستجد، ولا يخلو الأمر من بعض الدعم القبطي، ليس من الكنيسة المصرية التي تعف عن دخول معترك الطائفية، ولكن إذا كان المتشددون الإسلاميون عاملوا ساويرس على أنه ممثل الأقباط، وهو أمر لا يمت إلى الواقع بصلة، فمن الطبيعي أن يقف أغلب الأقباط بجواره في أزمة الرسوم الكاريكاتيرية، المهم أن ساويرس فاتته هنا مواءمات السياسي، وربما رجل الأعمال، إلا لو يقيم توازنًا جديدًا على مستوى البيزنس، فهو مجاله الأثير.. وليس من المهم أن ينجح في مهمة السياسي.. فالبيزنس أهم وأبقى!

الازمة

هل أعجبك هذا؟

رابط html مباشر:



التعليقات:

تعليقات (فيس بوك)
0 تعليقات (أنا قبطي)

0 التعليقات :



الأرشيف الأسبوعي

مواقع النشر الإجتماعية:

تابع الأخبار عبر البريد الإلكتروني







إعلانات ومواقع صديقة:


إحداثيات أناقبطي..

التعليقات الأخيرة

أحدث الإضافات