"الأقباط متحدون" تنشر حيثيات حكم أحقية "العائدين للمسيحية" بإثبات مسيحيتهم في "الرقم القومي"
جبرائيل: الحكم تاريخي ويوجب تنفيذه على الحالات المماثلة اكتفاء بما عانوه جراء إثبات ديانة تخالف واقع حالهم
القضاء الإداري يرد على الداخلية: الامتناع عن تنفيذ الحكم هو ما يخالف النظام العام وليس العكس
الامتناع عن تعديل ديانة الطاعن من الإسلام للمسيحية تخالف صراحة نص المادة 47 من القانون 143 دون أن يعد ذلك إقرارًا للطاعن على ردته
يجب تنفيذ الحكم لغلق أبواب لا يجوز أن تظل مفتوحة بعد ثورة يناير
على جهة الإدارة المتمثلة الكف عن مسلكها السلبي بالامتناع عن إثبات الديانة الجديدة لمن يغير ديانته ببطاقة الرقم القومي
أحكام القانون تظل سارية وواجبة الإعمال إلى أن يقضى بعدم دستوريتها
كشف "نجيب جبرائيل" -رئيس منظمة الاتحاد المصري لحقوق الإنسان- النقاب عن حيثيات الحكم في قضية أحد العائدين للمسيحية، والتي أقامها منذ خمس سنوات، بشأن حقوق العائدين إلى المسيحية، والتي أعطت للباقين الحق في إصدار بطاقة الرقم القومي بالاسم والديانة المسيحية. جاءت أسباب الحكم في الطعن رقم 33472 لسنة 60 ق إدارية عليا، والتي صدر حكمها في جلسة الأحد 3 يوليو الجاري برئاسة المستشار "مجدي حسين محمد العجاتي" -نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة- وعضوية المستشارين "أحمد عبد التواب محمد مرسي" و"عبد الحميد حسن عبود"، و"عادل سيد عبد الرحيم حسن بريك"، و"شحاته علي أحمد أبو زيد" نواب رئيس مجلس الدولة، والمقامة من "إسحق نصر وردخان بباوي" ضد كلًا من وزير الداخلية، ورئيس مصلحة الأحوال المدنية، لامتناعهما عن استخراج بطاقة رقم قومي وشهادة ميلاد باسمه وديانته الحقيقية المولود بها (المسيحية).
وقال "جبرائيل" -في بيان له اليوم- أن الحكم وصف وزارة الداخلية بأنها تتخذ مسلكًا سلبيًا، بعدم إعطاء كافة أصحاب القضايا بطاقة رقم قومي بالاسم والديانة المسيحية، كما أن الحكم وصف هذا الامتناع بإصرارها على عدم التنفيذ، بأن مسلكها غير مشروع ويزيد من معاناة المواطنين.
وأضاف البيان أن الحكم يطلب من الداخلية تطبيقه على كافة أصحاب القضايا، حتى الذين لم يحصلوا على أحكام، ويطالبها بغلق أبوابًا ما كانت لتكون مفتوحة بعد التغيرات الإيجابية لثورة 25 يناير.
وقال رئيس منظمة "الاتحاد المصري لحقوق الإنسان" أن الحكم نصك "وزارة الداخلية عند تحديها في تنفيذ الحكم على حالة بعينها، بأن مسلكها ينطوى على فهم خاطئ، ويتعين أن تعود الداخلية إلى جادة الصواب".
وقالت المحكمة في حيثيات حكمها، أنه بناء على المواد 8 و12 و47 و48 و53 و33 من القانون 143 لسنة 1994، في شأن الأحوال المدنية، ونظرًا لأهمية بعض البيانات في التعامل مع المجتمع، مثل تلك المتعلقة بالجنسية والديانة والزواج والطلاق، فقد ألزم المشرع في المادة 47 والتي تنص على "إجراء التصحيح أو التغيير في الجنسية أو في الديانة أو المهنة أو في قيود الأحوال المدنية المتعلقة بالزواج أو بطلانه أو التصادق أو الطلاق أو التطليق أو التفريغ الجسماني أو إثبات النسب بناء على أحكام أو وثائق صادرة من جهات الاختصاص" جهة الإدارة إثبات أي تعديلات تطرأ عليها دون حاجة لعرضه على اللجنة المشار لها فيى المادة 46، ما دام هذا البيان صادر من جهة الاختصاص.
وقالت المحكمة فى حيثياتها إن لفظ الديانة جاء مطلقًا دون تحديده لديانة معينة، مما مؤداه أنه يعني أية تعديلات في أي ديانة من الديانات السماوية الثلاثة، وأضافت أن الطاعن تقدم بشهادة صادرة من الجهة الدينية المختصة التي تثبت أنه أصبح مسيحي الديانة بعد أن كان يدين بالإسلام، فما كان يجوز لجهة الإدارة الامتناع عن هذا القيد بمقولة مخالفة ذلك للنظام العام، فالقيد في حد ذاته لا ينشئ مركزًا قانونيًا، لأن هذا المركز أنشئ بالفعل بمجرد قبول الطاعن ابنًا من أبناء الديانة المسيحية، والقيد ما هو إلا تقرير لواقع غير منكور ومركز قانوني تكامل قبل القيد ليعبر عن حقيقة الواقع، إعلانًا للغير بحقيقة الديانة التي يعتنقها صاحب الشأن حتى يتم التعامل معه على هذا الأساس، وذلك مثل قيد بيانات الزواج.
وقالت المحكمة في حيثياتها: "الامتناع عن قيد البيان الذي يعبر عن الحالة الواقعية للمواطن هو الذي يتصادم مع النظام العام خاصة إذا كان يتعلق ببيان الديانة إذ يترتب على ذلك إن الشخص يتعامل مع المجتمع على خلاف الدين الذي يعتنقه ويحرص على أداء شعائره، مما قد يؤدى إلى تعقيدات اجتماعية وحظورات شرعية مقطوع بها، كحالة زواج مثل هذا الشخص المرتد من مسلمة وهو أمر تحرمه الشريعة الإسلامية تحريمًا قاطعًا ويعد أصلًا من أصولها الكلية".
وأضافت: "ومن حيث أنه تفريغًا على ما تقدم فإن مسألة قيد بيان تعديل الديانة من الإسلام إلى المسيحية فى بيانات بطاقة تحقيق الشخصية لا يعد إقرارًا لهذا الشخص على ما قام به، لأن المرتد لا يقر على ردته طبقًا لمبادئ الشريعة الإسلامية، وما استقرت عليه أحكام هذه المحكمة وأحكام محكمة النقض (على سبيل المثال حكم المحكمة العليا فى الطعن رقم 599 لسنة 19 ق. عليا بجلسة 25 /1/ 1981، والطعن رقم 1359 لسنة 28 ق عليا بجلسة 27 / 11 /1965، ورقم 28 لسنة 33 ق أحوال شخصية بجلسة 19 / 1 / 1966)، وإنما يتم ذلك نزولًا على متطلبات الدولة الحديثة التي تقضي بأن يكون بيد كل مواطن وثيقة تثبت حالته المدنية، بما فيها بيان الديانة، لما يترتب على كل بيان منها مركز قانوني للشخص لا يشاركه فيه غيره، وبالتالى فإنه على جهة الإدارة أن تثبت للمواطن بياناته على نحو واقعى فى تاريخ إثباتها، ومنها بيان الديانة وما يطرأ عليه من تعديل، متى كانت من الديانات السماوية الثلاثة المعترف بها حتى تتحدد على ضوئها حقوقه وواجباته المدنية والشخصية، ومركزه القانوني المترتب على الديانة التي يعتنقها، على أن يثبت ذلك في بطاقة تحقيق الشخصية، مع الإشارة إلى ديانته السابقة كي تعبر عن معتقدات الشخص وواقع حاله".
وتابعت: "ومن حيث أنه فى ضوء ما تقدم فإن امتناع جهة الإدارة عن تعديل ديانة الطاعن من الإسلام للمسيحية، تخالف صراحة نص المادة 47 من القانون رقم 143 لسنة 1994 المشار إليها، مما يجعل قرارها بالإمتناع مخالفًا للقانون ودون أن يعد ذلك إقرارًا للطاعن على ردته وإذ ذهب الحكم المطعون فيه على خلاف هذا المذهب تعين القضاء بإلغائه، وإذ توافر ركن الجدية والإستعجال لأن القرار بحسب الظاهرمخالف للقانون ولا ريب بتوافر ركن الاستعجال استقرارًا للأوضاع للتعامل بوثيقة تحمل البيانات الحقيقية للطاعن، فإن المحكمة تقضى بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها أن يقيد ببطاقة تحقيق الشخصية أن الطاعن مسيحي الديانة.
ودعت المحكمة فى حيثياتها جهة الإدارة المتمثلة فى مصلحة الأحوال المدنية الكف عن "مسلكها السلبي" بالإمتناع عن إثبات الديانة الجديدة لمن يغير ديانته ببطاقة الرقم القومي، والذي انتهى الحكم إلى عدم مشروعيته "المسلك" وذلك بالنسبة إلى جميع الحالات المماثلة لحالة الطاعن اكتفاء بما عانوه من جراء إثبات ديانة تخالف واقع حالهم وتعاملهم مع الغير بمقتضاها، لغلق أبواب لا يجوز أن تظل مفتوحة بعدما حدث فى المجتمع من تغيرات إيجابية نتيجة ثورة الشعب في 25 ينايرمن العام الجاري.
وأضافت المحكمة إن القول بأن للحكم الصادر من المحكمة في هذا الخصوص، حجية تقتصر على محله وهو قرار جهة الإدارة السلبي المطعون فيه ولا يتعداه إلى قرار أو قرارات أخرى، لم يفصل فيها ذلك الحكم صراحة بشان الأغيار، ينطوي على فهم خاطئ لما جاء بالحكم، لأنه شتان بين الحجية النسبية وبين عودة جهة الإدارة إلى جادة الصواب، إذا ما تبين لها بمناسبة صدور حكم من المحكمة الإدارية العليا التي تستوي على القمة، أن مسلكها لا يتفق مع الفهم الصحيح للقانون، وقرارها عندئذ لن يكون تنفيذًا لحكم، ولكن باعتبارها القوامة على تنفيذ صحيح حكم القانون من تلقاء ذاتها، وأضافت أن ما قد يثار بأن الموضوع معروض على المحكمة الدستورية العليا، للفصل في مدى دستورية نصوص القانون الحاكمة له، لا ينال مما تقدم ذكره، لأنه من المقرر أن أحكام القانون تظل سارية وواجبة الإعمال، إلى أن يقضى بعدم دستوريتها.
وأنهت المحكمة الإدارية العليا حيثيات حكمها، بقبول الطعن شكلًا وبإلغاء الحكم المطعون فيه وبقبول الدعوى شكلًا، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها قيد ديانة الطاعن المسيحية ببطاقة تحقيق الشخصية وشهادة ميلاده على النحو المبين بالأسباب.
الأقباط متحدون
رابط html مباشر:
التعليقات: