|

اللواء حسن الرويني يعترف: أنا "بتاع إشاعات".. وإنه كفاءة يقدر يهدِّي ميدان التحرير ويهيِّجه.. فهل هو الذي يهدِّي مصر ويهيِّجها أيضًا؟!

كان يمكن للواء حسن الرويني قائد المنطقة العسكرية المركزية، وعضو المجلس العسكري الذي يدير شؤون البلاد الآن أن يترك لأحفاده صورة رائعة يتيهون بها على زملائهم وأصدقائهم،
جدهم يقف في ميدان التحرير بين ثوار يناير، يمسح بيديه دمعة أحدهم، وهو يكاد يذوب من الرقة والتعاطف معهم. كان يمكن له أن يظل هذا القائد الذي نزل إلى ميدان التحرير منذ اليوم 28 يناير، وحاول أن يحمي الثوار وأن يخفف عنهم ما يلاقونه من عنت النظام السابق.


كان يمكن له أن يصمت، ليحتفظ له المصريون جميعًا بصورة تحيطها هالة من الاحترام والتقديس والتوقير والعرفان بالجميل.
لكن اللواء الرويني أصر على أن يتحدث، وعندما قرر ذلك أفاض كثيرًا، للدرجة التي تتخيله فيها يجلس في حجرة بها كل القنوات التي تعرض برامج التوك شو، وكلما سمع كلمة المجلس العسكري يسارع إلى الرد والتصحيح والتفنيد، دون أن ندري هل الرجل مفوض من المجلس بهذه المهمة، فيصبح كل ما يقوله رأيًا رسميًّا لجنرالات المجلس، أم أن ما يفعله اجتهاد شخصي، لا يمكن لأحد أن يحاسب المجلس عليه.
دع عنك جانبًا اتهام اللواء الرويني لجماعة 6 أبريل وحركة كفاية بالحصول على أموال من الخارج تمويلاً وتدريبًا، فهي قضية وصلت إلى مكتب النائب العام من خلال بلاغات تقدم بها أعضاء من الجماعتين، لكن المفزع كان ما قاله الرويني عن نفسه وعما كان يفعله في ميدان التحرير.
كان اللواء الرويني يتحدث مع دينا عبد الرحمن قبل يوم واحد من الإطاحة بها من قناة دريم، أراد أن يبدو أمام الرأي العام مدركًا مستوعبًا خطر الشائعات التي يطلقها البعض، وحتى يؤكد كلامه قال لدينا قولاً ونصًّا: "احنا في الميدان من يوم 28 يناير، لما كنت باحب أهدِّي الميدان كنت أطلع إشاعة، مثلاً قبضوا على أحمد عز وحوِّلوه لمحكمة الجنايات، الميدان يهدا، قبضوا على وزير الداخلية فالميدان يهدا، أنا عارف مدى تأثير الإشاعات في جموع ثورية، وأنا عارف إزاي أهدِّي الميدان، وإزاي أهيِّجه".


اللواء الرويني.. مصدر الإشاعات وخطورة التلاعب بها





ما قاله اللواء الرويني اعتراف بجريمة مكتملة الأركان، ومن المفروض أن يحاكم عليها، لكن المشكلة أننا لا نعرف من الذي يمكن أن يحاسبه على هذا الكلام، فالرجل يعترف أنه بتاع إشاعات، وكان يستخدمها من أجل السيطرة على الميدان، وهي سيطرة لم يكن مقصودًا بها إلى إخضاع الميدان ومن فيه وجعلهم ينصرفون ويعودون إلى بيوتهم، وهو ما طلبه الرويني بنفسه من ثوار التحرير في 5 فبراير، أي بعد موقعة الجمل بـ3 أيام فقط، قال لهم: ارجعوا إلى بيوتكم لنحافظ على ما تبقى من مصر.
لا تتوفر عن اللواء الرويني معلومات كافية تمكننا من فهم دوافعه فيما يفعله أو يقوله، خاصة أن كل ما يصرح به الآن يأتي عصبيًّا ومنحازًا للمجلس العسكري ومبتعدًا عن شباب الثورة ومن قاموا بها، فالرجل كان مديرًا لمعهد المشاة، ثم تولَّى بعده قيادة المنطقة الشمالية، ومنها إلى قيادة المنطقة المركزية.
في حياة الرويني مجموعة من الوقائع والأحداث التي يمكن أن تكون ذات دلالة.
فطبقًا لموسوعة ويكبيديا فإن اللواء الرويني وبوصفه قائد المنطقة العسكرية المركزية كان قد قام بالتوقيع على أحكام المحاكمة العسكرية التاسعة للإخوان، وهي المحاكمة التي جرت على هامش القضية رقم 2 لسنة 2007 جنايات عسكرية والتي حكم فيها على 25 من قيادات جماعة الإخوان المسلمين وعلى رأسهم خيرت الشاطر وحسن مالك بالسجن لمدد تتراوح بين ثلاث وعشر سنوات بتهمة غسيل الأموال والانتماء إلى جماعة محظورة.
وبصفته قائدًا للمنطقة العسكرية المركزية أيضًا أنابه المشير طنطاوي يوم 25 يناير وهو اليوم الذي تفجَّرت فيه الأحداث – وبمناسبة عيد الشرطة – ليضع إكليلاً من الزهور على النصب التذكاري لشهداء الحروب، وهو تقليد تقوم به القوات المسلحة كل عام.
كان الرويني ورفاقه إذن جزءًا من نظام الرئيس مبارك.
لكن ومع ذلك لا يمكن أن ينسى لهم الشعب المصري أنهم خلعوا أنفسهم من هذا النظام الفاسد وساندوا الثورة وقاموا بحمايتها، وهبطوا إلى أرض المعركة ليديروا شؤون البلاد، لأنه لم تكن هناك أي قوة قادرة على إدارة شؤون البلاد.


تعليق محمود سعد عن المحاكمات العسكرية ورسالة إلى اللواء الروينى



الأخطر من ذلك كله وهو ما يجب أن يجيب عنه اللواء الرويني الآن- وتحديدًا بعد ما قاله عن تعمده صناعة الشائعات في الميدان، وهو أمر يعكس استخفافًا حادًّا بالمتظاهرين، وما قاله أيضًا عن عمالة وتخوين شباب 6 أبريل- هل الرجل ومن ورائه المجلس العسكري يقتنع فعلاً أن ما قام في مصر كان ثورة أم لا، وكيف ينظر إلى من قاموا بالثورة، هل هم ثوار بالفعل أم أنهم مجموعة من الانقلابيين الذين حصلوا على تمويل من الخارج لقلب نظام الحكم في مصر.
لا أعرف كيف فات على اللواء الرويني وهو يتحدث عن التخوين والعمالة والتمويل، أنه بذلك يدين نفسه، فلو أن ما قام في مصر ثورة فعلاً وهي ثورة ناجحة، فإن هؤلاء الشباب – حتى لو حصلوا على تدريب في الخارج – سيتحوَّلون إلى قادة وزعماء وعظماء، لو أن الثورة فشلت فإن هؤلاء الشباب لن يكونوا إلا مجموعة من الخونة والمرتزقة ولا بد من تأديبهم ومحاكمتهم والانتقام منهم.
وطالما أن اللواء الرويني يتهم ويخوِّن ويريد محاكمة الشباب الذي شارك في الثورة، فإنه بذلك يعترف أن نظام مبارك لم يرحل وأنه لا زال باقيًا – مبارك لم يكن إلا رأسه فقط – والآن النظام الذي لم يسقط ينتقم ممن ثاروا عليه وحاولوا إسقاطه، وهو مأزق أعتقد أن اللواء الرويني وضع نفسه ومن ورائه المجلس العسكري كله فيه. أما المأزق الثاني والذي أعتقد أنه أكثر خطرًا وحرجًا للمجلس العسكري، فهو اعتراف اللواء الرويني بأنه رجل يجيد صناعة الشائعات، ويعرف جيدًا مدى تأثير هذه الشائعات في الجموع الثائرة، وقد استخدم سلاح الشائعات في التعامل مع ميدان التحرير، فهو وكما اعترف أيضًا، كان يعرف كيف يهدِّئ الميدان وكيف يهيِّجه.


مكالمة اللواء الرويني على الجزيرة مباشر



فمن حق من يستمع إلى اعتراف الرويني أن يوسع الدائرة، ويخرج من ميدان التحرير إلى مصر كلها، فما الذي يمنع الرويني أن يصنع الشائعات الآن، ويروِّج لها من أجل أن يتعامل مع مصر الثائرة كلها، ما الذي يجعله يتراجع عن اعتقاده بأنه يعرف كيف يهدِّئ مصر كلها وكيف يهيِّجها أيضًا.
في مداخلة له – والمداخلات كثيرة – مع قناة الجزيرة مباشر مصر، قال الرويني وهو يرسم ما يشبه خريطة انهيار مصر، والكلام مرة ثانية قولاً ونصًّا: "ميدان التحرير، إغلاق مجمع التحرير، إعلان حالة العصيان المدني، تهديد مترو الأنفاق، تهديد البورصة، نيجي لقناة السويس، الاعتصامات أمام مبنى الإرشاد، القبض على 4 أجانب بيحاولوا يصوروا بالقرب من قناة السويس، تعدي شرق القناة تلاقي تفجير خط الغاز للمرة الرابعة، نتحرك شوية في اتجاه الجنوب تلاقي ميناء العوجة البري بيغلق، تروح إسكندرية تلاقي 2 أجانب بيصوروا، تيجي هنا في القاهرة تلاقي واحد أجنبي واقف على كوبري 6 أكتوبر وبيصور المنطقة العسكرية المركزية".
أي مما قاله اللواء الرويني يمكن أن نعتبره حقيقة، وأيها يمكن أن نعتبره شائعة، لقد أهال الرجل التراب على مصداقيته، وهو ما يجعلنا ننظر بعين الريبة إلى كل ما يقوله، اللهم إلا إذا تبرَّأ مما قاله ومنحنا فرصة أن نعيد النظر إليه من جديد.
أعرف أن اللواء الرويني يستعين بمستشارين سياسيين له، أو كما قال هو لمجموعة من الأصدقاء إنهم يعلمونه سياسة، ويعملونه كيف يتعامل مع وسائل الإعلام المختلفة، لكن يبدو أن المجموعة التي ينصت لها اللواء الرويني ليست على مستوى المسؤولية، ولذلك يقع الرجل في أخطاء فادحة.
هل تعرفون الخطأ الأكبر الذي وقع فيه اللواء الرويني، أنه بكلامه عن التخوين جعل الجيش كله في مواجهة مع مجموعة من الشعب، فلا يأتي ذكر 6 أبريل الآن إلا ويأتي ذكر الجيش، وكأنهما في كفتين متساويتين، فهل يعرف الرويني فداحة أثر ذلك، وعندما تحدَّث عن نفسه لرجل الشائعات الأول، أفقدنا جميعًا الثقة في كل ما يصدر من المجلس العسكري.


زيارة اللواء حسن الرويني - لميدان التحرير



ويا سيدي اللواء من فضلك التزم الصمت، وإذا أردت أن تتحدث فليكن من خلال متحدث رسمي، ولا داعي لأن تورد نفسك مواطن الزلل، فنحن نحبك ونقدِّر لك ما قدمته للثورة، ويعز علينا أن تخسر كل ما ربحته بسبب كلمة.
الأزمة

هل أعجبك هذا؟

رابط html مباشر:



التعليقات:

تعليقات (فيس بوك)
0 تعليقات (أنا قبطي)

0 التعليقات :



الأرشيف الأسبوعي

مواقع النشر الإجتماعية:

تابع الأخبار عبر البريد الإلكتروني







إعلانات ومواقع صديقة:


إحداثيات أناقبطي..

التعليقات الأخيرة

أحدث الإضافات