|

مدحت بشاي يكتب .. الأقباط متحدون والإعلام الديني


«الأقباط متحدون» موقع على الشبكة العنكبوتية ذائع الصيت لصحيفة الكترونية، وهو من المواقع غزيرة الاستخدام من قبل كل المهتمين بشأن الحالة الدينية على أرض المحروسة.. يقول القائمون على إدارته وتشغيله إن الموقع تم تأسيسه على يد مجموعة من التقدميين التنويريين الليبراليين المهتمين بالقضية القبطية، وقد بدأ هذا العمل في عام 2004 إثر مؤتمر زيورخ الذي أقيم في 23 سبتمبر 2004، وكانت بداية الموقع بهدف عرض أخبار ونتائج وقائع المؤتمر، ثم تطور تدريجياً ليصبح صحيفة إلكترونية يرى محرروها أن أهم أدوارها التركيز على هموم الوطن والمواطن بشكل عام، وهموم الأقباط بشكل خاص، في محاولة جادة لإخراج الأقباط من دوائر الظلم الذي تعمد النظام البائد أن يضعهم فيها.
في خطوة غير مسبوقة وغريبة من قبل إدارة الموقع بالقاهرة، تم توجيه دعوة لكاتب السطور لحضور ندوة موضوعها «مصر بين السماحة والتعصب»، والغرابة قد تعود لسابق العلاقة بيني والموقع في عصر زعيمه الروحي الراحل عدلي أبادير، حيث لم يكن لصاحب أي وجهة نظر إصلاحية في مجال الإدارة الكنسية وإعادة تنظيم البيت المسيحي أن يسلم من معلقات شتائمه الشهيرة، وهجومه الشرس إلى حد الاتهام بالخروج من الملة وإطلاق التسمية الشهيرة التى ابتدعها أبادير عليهم «اليهوذات» نسبة إلى تلميذ السيد المسيح «يهوذا الاسخريوطي» الذي خانه بقبلة الغدر، بتصور خاطئ أنه بذلك يدافع عن الكنيسة والمسيحية، ولم يدرك الفرق بين الدفاع عن حفنة قليلة من رموز الكنيسة ترتكب أخطاء والكنيسة بيت المؤمن والمسيحية التي لا تنتظر من يدافع عنها بعد أن عاشت أكثر من 20 قرناً محفوظة ومصونة رسالة للسماحة والحب، وأن الرعاة في النهاية بشر أوصاهم السيد المسيح ألا يُصلوا بالناس قبل أن يسألوهم الغفران إن كانوا قد أخطأوا في حق أحدهم ، ومن ثم يكون السماح بالشروع في أداء طقوس صلاة القداس.
ولكن الرجل – والحق يُقال – أدرك ذلك الفرق الجوهري عندما دخل في معركة مع أسقف شهير، ولكن هذه المرة لم يستخدم أبادير مفرداته العادية في الهجوم، بل الأقسى منها إلى حد لا يمكن حتى الإشارة لمعناها وإلا تم منع المقال من النشر، وبعدها هدأت موجات هجوم الموقع على كتابات العبد لله وأمثالي من أصحاب الاجتهادات للأخذ بيد الكنيسة للعودة لدورها الروحي، وفي مرحلة تالية للخروج بها إلى الوطن لتلعب دورها الوطني (الوطني وليس السياسي)، فتاريخ الكنيسة الوطني لا ينبغي السماح بتشويهه.
ومن وجهة نظري أن المدير الحالي لتلك الصحيفة «عزت بولس» ومديرة التحرير «باسنت موسى» قد غيروا فلسفة ونظم أداء وأهداف الموقع.. الموقع الآن للجميع وليس لأقباط الخارج فقط.. والعمل الآن يتم بموضوعية في معالجة الأزمات الطائفية دون الاكتفاء ببكائيات النواح، أو معلقات التهديد بمؤتمرات في بلاد الفرنجة، ورفع الأمر إلى أولي الأمر في العالم وكأننا دولة صغيرة غير مستقلة، في تفهم عبيط وقراءة غير منطقية لتاريخ شعب عريق !
لقد توجه عزت بولس للحوار الطيب مع كل شركاء الوطن عبر استضافتهم على شاشة فيديو الموقع، ومن خلال تنظيم ندوات وأنشطة تنشر الحب والسلام، بدلاً من توسيع الفجوات بين الناس، ودون تفريط في حقوق المواطنة المنقوصة بالنسبة للمواطن المصري المسيحي، وحقه في إعلام يتناول ثوابت عقيدته ويُعرف شريكه في الوطن بها، وعبر دعم من ينادون بإعداد نظم تعليمية وثقافية وتربوية لا تُسقط من التاريخ المصري حقب الأقباط وإنجازاتهم الحضارية التي تواصلت مع حضارة الفراعنة، ومنها إلى الحضارة الإسلامية.. تراكم حضاري بديع لا ينبغي أن يخسر الوطن والمواطن الإحساس بحالة البناء المتواصل لحضارة عبقرية.
أعود للندوة التي تحدث فيها: م. يوسف سيدهم رئيس مجلس إدارة جريدة وطني ود. ميشيل فهمي الكاتب، والكاتبة الصحفية إقبال بركة وإيليا ثروت باسيلي: المدير التنفيذي لفضائية سي تى في.. وقد طرحت على سيدهم وباسيلي علامات الاستفهام التالية:
ماذا عن حالة تراجع دور الجريدة التثقيفي والتنويري، لحساب زيادة هائلة في إعلانات الكنيسة النفاقية مدفوعة الأجر.. لاتنوع في اتجاهات الكتابة، وتغطيات غير كافية للأحداث الوطنية الأهم ؟
لماذا إعلان هذه الحالة من الخوف بعد تغطية الجريدة لأحد مؤتمرات التيار العلماني (العلمانيين هم غير أصحاب الرتب الكهنوتية والدينية)، وبعدها كان الامتناع عن معاودة التجربة حتى لاتغضب الكنيسة وتذهب إعلاناتها الممولة للمشروع الاستثماري لجريدة ما كانت في السابق تنتظر هذا المقابل؟!
هل وصل حال الجريدة لأن تكون مجرد نشرة كنسية حافلة بمقالات روحية لرموز الكنيسة؟
لماذا تخاف وتخشى قنوات الكنيسة الفضائية من استضافة أصحاب الرؤى الإصلاحية، وبشكل خاص عبر البرنامج الناجح «في النور» ومن خلال الأداء الجيد من جانب مقدميه، وإلى حد ملل المشاهد من وجوه توافق فقط ما من شأنه الفوز برضا الكنيسة؟
لماذا لا تبادر برامج القنوات المسيحية بمناقشة الأعمال الفنية والدرامية التي أثارت الجدل فيما مضى إلى حد قيام كهنة بمظاهرات رفض برؤية أحادية متشنجة، وأنه قد آن الأوان لإدارة حوار داخل البيت المسيحي حول دور الفن والإعلام لبث مفاهيم متوازنة معتدلة لتقديم رسالات السماحة التي تناقشها تلك الندوة الهامة ، فمتى نقيم الحوار؟
أعرب بعض الحضور وأوافقهم رغبتهم في تغيير مسمى «الأقباط متحدون»، خصوصاً أن أهداف الموقع المعلنة على صفحاته لاتتحدث عن جهود لدعم الوحدة بين الطوائف المسيحية على سبيل المثال، ومن جانبي أقترح مسمى «أقباط أون لاين» تيمناً بمسمى «إسلام أون لاين» في نسخته الأولى البعيدة عن كل الرؤى المتشنجة، والذي كان للراحل «عادل القاضي» الدور الأهم في إدارته، ما رشحه لإدارة بوابة الوفد الالكترونية مع زميله الكاتب الصحفي عادل صبري، ولسبب آخر أن «الأقباط متحدون» بالفعل موقع دائماً «أون لاين» أشكر لقيادات «الأقباط متحدون» تصويب المسار والتفاعل الطيب مع فرضيات الواقع.
أما عن إجابات رئيس «وطني» ورئيس «فضائية سي تى في»، فكنت أتمنى أن يصمتا خيراً من إطلاق إجابات وتصريحات شديدة الخطورة تشي بحالة غياب تام عن واقع بلاد قرر شعبها أن يثور، ولن أزيد فما قيل لا يسمح بإقامة حوار منطقي!!
إنني أوافق الكاتب الموضوعي والمحلل الدقيق أحمد لاشين فيما ذهب إليه أن الإعلام الطائفي يعتمد على عنصرين أساسين، أولهما تجميل الذات إلى أبعد حد ممكن، ثانياً نفي الآخر وتكفيره وإخراجه من دائرة الرحمة الإلهية، وأننا في مصر لدينا ميراث طويل متأصل في كياننا الاجتماعي حول وهم امتلاك الحقيقة، خاصة حينما تتعلق الأمور بالشأن الديني، فتتوهم كل جماعة منتمية إلى أي مذهب أو دين بأحقيتها المطلقة في الوجود وفناء الآخر.

هل أعجبك هذا؟

رابط html مباشر:



التعليقات:

تعليقات (فيس بوك)
0 تعليقات (أنا قبطي)

0 التعليقات :



الأرشيف الأسبوعي

مواقع النشر الإجتماعية:

تابع الأخبار عبر البريد الإلكتروني







إعلانات ومواقع صديقة:


إحداثيات أناقبطي..

التعليقات الأخيرة

أحدث الإضافات