|

المتشددون و اللحية…


أيهما أخطر سوء نية (مع علم) أم جهل ( مع سلامة نية ) ؟ لنعط سكين لرجلين أحدهما سئ النية يكرهني و سيطعنني دون أن يضر نفسه أو أن يقتلني، و الآخر جاهل لا يعلم كيف يمسك بالسكين و لا أين و كيف تكون الطعنة…سئ النية سيصيبني بالضبط كما أراد دون موتي… أما الجاهل فطعنته ممكن أن تقتلني وبذلك فقد أضرني و أضر نفسه…هذا ليس مدخل لموضوع قانوني أو طبي تشريحي بل مدخل لموضوعين صادمين قد قرأتهما أمس بوصفان الحالة الثانية… و حتى أكون أكثر أدبا فهو ليس جهل نقص العلم بل جهل لسوء تقدير و تقييم…

أما الموضوع الأول: كان في جريدة الشروق، و عنوانه” المفتى فى أحدث كتبه (المتشددون):السلفيون عائق حقيقى أمـام التقدم والإصـلاح”…يتحدث د.على جمعة في هذا الكتاب عن أصحاب الفكر المتشدد من التيار السلفي و يصفهم بالمتشددين و أن هذا الفكر خطير و عائق في طريق الإصلاح و التقدم في مصر و على النخبة الفكرية و الإسلامية مواجهة هذا الفكر و التصدى له و خاصة بعد أن احتلوا الساحة أثناء ثورة 25 يناير و بعدها.

د.على جمعة شيخ جليل له فضل على المسلمين في العالم الإسلامي أجمع كما أن السلفيين منهم المتشدد و منهم المعتدل الورع مثل الشيوخ الأفاضل محمد حسان و محمود المصري و مما لا شك فيه أن د.على جمعة قد أراد من وراء هذا الكتاب ” درء مفسدة التشدد لجلب منفعة الإعتدال”…لكن للأسف د.على جمعة لم يٌحسن توظيف الفكرة في الوقت الحالي فما كان إلا أنه سجل بذلك موقف بينه و بين السلفيين و بين السلفيين و الفكر الصوفي الذي ينتمي إليه الشيخ، و لم يدرك تداعيات الموقف و ما يشهده المجتمع المصري حالياً من انفتاح غير مشروط و ما يقابله من انغلاق فكري و تخوين و انقسامات و انعدام ثقة ( وضع طبيعي لكبت دام 30 عاماً)…فتحوَل الأمر من محاولة لدرء مفسدة التشدد إلى جلب مفسدة الانقسام و الصفوف…إذن نية سليمة مع سوء تقييم…

أما الثاني : فكان خبر في موقع العربية :”أطلقها شباب ينتمون للتيار السلفي على الفيسبوك جدل بين دعاة مصريين حول حملة لإطلاق "مليون لحية” قبل رمضان”…إن اللحية سنة لا جدل و لا جدال في ذلك و سمعت د.محمد هداية يقول أنها سنة تصل إلى حد الفرض…لكن حقا ليست هذه القضية… الأهم الآن إلى أين نحن ذاهبون؟ فقد تعددت الأراء :د.على جمعة و د.سالم عبد الجليل رأوا أن هناك ما هو أهم من ذلك في هذه المرحلة فهذه مرحلة بناء… أما الشيخ حسان و عبد المنعم الشحات أثنوا على الفكرة دون إضافة…
و بدأ الشباب في التراشق بين مؤيد ومعارض و داعي للبناء… الرأي الأخير سليم لكنه ليس مكتمل… السؤال لمشايخنا موجهينا و لأنفسنا:هل تقوم أمة وتحيا بمليون لحية أم بمليوني يد عاملة و مليون عقل مفكر عابدين ذاكرين الله ؟هناك نقص وعى إسلامي بشأن دور المسلم و توظيفه في المجتمع و ما نتج عنه من فصل بين دور المسلم العابد و المسلم العامل …
لماذا لا ينصحنا الشيوخ بمليون لحية و لسان عبادةً لله معهم فكرة لأيدي تعمل و تبني ؟ هذه قصة درسناها جميعا و نحن صغار لكن يبدو أننا لم نعي أهميتها أو أننا اعتادناها ففقدنا فحواها:” دخل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب المسجد في غير وقت صلاة مكتوبة فوجد رجلين يدعوان الله تعالى فقال لهما ما تفعلان وقد خرج الناس كلا الى عمله فقالا إنا المتوكلون على الله . فزجرهما. وقال أنتم المتواكلون على الله أما علمتم أن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة وأخرجهما من المسجد وأعطاهما كيلا من الحنطة وقال لهما فازرعا وتوكلا على الله”…إذن نية سليمة مع سوء تقدير لمتطلبات المرحلة و جهل لدور المسلم العابد العامل…

بعد هاتين القراءتين… ما الحل إذن… الحل أن نضع خارطة طريق جديدة لدور المصري المسلم…عنوانها ” مصري مسلم عابد عامل”…و الأدوار مقسمة فيها ما بين نخبة و شعب… نخبة ممثلة في الشيوخ و أصحاب الفكر و العلماء، أولويات دورهم في خارطة الطريق أن يعيدوا حساباتهم فيما يقدمون و أن يكون محركهم الأساسي هو سد الانشقاق ثم البناء: الفكري و الأخلاقي… و إذا أرادوا درء مفسدة فعليهم أولاً تقديم المنفعة… أما أنت يا خليفة الله ” إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً”…فعليك بقتل شيطانك… و راقب و حاسب أعضاءك..فيا عين لا تحقري أحد… ويا لسان لا تسئ لأحد… ويا أيدي إياكي وفتنة أحد…و إذا كانت المليونية غايتنا، فلتكن مليونية مصري مسلم عابد عامل هي مليونية للسان يذكر الله مرة و يحدث أخاه بالخير مرة… مليونية لأعين تغض البصر و أعين تراقب أهداف بناء مصر…مليونية لأيدي تستخدمها ل ” شير في الخير ” على النت و في تنظيف شوارع مصر…

أيها المسلم المصري فلتعلم أنك كالغيث أينما حللت نفعت… فالنفع في حياتك هي حالة مستمرة مستقرة، فلتحيا متفاعل مع أمتك وبيئتك وأهلك ووطنك ، دائماً تقدم النفع، راجياً عفو ربك وأجره وجنته…
اللهم انفعنا و انفع بنا…و استخدمنا و وفقنا لما تحب و ترضى من صالح القول و العمل

الجريدة (خاص) – كتبت ناريمان ناجى

هل أعجبك هذا؟

رابط html مباشر:



التعليقات:

تعليقات (فيس بوك)
0 تعليقات (أنا قبطي)

0 التعليقات :



الأرشيف الأسبوعي

مواقع النشر الإجتماعية:

تابع الأخبار عبر البريد الإلكتروني







إعلانات ومواقع صديقة:


إحداثيات أناقبطي..

التعليقات الأخيرة

أحدث الإضافات