|

محرر "الوفد" ‬يبيع المخدرات في عز الضهر


»‬البلد سايبة« ‬عبارة ربما تكون قد سمعتها من قبل، ‬ولكن أحدا لم ‬يقل لنا الي ‬أي ‬مدي ‬وصل هذا »‬السيبان«!‬ < ‬الشرطة مازالت ‬غائبة.. ‬جملة بالتأكيد سمعتها ولكن ما مدي ‬تأثير هذا الغياب؟ سؤال لم ‬يجب عنه أحد.‬
< ‬الأمن في ‬مصر مفقود.. ‬كلام تردد بكثرة ولكن الي ‬أي ‬مدي ‬وصل افتقادك للأمن؟ سؤال آخر لم ‬يجب عنه أحد.‬

وما لم ‬يقله أحد من قبل أجبت عنه بشكل عملي ‬من خلال تحقيق صحفي ‬استمر تنفيذه ‬48 ‬ساعة متصلة.‬
رافقني ‬في ‬التحقيق »‬دولاب السعادة« ‬بانجو وحشيش وهيروين وسرنجة وكانت النتيجة مرعبة ومخيفة.. ‬وإليكم الحكاية من البداية:‬
قبل أن أبدأ تنفيذ هذا التحقيق الصحفي ‬انتابني ‬صراع شديد داخلي ‬بين شعورين أحدهما ‬يحذرني ‬مما أنا مقدم عليه، ‬والثاني ‬يدفعني ‬دفعا الي ‬التنفيذ.‬
شعور الحذر كان ‬يهتف داخلي ‬بأن ما سأقدم عليه ‬ينطوي ‬علي ‬مخاطر لا حدود لها، ‬وأنني ‬سأخوض تجربة لا أدري ‬الي ‬أين ستأخذني ‬أحداثها وربما أجد نفسي ‬مقبوضا عليّ ‬بتهمة حيازة مخدرات أوالاتجار فيها وعندها قد تتم إحالتي ‬لمحاكمة عسكرية وما أدراك ما المحاكمة العسكرية؟!‬
شعور الحذر لم ‬يكن ‬يخشي ‬القبض عليّ ‬فقط وإنما ‬يخشي ‬أيضا تجار المخدرات فماذا اذا اخترقت منطقة نفوذ أحدهم بالتأكيد سأكون ضحية للطشة مطواة أوضربة سنجة أو طعنة خنجر وربما تخترق رأسي ‬رصاصة طائشة من أحد ميليشيات تجار المخدرات!‬
تخيلت هذا كله وانتابني ‬شعور جارف بأن حدوثه وارد جدا ورغم ذلك قررت خوض التجربة وقلت إن المخاطرة كبيرة فعلا ولكن ما سأكشفه في ‬نهاية التحقيق الصحفي ‬يستحق التضحية والمخاطرة.‬
وبدأت تنفيذ التحقيق وأنا أتمتم: »‬قل لن ‬يصيبنا إلا ما كتب الله لنا«‬، ‬وكانت البداية تتطلب أن أعرف أسماء كل المخدرات المتداولة في ‬مصر وسعر كل منها وأعرف أيضا أهم أوكار تجارة المخدرات في ‬القاهرة حتي ‬أبتعد عنها بقدر الإمكان. ‬ولكي ‬أعرف ذلك كله طفت علي ‬كثير من المقاهي ‬وتعرفت علي ‬عدد ممن ‬يتعاطون المخدرات وقدمت نفسي ‬اليهم علي ‬أنني ‬حديث العهد بالإدمان أبحث دائما عن الجديد في ‬دنيا المخدرات.‬
جلست علي ‬مقاهٍ ‬في ‬وسط القاهرة وفي ‬شرقها وغربها وتمكنت من كسب ثقة بعض متعاطي ‬المخدرات ففتحوا أمامي ‬أسرار هذا العالم.‬
قلت لأحدهم: ‬أنا عايز أشتري ‬حشيش؟
فقال: ‬وإيه المشكلة »‬الدواليب« ‬في ‬كل حتة.‬
قلت: »‬دواليب« ‬إيه؟
فقال: »‬دواليب« ‬المخدرات.. ‬إيه انت صحيح جديد في ‬الكار ‬يقصد تعاطي ‬المخدرات.. »‬الدولاب« ‬يا سيدي ‬هوالمكان الذي ‬يتم من خلاله بيع كل أصناف المخدرات.‬
قلت: ‬واشمعني ‬اختاروا اسم »‬دولاب«‬
فقال مندهشا: »‬الدولاب« ‬اسم معبر جدا.. ‬زي ‬الدولاب ما فيه ملابس من كل شكل ولون وحجم سترات وتشيرتات وجلاليب وملابس أطفال ورجال وستات.. ‬ودولاب المخدرات فيه كده برضه.. ‬حشيش وبانجو وبرشام وسرنجات.‬
عدت أسأله: ‬وفين أهم »‬الدواليب« ‬دي؟
فقال كتيرة جدا.. ‬في ‬المطرية دولاب »‬الجدة« ‬بجوار قسم المطرية مباشرة! ‬ودولاب »‬سكينة« ‬بالقرب من جامع عمرو بن العاص وفيه دواليب أخري ‬في »‬بطن البقرة« ‬و»أبوالسعود« ‬علي ‬الأوتوستراد والمدبح في ‬السيدة زينب وعزبة خيرالله وقايتباي ‬بالدراسة وخلف مبني ‬التليفزيون بولاق ابوالعلا والشرابية وجسر البحر وروض الفرج وشركس وسيدي ‬حمادة ودرب المهابيل بشارع محمد علي ‬والخرنفش بالجمالية والشعراوي ‬وسوق الليمون بباب الشعرية والجيارة ومجري ‬العيون بمصر القديمة والنهضة والسلام ومنطقة المقلب بجوار المقطم وبجوار مصنع العلف بالزاوية الحمراء.‬
وقبل أن ‬يسترسل قاطعته قائلا: ‬كل ده.‬
فقال: ‬لسة كتير.. ‬دواليب المخدرات أكثر من أكشاك بيع السجاير!‬
والأسعار؟
قال: ‬زادت شوية في ‬الأيام الأخيرة.. ‬ورقة البانجو بـ10 ‬جنيهات والحشيش بـ120 ‬جنيها وحبة »‬التامول« ‬بـ5 ‬جنيهات وشريط »‬الترمادول« ‬وصل لـ35 ‬جنيها وشريط »‬ايموترل« ‬وصل ‬60 ‬جنيها.‬
وبعد أن استجمعت كل هذه المعلومات بدأت المغامرة وصممت »‬دولاب« ‬لمخدرات أطلقت عليه اسم »‬دولاب السعادة«.. ‬وعلي ‬ورقة كبيرة كتبت أسماء مخدرات مختلفة وأمام كل اسم كتبت السعر وحرصت أن تكون الأسعار أقل من أسعار السوق المحلي ‬لعلي ‬أجتذب الزبائن.‬


لصقت ورقة الأسعار علي ‬أحد جوانب كرتونة كبيرة الحجم وجاء دور ملء الدولاب ـ أقصد الكرتونة ـ بأصناف مختلفة من المخدرات.. ‬فكرت أن أشتري ‬ما أريد من مخدرات وأضعها في ‬الدولاب الذي ‬سأطوف به شوارع القاهرة وبالفعل جهزت مبلغا ماليا كبيرا ‬يكفي ‬لشراء كميات قليلة من أصناف مختلفة من المخدرات، ‬وفي ‬آخر لحظة تراجعت عن هذه الفكرة لسبب جوهري ‬وهو أنني ‬لا أسعي ‬الي ‬ترويج المخدرات وإنما هدفي ‬هو قياس رد فعل رجال الشرطة والمواطنين تجاه شخص ‬يروج جهارا للمخدرات في ‬شوارع القاهرة، ‬ولهذا اكتفيت بأن أحضر أشياء تتطابق في ‬شكلها ولونها ورائحتها مع المخدرات ولكنها ليست مخدرات.‬
علي ‬سبيل المثال عجنت الحنة بالماء وخففت العجينة فصارت أشبه ما تكون بالحشيش وبطرق شبيهة حصلت علي ‬مايشبه الأفيون والبانجو وطحنت عدة أقراص مخدرة فحصلت علي ‬تقليد الهيروين.‬
ووضعت داخل الكرتونة كل هذه المواد وبدأت أطوف شوارع القاهرة حاملا دولاب السعادة!‬
وبالصدفة كان أول من وقعت عيناه علي ‬الدولاب إياه في ‬شارع التحرير بالدقي.. ‬شاب في ‬بداية الثلاثينيات وبمجرد أن شاهد الورقة الكبيرة الملصقة علي ‬جانب الكرتونة التي ‬تتضمن أسماء المخدرات وأسعارها اتسعت حدقت عينيه وقال: ‬إنت بتبيع إيه؟
فقلت: ‬وأنا أشير بيدي ‬الي ‬الإعلان الملصق علي ‬الكرتونة: ‬أبيع مخدرات ومعي ‬كل الأصناف وبأسعار خارج المنافسة.. ‬تعال شوف.‬
فقال: ‬بس انت قديم أوي؟
قلت: ‬مش فاهم
قال: ‬انت بتبيع الحشيش بالقرش »‬وكان الإعلان المكتوب علي ‬كرتونة المخدرات ‬يقول إن قرش الحشيش بـ60 ‬جنيها«.‬
قلت: ‬أُمّال الحشيش بيتباع ازاي؟
فأجاب: ‬بالصباع.. ‬القرش ده انتهي ‬من زمان وكمان مفيش حد بقي ‬يقول »‬حقنة ماكس« ‬دلوقتي ‬اسمها حافظة ماكس وكمان مفيش حاجة اسمها »‬باكتة بانجو« ‬ده كلام لايقوله إلا الناس اللي ‬ملهاش في ‬الحكاية خالص ده بقي ‬اسمها »‬تمن بانجو«.‬
قلت: ‬خلينا في ‬المهم تشتري.. ‬فقال: ‬أنا أشتري ‬مخدرات أعوذ بالله منها ‬ياراجل.. ‬ثم تركني ‬وانصرف!‬
حملت »‬دولاب السعادة« ‬وطفت عددا من شوارع منطقة شبرا وعرضت بضاعتي ‬ـ أقصد المخدرات ـ علي ‬المارة في ‬الشارع وعلي ‬الجالسين علي ‬المقاهي ‬وانحصرت ردود أفعال الناس في ‬الابتسام والدهشة والبعض كان ‬يقول ‬يا نهار اسود هي ‬حصّلت بيع المخدرات في ‬الشارع الظهر، ‬وفريق رابع مكان ‬يصورني ‬بكاميرا موبايله كأن ما أقوم به حدث تاريخي ‬يستحق التسجيل وفريق خامس كان ‬ينظر اليّ ‬غاضبا ويقول بعد أن ‬يمر من أمامي ‬ربنا علي ‬الظلمة.. ‬حسبنا الله ونعم الوكيل.‬
ولم ‬يفكر أحد منهم في ‬أن ‬يعترض طريقي ‬أو ‬يهددني ‬بإبلاغ ‬الشرطة ولو علي ‬سبيل التهديد، ‬وفجأة وجدت نفسي ‬بالقرب من قسم شرطة شبرا بشارع أرض الطويل وعلي ‬بعد عدة أمتار من قسم الشرطة وقفت رافعا دولاب السعادة وظللت علي ‬هذه الحال لفترة من الزمن فلم ألفت انتباه أحد من رجال الشرطة! ‬ولما بلغ ‬بي ‬التعب مبلغه وضعت دولاب السعادة وإعلان بيع المخدرات فوق عربة »‬البوكس« ‬الخاص بقسم الشرطة والتي ‬تحمل لوحة معدنية برقم ب٣١/٥٣٣٥ ‬وظللت واقفا لفترة أخري ‬من الزمن دون أن ‬يسألني ‬أحد من المارة أو من رجال الشرطة »‬بتعمل إيه«؟!‬
تركت شبرا وتوجهت الي ‬ميدان رمسيس أحد أشهر ميادين القاهرة وطفت عارضا علي ‬الجميع شراء مخدرات.. ‬وفي ‬الميدان وجدت استجابة، ‬بعض المارة بدأ ‬يفاصلني ‬في ‬الأسعار ويطلب أسعارا أقل لكي ‬يشتري ‬وبالطبع كنت أرفض معللا بأنني ‬لن أبيع بأقل مما هو مكتوب في ‬الإعلان الملصق علي ‬الكرتونة.‬
وأمام إصراري ‬تراجع البعض وطلبوا ‬يشوفوا المخدرات قبل أن ‬يدفعوا مليما واحدا ـ علي ‬حد قولهم.‬
قلت: ‬طيب ‬يعني ‬هتشتروا إيه؟ فقال أحدهم أنا عايز صباعين حشيش وقال آخر وأنا هآخد ٣ ‬تذاكر هيروين بس اشوفه الأول وقال ثالث مؤكدا علي ‬كلامه: »‬لو الهيروين اللي ‬معاه أصلي ‬يبقي ‬لقطة« ‬أسعاره رخيصة جدا بس المهم مايبقاش مضروب.‬
وأمام هذا الإقبال كان لزاما عليّ ‬أن أختفي ‬من الميدان فورا قبل أن ‬يكتشف زبائني ‬أن المخدرات التي ‬أحملها مضروبة ولهذا اتفقت مع كل من كان ‬يطلب شراء مخدرات بأن ‬يتم البيع خلف مبني ‬البريد الموجود بأحد جوانب الميدان، ‬وقلت: »‬الميدان أكيد مش أمان خاصة بعد حادثة قتل السائق أمام قسم شرطة الأزبكية قبل أيام«‬،وكان هذا المبرر مقنعا جدا وقال الجميع: ‬عندك حق نتقابل هناك بعد ٥ ‬دقائق فتركتهم واختفيت وسط زحام المارة في ‬الميدان ثم أسرعت بمغادرة المكان!‬


وكان ميدان السيدة زينب هو وجهتي ‬الثالثة وفي ‬الطريق الي ‬الميدان قال لي ‬زميلنا بـ»الوفد« ‬عبدالمنعم علي: ‬بلاش ميدان السيدة! ‬فقلت لماذا؟ فقال ده معقل الوحوش كله، ‬فحوله مناطق ‬يقيم فيها عتاة الإجرام في ‬المخدرات؟ فقلت: ‬إذن الي ‬ميدان السيدة زينب فهذا ما أبحث عنه.. ‬فقال معلقا: ‬انت اللي ‬جنيت علي ‬نفسك، ‬ورددت بكلمة واحدة »‬هنشوف«.‬
ووسط ميدان السيدة وبينما كانت الساعة تشير الي ‬الواحدة ظهرا وضعت اعلانا ببيع المخدرات فوق سور وسط الميدان وحول الإعلان رصصت ما معي ‬من مخدرات أقصد أشباه المخدرات.‬
وقف زميلي ‬عبدالمنعم بعيدا عني ‬ليري ‬ماذا سيحدث لي ‬بينما كنت أستوقف المارة لأعرض عليهم شراء المخدرات ولكن أحدا منهم لم ‬يعلق بكلمة واحدة ربما كانت العبارة الوحيدة التي ‬سمعتها هي »‬السلام عليكو« ‬قالها شاب في ‬الأربعينيات ألححت عليه لكي ‬يشتري ‬مني ‬شيئا فقال: ‬بقولك إيه.. ‬السلام عليكو!!‬
وبعده مرت سيدة في ‬نهاية الخمسينيات مع ابنتها الشابة التي ‬يبدو عليها انها في ‬العشرينيات فنظرت اليّ ‬وإلي ‬الإعلان وقالت الأم انت جاي ‬تبيع لنا احنا حاجات دي ‬يا اخويا دي ‬حاجات رجالي ‬هو فيه ستات بتحشش.‬
وبعد هذه السيدة مر رجل بدين الجسد كان ‬يتصبب عرقا ويسير ببطء قفزت أمامه وقلت »‬مخدرات ‬يا باشا« ‬فتوقف عن السير وقال: »‬النمرة ‬غلط«!‬
وجاء من ورائه رجلا في ‬بداية الخمسينيات كان متجهما بعض الشيء فضربت علي ‬الكرتونة بيدي ‬فأحدثت صوتا عاليا أثارت انتباهه فقلت موجها صديقي ‬اليه.. »‬مخدرات ‬يا باشا« ‬فقال بدهشة مخدرات.. ‬مخدرات.. ‬يا نهار اسود ابعد عني.. ‬ابعد عني.‬
وسمعت سيدة منتقبة في ‬بداية الثلاثينيات كلمة مخدرات فتوقفت واقتربت مني ‬وأخذت تقرأ إعلان بيع المخدر تركتها حتي ‬انتهت من قراءتها وقلت تحت أمرك ‬يا مدام فأحسست انها ستهجم عليّ ‬ولكنها تراجعت في ‬آخر لحظة وقالت: »‬ربنا ‬ينتقم منكم«.‬
كنت أتوقع أن تتوجه السيدة الي ‬قسم الشرطة الذي ‬لم ‬يكن ‬يبعد عن المكان الذي ‬أقف فيه سوي ‬200 ‬متر تقريبا ولكنها سارت في ‬اتجاه آخر اندهشت وقلت إذا كانت ‬غاضبة الي ‬هذا الحد لماذا لم تفكر في ‬ابلاغ ‬الشرطة عني؟!‬
ولما مضي ‬الوقت وأنا أقف وسط الميدان عارضا بضاعتي ‬دون أن ‬يمسسني ‬أحد بسوء كما كان ‬يتوقع زميلنا بـ»الوفد« ‬عبدالمنعم علي ‬فوجئت به ‬يتوجه الي ‬وسط الميدان ويهتف بأعلي ‬صوته: ‬حشيش وبانجو.. ‬حشيش وبانجو.. ‬قرب.. ‬قرب.. ‬حشيش وبانجو!‬
تركت عبدالمنعم ‬يهتف في ‬ميدان السيدة وتوجهت الي ‬مبني ‬رئاسة حي ‬الخليفة وجلست علي ‬أحد الموتوسيكلات المركونة أمام مبني ‬الرئاسة ورحت أطرق بقوة علي ‬الكرتونة وأنادي ‬بصوت عال: »‬حشيش وبانجو.. ‬حشيش وبانجو« ‬وكان الناس داخلين خارجين من رئاسة الحي.. ‬الكل كان ‬ينظر اليّ ‬ولكن أحدا لم ‬يقل لي ‬بتعمل إيه؟!‬
كررت نفس العمل أمام مبني ‬رئاسة حي ‬السيدة زينب الملاصق لمبني ‬رئاسة حي ‬الخليفة وتكرر رد فعل الداخلين والخارجين الي ‬مبني ‬الحي.. ‬الكل ‬ينظر ولا ‬يعقب!‬
وبعد أن ‬غادرت المكان وجدت ضابط شرطة برتبة نقيب ‬يخرج من مبني ‬رئاسة حي ‬السيدة زينب.. ‬كان ‬يتحدث في ‬الموبايل فأسرعت الي ‬المبني ‬حاملا دولاب السعادة ومررت أمام المبني.. ‬رحت وجيت ورحت وجيت ولكن نقيب الشرطة لم ‬يثر انتباهه شيء وظل مشغولا بالحديث في ‬التليفون!‬
وعندها قلت في ‬نفسي: ‬يا خبر اسود.. ‬أين الشرطة؟! ‬أين المصريون؟! ‬هل ‬يمكن أن ‬ينادي ‬أحد علي ‬بيع المخدرات في ‬عز الظهر ووسط أشهرميادين مصر ولا ‬يستوقفه أحد.. ‬أو علي ‬الأقل ‬يقول له أحد عيب!‬
وعلي ‬إحدي ‬نواصي ‬منطقة المقطم أحضرت كرسيا وعرضت المخدرات ولم ‬يقل لي ‬أحد بتعمل إيه وعند هذا الحد قررت أن أتوجه الي ‬أحد أوكار بيع المخدرات وكانت وجهتي ‬السوق التجاري ‬بشارع البخاري ‬بمنطقة »‬سبيكو ـ التعاون« ‬بالمقطم وهذا السوق وكر تمارس فيه كل الجرائم من ممارسة الجنس وتجارة المخدرات وحتي ‬التخلص من أطفال الزنا.‬
ورغم أن الساعة كانت تشير الي ‬الثالثة عصرا نصحني ‬أحد الناصحين بألا أدخل السوق دون سلاح وبالفعل كان معي ‬الي ‬جانب المخدرات ودولاب السعادة سكينة ضخمة طولها متر.‬
دخلت السوق ووضعت بضاعتي ‬أمامي ‬وإلي ‬جواري ‬السكين وانتظرت الزبائن، ‬وبعد نصف ساعة من الانتظار انشقت الأرض علي ‬رجل في ‬خريف العمر.. ‬كان ‬يرتدي ‬جلابية ويسير ببطء.. ‬وقبل أن ‬يصل اليّ ‬توقف علي ‬بعد ٣ ‬أمتار وقال: ‬بتعمل إيه هنا؟ قلت: ‬بأشوف حالي ‬فقال معاك إيه؟ قلت: ‬مخدرات.. ‬قال وإيه لزمتها السنجة اللي ‬معاك؟ فقلت: ‬دي ‬لولاد الحرام بس، ‬فقال: ‬ربنا ‬يبعدهم عنا!‬
اقترب مني ‬وجلس أمامي ‬وقال: ‬أشوف اللي ‬معاك؟ فقلت: ‬من بعيد، ‬ورحت أعرض عليه من بعيد لبعيد الأكياس التي ‬معي. ‬وأقول ده بانجو وده هيروين وده حشيش وفي ‬الكرتونة برشام وحقن.‬
فقال: ‬وانت هتبيع كده من بعيد لبعيد؟ قلت قوللي ‬هتشتري ‬إيه وعاين ولا تدفع إلا بعد أنتتأكد منه فسكت لحظة وظل ‬ينظر إليّ ‬دون أن ‬يتكلم وقال: ‬أنا رايح أجيب لك الفلوس خليك هنا علي ‬ما آجي.‬
تركني ‬واختفي ‬وسط مباني ‬السوق وعلي ‬الفور تركت المكان قبل أن ‬يعود ويعرف إن ما معي ‬أشباه مخدرات وليست مخدرات.‬
غادرت المكان ولسان حالي ‬يقول: ‬مصر بجد سايبة. ‬فعلي ‬مدي ٨٤ ‬ساعة طفت مناطق عديدة بالقاهرة، ‬عارضا بيع مخدرات دون أن ‬يستوقفني ‬أحد.. ‬لا شعب ولا شرطة.. ‬استر ‬يا رب.‬


مجدي ‬سلامة تصوير: ‬حسام محمد
الوفد

هل أعجبك هذا؟

رابط html مباشر:



التعليقات:

تعليقات (فيس بوك)
0 تعليقات (أنا قبطي)

0 التعليقات :



الأرشيف الأسبوعي

مواقع النشر الإجتماعية:

تابع الأخبار عبر البريد الإلكتروني







إعلانات ومواقع صديقة:


إحداثيات أناقبطي..

التعليقات الأخيرة

أحدث الإضافات