المصريون فى مواجهة نظام مبارك و " دولة " السلفيين
هل يخشى دعاة " المدنية " " الدولة الدينية " التقطوا أنفاسكم .. «عمائم الملالى» احترقت في ميدان التغيير
فى الوقت الذى كانت خلاله أجواء الحرية تسطر أولى كلماتها فى أعقاب ثورة 25 يناير وهى الحرية التى استفاد منها كذلك قطاع واسع من الإسلاميين كانت أشباح الدولة الدينية، تلقى بسيئ ظلالها على جانب آخر من الصورة!!
فمن مواجهات (سلفية - إخوانية) إلى تحرشات (سلفية - صوفية) إلى تصريحات جهادية مقلقة تنذر بأن الحرية التى منحتها الثورة لتيار الإسلام السياسى وربما تتحول ذات يوم إلى رأس حربة توجه إلى صدور الشعب المصرى بمختلف أطيافه وعناصره'' لكن إلى أى مدى يمكن أن تكون عليه الصورة فى المستقبل؟
الكاتب والأديب يوسف القعيد قال: إن ظهور السلفيين بهذه الصورة يجعلنا نبكى على الإخوان، رغم عدم وجود فرق جوهرى بينهما وإذ باتوا يتحركون على الساحة المصرية بشكل بالغ الخطورة فى ظل الغياب الأمنى الفادح، متسائلا: هل الهدف من هذا الغياب الأمنى هو أن نقول نار مبارك ولا جنة الإخوان خاصة، فيوم الثلاثاء الماضى انتشرت شائعة أن أى امرأة مسيحية ستخرج بشعرها ستقتل فى الحال.
وهل يعقل أن ننتقل من زمن القمع إلى زمن افتقاد نعمة الأمان؟
وأردف القعيد: كنت أرى أن هذا الأمر عارض، والفيصل هو عودة الأمن ورجال الشرطة، لذا يحاولون استغلاله واللعب فى الملعب السياسى معرباً عن استغرابه مما يحدث الآن من عودة السلفيين والإخوان والجهاد وعبود الزمر للعمل بعد أن كانت هذه التيارات محل شجب مجتمعى، فضلاً عن التسابق فى تشكيل الأحزاب والتنظيمات وكأن مصر أصبحت غنيمة سهلة لمن يصل أولا. الدكتور رفيق حبيب مفكر قبطى أوضح أن الحركة الإسلامية حركة شعبية وسيكون لها نصيب بدرجة أو بأخرى وفقا للتأييد الذى تناله والفيصل فى ذلك هو قدرة عمل كل التيارات السياسية الأخرى الموجودة على الساحة.
ويرى حبيب أن تجنب الدولة المستبدة التى تفرض وصايتها على المجتمع وتستبد بالحكم والسلطة تتحقق عندما تحرر الإرادة الشعبية.. وطالما أن الشعب هو الذى يختار ممثليه وحكامه فلا خوف من قيام أى دولة مهما كانت مرجعيتها السياسية مشيراً إلى أن المجتمع المصرى يمتلك تنوعاً فى التيارات السياسية، فضلا عن التنوع الذى تشهده الساحة الإسلامية نفسها، فلا يمكن أن تسيطر فئة معينة بشكل مطلق وإذا احتكمنا لصندوق الانتخابات فسوف يأتى الرئيس والبرلمان معبراً عن إرادة الشعب.
يرى الدكتور جابر عصفور أنه ليس هناك مجال للخوف من سيطرة الإخوان والسلفيين على الساحة السياسية وكل ما يحدث نوع من الحراك يعكسه واقع القوى السياسية المختلفة من أحزاب وحركات وتجمعات مبرراً ما يحدث الآن من تجاوزات بأنه نتيجة طبيعية أفرزتها بدايات العملية الديمقراطية.
الدكتور عمرو هاشم ربيع الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية قال: إن هناك ما يفعله السلفيون فى الوقت الحالى من ضرب لقيم الشعب المصرى وما أظهروه من عنف يمكن السيطرة عليه عبر إحكام القانون.. ولن يكون لهم دور فى الحياة السياسية بعد ذلك، وأنهم لم يكن لهم دور فى الثورة قبل ذلك وتحديدا إذ يعادون فكرة الخروج على الحاكم من حيث الأصل.
إما الإخوان فهم تيار دينى له شعبيته لكن هناك بعض الأشياء التى يحتاج أن يكون فيها أكثر مرونة وتقدما ومثل ما يتعلق بتولى المرأة أو القبطى رئاسة الجمهورية. أما الدكتور وحيد عبدالمجيد مستشار مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية فذهب إلى أن الخوف من سيطرة التيارات الدينية على الساحة السياسية هو خوف مرضى.. وهى حالة موروثة بسبب الأنظمة القمعية السابقة، فضلاً عن حالة البيات السياسي للأحزاب، وعدم نزولها للشارع، فالوقت الحالى لا مجال فيه للخوف، ولكن المجال للمنافسة والعمل لأننا مقبلون على نظام ديمقراطى فيه انتخابات نزيهة وحرية في المشاركة وهذا النوع من الثورات يحقق أهدافه تدريجيا فالقديم موجود والجديد موجود والثورة هى التى تحقق الانتصار فى نهاية المطاف.
وعندما يصوت الناس فى الانتخابات فى اتجاه معين فهذا يتوقف على العلاقة بين قوى الثورة المختلفة، ولكن ما يحدث من انقسام فى تيارات الثورة سيؤدى إلى إضعاف قوة الدفع الثورية وسيطرة فئة معينة أو عودة النظام السابق فى نيولوك جديد.
المفكر القبطى كمال زاخر أكد لنا أن كل المواقف عن قوة الإسلاميين «انطباعية» مرتبطة بالعاطفة وليست متعلقة بالمنطق والعقل، وخاصة أننا فى مرحلة الطفولة فى الفهم السياسى.. ولو أرجعنا الأمور إلى نصابها الصحيح أن التيار الإسلامى مقسم إلى 3 مجموعات: أصحاب (الكتاب والسنة) والصوفيين والجهاديين وهم لا يستطيعون أن يجتمعوا فى شكل واحد، كما أنهم لا يمثلون ثقلاً فى المجتمع، هم صناعة إعلامية وظاهرة صوتية وإذ كانوا بمثابة عضلات لأمن الدولة يتم استخدامهم لترهيب البعض فقط خاصة فى ظل الانشقاق القائم بين التيارات المدنية والأحزاب السياسية.
والخوف من سيطرة مثل هذه التيارات على الساحة لا مجال له - والقول لزاخر - بدليل انتخابات اتحاد طلاب جامعة القاهرة، إذ لم تتجاوز نسبتهم فيها 20% فمصر فى قلب العالم وليست هامشية ولا يمكن أن تتخلص أو تعمل بمنأى عن القوى الإقليمية والدولية التى تعارض فكرة الدولة الدينية.
الدكتور سامر سليمان أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية قال: إن مصر على مر التاريخ لم تكن دولة علمانية أو دولة دينية وإن كان الإخوان قوة سياسية كبيرة إلا أنها لا تستطيع أن تنفرد بالساحة السياسية والسبب فى الشعور بانفرادها بالساحة هو ضعف التيارات الأخرى محذرا من أن يؤدى الخوف من سيطرة التيارات الدينية إلى الإحباط لأن هذا سيؤدى بالفعل إلى سيطرتهم.. أما إذا انعكس هذا الخوف إلى حالة من الحراك والنشاط وأخذ مساره الحقيقى فى الشارع المصرى فلن تكون الغلبة للإخوان.
د. عمار على حسن أكد أن المنطقة العربية لم تشهد يوما أثراً لقيام الدولة الدينية منذ عصر الخلافة الإسلامية ولم يطلب الإسلام كذلك ما يسمى بولاية الفقية «علماء الدين».. هذا موجود عند الشيعة.
حتى لو وصل الإسلاميون إلى الحكم، سيكون الحكم مدنيا بمرجعية دينية مردفا: أما السؤال الآن فهو.. بأى مرجعية سيحكمون.؟
هل الأفكار التى سيطرحها الإخوان ستكون ناضجة بشكل كافٍ ويقيمون العدل ويكون هناك تداول للسلطة وقبول الآخر فضلاً عن ترك الحياة السياسية طليقة دون قيد أو شرط؟
ويجيب حسن قائلا: أفكار الإخوان تطورت تطوراً تدريجيا ورشدوا الكثير من أفكارهم منذ أن بدأوا التعامل مع القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدنى، فمثلاً الإخوان فى السبعينيات كانوا يرفضون التحزب أى إقامة أحزاب، أما الآن فهم يعملون على إقامة حزب.
ولكن هذا التطور ليس بالتطور الكافى، هناك الكثير من أعضاء الجماعة يحاولون أن ينهلوا من حزب العدالة والتنمية أو على الأقل التأثر بحزب العدالة والإحسان بالمغرب.
أما السلفيون فأفكارهم السياسية غاية فى الانغلاق وقديمة، وهم أبعد عن الحياة السياسية بل خارجها لأن هؤلاء مازالوا يكرهون شكل الحكم الحديث الذى عرفته المجتمعات العالمية ويصرون على طرح أفكار ليست لها علاقة بالأفكار الإسلامية الأصلية بل أقرب إلى الولاية الفقهية التى لا وجود لها فى الدولة السنية.
احمد عبد اللاه - روزاليوسف العدد 4322
رابط html مباشر:
التعليقات: