|

حرق الأضرحة فرض عند السلفيين



بينما انشغل المصريون بترتيب أوراق الوطن استعدادا للنهوض من جديد، استيقظنا جميعا علي نيران فتنة جديدة: (غزوة الأضرحة) التي أشعلها التيار السلفي الذي بات يطرح نفسه بالقوة وإن لم يكن له متحدثون رسميون يعلنون عنه. مشاهد هدم الأضرحة وحرقها في العديد من المحافظات مقدمات تشير إلي أننا علي مشارف معركة جديدة ضد مصر تهدف لهدم المجتمع باسم الإسلام وتعطيل الشرعية باسم الشريعة. هكذا السلفيون يتحدثون ويخططون ويهدمون وسط أغلبية صامتة، إما بسبب الخوف من دخول المناطق الخطرة والتي غالباً ما يتزعمها الخارجون عن القانون ويحتمون بالدين أو بسبب إهمال الأزهر وغياب دوره.

مدينة تلا بمحافظة المنوفية تعتبر بيئة خصبة لحدوث الفتن نظرا لتردي مستوي الأحوال المعيشية وقلة الوعي.. ورغم توقف الأهالي منذ أربع سنوات عن إحياء ذكري صاحب الضريح الذي أثار المشكلة «سيدي عز الدين» كما يطلقون عليه والذي ينتهي نسبه إلي علي زين العابدين، واقتصر إحياء ذكراه علي عدد محدود منهم، إلا أن هذا لم يمنع الصدام مع من يرون أن الصلاة في مسجد به ضريح منكر لابد من تغييره.

مسجد «سيدي عز الدين» ذو قيمة أثرية وتاريخية وقد سجلته هيئة الآثار كأكبر مسجد أثري علي مستوي آثار منطقة وسط الدلتا، بالإضافة لذلك فهو يحمل ذكريات تاريخية حيث علي منبره وقف الرئيس الراحل السادات ليخطب ولم يتوقع أحد أن يشهد المسجد الأحداث المؤسفة التي تكررت في العامين الأخيرين وأصابع الاتهام تشير إلي الفكر السلفي وأنصاره.

تفاصيل الأحداث كما رصدها الشيخ «أحمد رضوان» - الذي ظل خطيب وإمام المسجد لمدة 32 عاما - تشي بأن التيار السلفي المتشدد هو الذي يقف وراء الأحداث، إن لم يكن بشخوصه فبأفكاره التي يبثها ليل نهار عبر منابره، وفي مقدمتها تحريض شباب تلا علي عدم الصلاة في ذلك المسجد وعدد من المساجد الأخري وتحريمهم المستمر حتي لصلاة الجنازة داخله.

الحادث الأخير بدأ بإشعال النيران في ضريح سيدي عزالدين الملحق بالمسجد والذي التهمه الحريق بالكامل وكل مقتنياته الأثرية وامتد إلي مصلي النساء.

شيوخ السلفية بعد الحادث أنكروا علاقتهم به وقاموا بتوزيع منشورات بذلك، وكما ذكر رضوان: أحدهم جاء إلينا مع عدد من الأشخاص وصفوا أنفسهم بأنهم حماة الثورة وأقسم أنهم كسلفيين ليس لهم علاقة بما حدث، هذا رغم أنهم كانوا يتبعون منهج الرأي الأوحد وهو التحريم المطلق للصلاة داخل المسجد طوال السنوات الماضية.

لم تكن تلك المحاولة هي الأولي، فقد سبقتها محاولة أخري قبل عدة أعوام لتحطيم أجزاء من المسجد ومقتنياته الأثرية وتم إلقاء القبض علي أحد السلفيين لكونه المتسبب في ذلك.. وبعدها ادعي الجنون وتم إيداعه مستشفي للأمراض النفسية توفي داخله.

ورغم قيام أعضاء الجماعة السلفية بالمنوفية بنفي تورطها فيما حدث وحثهم الأهالي علي عدم تصديق الفضائيات وإصدار جماعة أنصار السنة المحمدية داخل المحافظة بيانا تؤكد فيه أنه ليس من منهجها إحراق آثار أو أضرحة وتبرئة نفسها من الحوادث المتتالية التي شهدتها 3 مساجد بالمنوفية إلا أن أهالي تلا أصروا علي أن السلفيين كانوا ومازالوا يبثون أفكارهم المتطرفة في عقول الشباب الذي لم تتجاوز أعمارهم العشرين وبخاصة الشباب العاطل منهم، من خلال استقطابهم لمساجد وزاويا صغيرة تتبع الجماعة السلفية في المدينة.

الأهالي أكدوا لنا أن السلفيين أشعلوا مشاكل فكرية كثيرة بين الشباب.

ما يعيبه أهالي تلا علي السلفيين أنهم فعلوا فعلتهم بالمسجد وأنكروا ذلك بعدها ودون أن يستخدموا العقل في إقناع الناس بالأدلة الدينية والمنطق لجأوا إلي العنف خاصة أن إمام المسجد قد سبق أن دعاهم للحوار مرارا ولم يستجب أحد منهم.

محمد عبدالباقي خادم المسجد الذي كادت أن تلتهمه النيران هو وأسرته قال: كان الحريق في الساعة السابعة إلا الربع صباحا وكانت النيران هائلة وكان من الواضح أنها بفعل فاعل حيث اشتممنا رائحة البنزين وبعدها امتدت النيران شديدة عنيفة لتلتهم بعض جدران المسجد الأثرية كما أتت علي مقتنيات وكتب أثرية تعود إلي قرنين من الزمان.

أهالي مدينة تلا اعتادوا إقامة الموالد السنوية منها مولد الشيخ مصطفي النمر ومولد الشيخ محمد فؤاد وموالد أخري مثل سيدي سيف الدين وسيدي علي السويدي وعبدالله العراقي وعلي اللمعي وغيرهم.

في الوقت الذي يتمركز فيه السلفيون في الزوايا الصغيرة التي تنشأ أسفل المنازل ويمنعون من لا ينتمي إليهم من الاختلاط بهم بينما يستقطبون البعض لأفكارهم داخل أكبر مسجد يتجمعون فيه وهو مسجد الأئمة بتلا.

وفي بلدة أخري في ذات المحافظة اتبع السلفيون الأسلوب نفسه، ففي قرية أبومشهور هاجم بعض الشباب الذين تشبعوا بالأفكار السلفية مسجداً آخر به ضريح هو مسجد سيدي فرج أبوغنيم. وكما اتهم أهالي مدينة تلا الفكر السلفي بالسيطرة علي عدد من المساجد والتأثير علي الشباب مستغلين الغياب الأمني، أكد أهالي أبومشهور أن السلفيين هم أدعياء فكرة عدم جواز الصلاة في المساجد التي تتواجد بها المقامات.

ولولا أن تنبه أهالي القرية للنيران التي بدأت تشتعل في الساعة الثانية صباحا ودمرت مقام الضريح لانتهي المسجد بالكامل والذي شهد هو الآخر واقعة مشابهة منذ عامين من الجماعة السلفية التي تري الصلاة في مساجد الأضرحة شركاً بالله سبحانه وتعالي.

8 من الأهالي استيقظوا فجرا لإنقاذ المسجد بعد أن شاهدوا لهيب النيران تشتعل في بوابته كما ذكر لنا طلعت محمد عامر - علي المعاش: أسرعنا لإخماد النيران بعدما شهدنا لهيبها من نوافذ بيوتنا المجاورة للمسجد وعلي الفور أسرعنا لإيقاظ عامل المسجد ونجحنا في إنقاذ المسجد.

ويؤكد الأهالي أن الضريح يرجع إلي 002 سنة وأن صاحبه علي صلة قرابة بالعارف بالله السيد البدوي وأن القرية نفسها أطلق عليها أبومشهور نسبة إلي العارف بالله سيدي أبومشهور والذي تعرض ضريحه هو الآخر للهجوم من قبل السلفيين في ذات التوقيت الذي تعرض فيه عدد من الأضرحة بالمحافظة للهجوم وتم التصدي للمعتدين من قبل الأهالي.

مدينة قليوب بدورها شهدت محاولات تعد علي معظم المساجد التي تتواجد الأضرحة بها كان آخرها مسجد سيدي عبدالرحمن بقليوب ومحاولة إزالة الضريح المتواجد به ولكن حال دون ذلك خادم المسجد الذي استغاث بأهالي المنطقة.

وقد خطط السلفيون للهجوم علي عدد كبير من المساجد الملحق بها الأضرحة في ذات التوقيت حيث هاجموا تلك المساجد حسب شهادات أهالي المنطقة ما بين الساعة الواحدة والثانية صباحا بكسر النوافذ والدخول من خلالها واستخدام بعض الآلات لهدم الأضرحة التاريخية علي أطراف المدينة هي سيدي رضاض، وسيدي عبدالعال، وسيدي الغريب، وضريح سيدي جمال الدين، بينما أنقذ الأهالي ضريح سيدي عبدالرحمن وحالوا دون تمكن السلفيين من ضريح آخر هو ضريح سيدي عواد الملحق بمسجد سيدي عواد أكبر وأشهر المساجد في قليوب بعدما أصر أهالي قليوب علي الصمود أمامهم والتصدي لأي محاولة لهدم أحد أهم معالم المدينة.

وحسب روايات الأهالي فإن السلفيين يحملون أدوات للهدم وهم من أهالي المنطقة كانت خطتهم بأن يدخل بعضهم المساجد بعد خداع شيخ المسجد بأنهم يمكثون داخله لصلاة الفجر ويبقون بينما يهاجم البعض الآخر المساجد التي يتم غلقها بعد انتهاء صلاة العشاء من خلال النوافذ ويشرعون في الهدم بحجة أنه بدعة علي حد قولهم.

السلفيون في قليوب يتمركزون في عدد من المساجد الخالية من المقامات يوزعون أنفسهم بينها مثل مسجد محمد سلمان «بجوار أرض سيدي رضاض» ونور الرحمن «بجوار مساكن المرور» والرحمة «بجوار الساحة» وأهل بيت النبي ومسجد الجمعية الشرعية «بحي أرض الجهيني» ويتزعمهم أحد الأشخاص يدعي السيد عبدالحي إمام وخطيب مسجد خطاب بمنطقة المجدودة التي تعتبر أكبر مركز لتجمعهم بقليوب.

هدي المصري- روزاليوسف -  العدد 4322

هل أعجبك هذا؟

رابط html مباشر:



التعليقات:

تعليقات (فيس بوك)
0 تعليقات (أنا قبطي)

0 التعليقات :



الأرشيف الأسبوعي

مواقع النشر الإجتماعية:

تابع الأخبار عبر البريد الإلكتروني







إعلانات ومواقع صديقة:


إحداثيات أناقبطي..

التعليقات الأخيرة

أحدث الإضافات