الطريق لتحرير الخطاب الإعلامي الديني - «في النور»
بدعوة كريمة من فضائية ctv شاركت الأسبوع الماضي في حلقة من برنامج (في النور) مع نيافة الأنبا مرقص أسقف شبرا الخيمة والمستشار ادوارد غالب الذهبي نائب رئيس مجلس الدولة السابق. كانت الحلقة عن المشاركة السياسية للأقباط. وللحقيقة فقد كنت منذ زمن طويل أتحفظ علي القنوات الدينية سواء الإسلامية والمسيحية. ورفضت أكثر من دعوة للحوار وذلك لانني اعتقد حتي الآن أن اغلب هذه القنوات مجرد مساجد أو كنائس متلفزة ...وبالطبع انا لست ضد ذلك. ولكن من الصعب ان تتحدث عن الدولة المدنية في إطار ديني ، حيث يغلب علي برامج القنوات الدينية خطاب ديني مباشر لا تتم معالجته في سياق ثقافي أو درامي أو حواري وكأننا ننقل ما يحدث في الكنيسة دون تدخل، الامر الذي يعمق التفرقة بين ابناء الوطن الواحد من جهة ويجعل كثيرين يستبدلون الكنيسة الحقيقية بالكنيسة المتلفزة، كذلك فإن تكرار هذا الخطاب الديني الاعلامي يكرس نفي الاخر بشكل غير مباشر ، ويعمق جروح الوطن، اقصد ان يتحدث الاقباط لأنفسهم مع انفسهم دون مراعاة الآخر في الوطن ..... ولكن في الاونة الاخيرة تابعت هبوب رياح الثورة علي تلك القناة خاصه برنامج في النور وشاهدت أكثر من حلقة تؤكد ان رياح التغير قد طالت الجميع بما في ذلك المؤسسات الدينية عامة.
الكنيسة خاصة بالطبع يعود ذلك الي الجماعات والتيارات التي تشكلت بفعل الثورة داخل الاطر والمؤسسات الدينية وكادت تعصف بسلطة رجال الدين.. في كان منهم سوي الإسراع بتعديل مواقفهم واللحاق بركب الثورة ويشكل برنامج (في النور) انطلاقة هامة في قناة (ctv)..حيث كسر هذا البرنامج حاجز الخوف وعبر بوابة الانغلاق الديني والكنسي وخرج الي النور في حرية ورصانة ، وتحول من برنامج اسبوعي الي برنامج يومي واستطاع أن يواكب الاحداث شأنه شأن البرامج الحوارية الشهيرة في الفضاء الاعلامي: بل وازعم انه بتلقائيته تجاوز في بعض الاحيان الكثير من البرامج الحوارية الشهيرة ،لقد تحمل البرنامج حرية المتحدثين مثل الباحث عبد الرحيم علي الذي انتقد اوضاعاً كثيرة تحدث في الكنيسة دون مقاطعة أو مصادرة لرأيه وتمت مواجهته في حوار جاد من قبل (ايهاب ـ دينا )، كما شهدنا من قبل الخلاف بين المفكر الدكتور عماد جاد و الأنبا يؤانس دون خوف او خشية من احد ، وحلقات أخري كثيرة اشعرتني أن أوراق شجرة السلبية القبطية بدأت تتساقط.
وإن كانت رؤية البرنامج والعاملين فيه تشكل هامش حرية في القناة من حيث الاعداد والاخراج والتقديم وإدارة الحوار فإ ن كل ذلك يصلح لأن يتسع ليشمل الفضاء الاعلامي في القناة ككل، لكي يتنقل البرنامج من فعل الريادة داخل القناة الي الريادة في القنوات الدينية المسيحية عامة، علي ان رؤية فريق العمل المكون من رئيس التحرير عزت حزقيال وهو سيناريست وصحفي موهوب، والمخرج الفنان ريمون عزمي ، والمعدة الموهوبة الصحفية الواعدة عبير فؤاد و ماجي جمال، ومساعدتي المخرج المجتهدتين ليديا سمير ومارينا يوسف، كل هؤلاء يستطيعون ان يفيضوا برؤيتهم لتشمل مساحات برنامجية اخري تدفع القناة علي طريق التقدم، جنبا الي جنب مع الثنائي الفنان المثقف إيهاب صبحي والإعلامية الساحرة ببساطتها دينا عبد الكريم ، ومن ثم فان القناة تمتلك امكانيات فنية كبيرة تساعد الدكتور ثروت باسيلي ان يطور القناة بحيث تصبح قناة ثقافية سياسية وانسانية ذات مرجعية مسيحية، لا اقصد بذلك الغاء البرامج الدينية المباشرة ،بل تعميق رؤية تلك البرامج ، وانتاج برامج ثقافية ودراما تليفزيونية من منطلق انساني مسيحي وفتح باب الحوار حول كل القضايا التي تناقش داخل وخارج الكنيسة حول اشكاليات عديدة طرحت في البرنامج علي مدي شهري يناير وفبراير وتحدث عنها بشكل خاص نيافة الانبا مرقص والمستشار ادوارد الذهبي حول ضرورة أن نخرج بالكنيسة للوطن، ويشمل الحوار قضايا الحرية داخل الكنيسة بجميع اوجهها.
اعتقد أن مساندة المواطنين المصريين الأقباط للتخلي عن سلبيتهم يبدأ بتحويل الإعلام القبطي إلي اعلام مصري، ومن إعلام ديني إلي اعلام مدني ذي مرجعية مسيحية، ومراجعة ما حدث في فرنسا بعد ثورة الشباب في مايو 1968 ، حيث لم يجد الشباب المسيحي الفرنسي الحرية داخل الكنيسة فخرج عنها إلي الحرية في الوطن و من ثم انفصلت الكنيسة الفرنسية عن الوطن حتي الآن، اتمني الا يحدث ذلك في الكنيسة المصرية، حيث سوف يهجر الشباب الكنيسة اما للشارع أو الي كنائس شبابية اخري سوف تظهر لتواكب ثورة الشباب ثورة الحرية. أتمني ان نتحرك جميعا قبل فوات الاوان، من له عينان للنظر فلينظر و اذنان للسمع فليسمع .
كتب سليمان شفيق - روزاليوسف
رابط html مباشر:
التعليقات: