منع الموسيقى وتحطيم التماثيل
الشعب المصرى هو أكثر شعوب العالم تمسكاً بدينه، وهو أمر استمر عبر التاريخ لقرون طويلة وينطبق ذلك على المسلمين والمسيحيين، ولذا فإن أى عمل سياسى سواء كان حزبياً أو غير حزبى عليه أن يحترم الدين ويبجله. وهذا الإيمان العميق بالدين ساعد المصريين على تخطى الكثير من الصعاب والمحن عبر التاريخ، لكن الأمر تغير الآن وظهرت أشياء مستحدثة تضر بالمجتمع المصرى، فالدين ليس ضد العلم بل بالعكس هو يشجع على العلم والبحث العلمى، والدين ليس ضد الجمال، وليس ضد الهدوء ولا النظافة بل بالعكس يشجع على كل ذلك، ويدعو إلى التأمل فى جمال الطبيعة. فى الأيام الماضية حدثت أمور تشير إلى مخاطر عظمى تتعرض لها مصر.
الأمر الأول: أراد طلاب إحدى الجامعات المصرية إقامة حفل موسيقى وقد أخذوا الموافقات اللازمة من اتحاد الطلبة المنتخب ومن عميد الكلية المنتخب، وكما نعلم جميعاً فإن الحفلات الموسيقية فى الجامعات هى وسيلة ترفيه راقية للطلاب، ولكن حدث شىء مؤسف وهو تجمع الطلاب السلفيين لمنع الحفل بالقوة، ودخل الجامعة أحد شيوخ السلفيين ليقود مسيرة الطلاب لمنع الحفل. هذا الحدث المؤسف لم يكن الأول فى تاريخ مصر الحديثة فقد حدث مثله من شباب الجماعات الإسلامية فى السبعينيات لكنهم اكتشفوا بعد ذلك خطأهم وأعلنوا ذلك.
نحن أمام مصيبة كبيرة أولها إذا كنا نتكلم عن الديمقراطية وندعو للمنافسة فى الانتخابات فلنعلم أن مبادئ الديمقراطية الأولى أنه لا شىء يؤخذ بالقوة وأنه حتى لو كنت تمثل الأغلبية فللأقلية حقوق تحترمها قواعد الديمقراطية. الأمر الثانى هو رأى الدين فى الموسيقى، وأترك الرأى للإمام العظيم الشيخ محمد عبده الذى كان رأيه واضحاً وضوح الشمس فى هذا الأمر، فليس من المعقول فى القرن الواحد والعشرين أن يترك الناس الآراء المستنيرة ويتمسكوا بآراء متزمتة، وإذا رفض هؤلاء الطلاب فكر الشيخ محمد عبده فهذا من حقهم فليؤمنوا بما يشاءون، ولكن ليس من حقهم إطلاقاً فرض رأيهم بالقوة، فكيف تقول إنك تؤمن بالديمقراطية وترفضها فى الوقت نفسه؟!
إن هذه الأفكار المتطرفة حين تتحول إلى أفعال باستخدام القوة يكون الأمر خطيراً، لأن هيبة الجامعة وهيبة الدولة الآن أصبحتا على المحك، وقد تأتى أى مجموعة من الناس بأى أفكار وتفرضها أيضاً بالقوة ونعود إلى عصر الغابة، فهناك اتحاد طلاب اختاره زملاؤهم وهناك عميد منتخب من أعضاء هيئة التدريس، ليس من حق مجموعة أياً كانت أن تفرض رأيها عليهم وإلا تحل الفوضى. هل تريدون أن تستبدل ديكتاتورية حسنى مبارك بفاشية مجموعات تفرض بالقوة ما تريد؟ ما الفرق بين أمن الدولة سابقاً الذى كان يفعل ما يريد داخل الجامعة وبين هؤلاء الطلاب الذين يفعلون الشىء نفسه؟
لابد من وقفة داخل الجامعات المصرية كلها ولابد أن يقف الطلاب وأعضاء هيئة التدريس بل مصر كلها للدفاع عن كيانها وحريتها التى استردتها من أمن مبارك، ولسنا مستعدين للتخلى عنها لأى مخلوق أو مجموعة، علينا أن نحترم آراءهم وأفكارهم، وعليهم أن يحترموا أفكارنا أيضاً.
أما الأمر الثانى فكان تغطية وجه بعض التماثيل بالشمع وتكسير تمثال فرعونى مقلد فى مدخل المنصورة، وقيل إن السبب هو أن هذه أصنام يجب التخلص منها، وأعود مرة أخرى إلى الفقيه محمد عبده الذى كانت كلماته فاصلة فى الرسم والنحت وأنها حلال. هل رأيتم أحداً فى عصرنا يعبد تمثالاً فرعونياً؟ هل سمعتم عن أحد يتخذ أحد التماثيل إلهاً؟
هناك عِلم كبير ومهم اسمه التاريخ يبين عظمة أجدادنا الذين كانوا يحترمون العلم والبحث العلمى وكانوا أول من عرف وحسب التوقيت والأيام والشهور، وعرفوا مبادئ الكيمياء والصناعة وكانت لهم معرفة بالطب بل قاموا بإجراء بعض العمليات الجراحية المعقدة. هؤلاء العظام الذين يحترمهم العالم كله ويدرسون تاريخهم فى السنوات الأولى فى مدارس الدنيا كلها ويأتى السياح من العالم كله ليشاهدوا هذا الشعب المعجزة، كيف نفكر فى تحطيم آثارهم وتغطيتها بالشمع؟ هذا إهدار لتاريخ مصر وحضارتها ومجدها.
ثم نأتى أخيراً لرأى بعض التيارات الإسلامية فى السياحة التى عبروا عنها بأنهم غير سعيدين بها، وقال أحدهم إنه يرحب بالسياحة الدينية، وطالب آخر بتحديد الملبس والمشرب والمأكل للسياح. لا أحد يفكر فى أن هناك مليون مصرى يعملون بالسياحة وأن كلاً منهم يعول فى المتوسط أربعة أفراد يعنى أننا نتكلم عن خمسة ملايين مصرى يعيشون على ريع السياحة، كيف أقرر بخطاب حماسى قطع عيشهم وبهدلتهم وذلهم فقراً؟ لا أدرى لماذا كل ذلك الآن؟ فهناك مفكرون وقادة إسلاميون يعرفون جيداً أهمية الحفاظ على الوطن واقتصاده.
إن ما يحدث حولنا يثير الخوف والريبة، لماذا تريدون القضاء على مستقبل مصر؟ إن مصر دولة لها تاريخ نحبه ونحترمه بدءاً بالتاريخ الفرعونى ثم القبطى ثم الإسلامى، ويجب أن نعتز بتاريخنا كله لأنك لا تستطيع أن تخلع جلدك بغض النظر عن انتمائك السياسى. إن ما نسمعه هذه الأيام من بعض قادة التيارات الإسلامية شىء يشير إلى أننا عدنا إلى القرون الوسطى، فمن قائل إنه سوف يدفن من يعارضه، وهناك من قال أسوأ من ذلك. أين الديمقراطية وأين الحوار؟
هل هو حقاً تيار دينى روحانى يريد التقرب من الخالق أم هو سعى إلى السلطة وحب فيها؟ مصر يجب أن تستمر وتعيش بأهلها يتمتعون بالطبيعة ويستمعون إلى الموسيقى ويبدعون فنوناً راقية وأدباً يغوص فى النفس الإنسانية. هذه هى مصر الخلاقة الجميلة الرائعة القريبة دائماً من الله ومن الإنسان. قفوا جميعاً ندافع عن حبيبتنا مصر.
قوم يا مصرى ... مصر دايماً بتناديك
الأمر الأول: أراد طلاب إحدى الجامعات المصرية إقامة حفل موسيقى وقد أخذوا الموافقات اللازمة من اتحاد الطلبة المنتخب ومن عميد الكلية المنتخب، وكما نعلم جميعاً فإن الحفلات الموسيقية فى الجامعات هى وسيلة ترفيه راقية للطلاب، ولكن حدث شىء مؤسف وهو تجمع الطلاب السلفيين لمنع الحفل بالقوة، ودخل الجامعة أحد شيوخ السلفيين ليقود مسيرة الطلاب لمنع الحفل. هذا الحدث المؤسف لم يكن الأول فى تاريخ مصر الحديثة فقد حدث مثله من شباب الجماعات الإسلامية فى السبعينيات لكنهم اكتشفوا بعد ذلك خطأهم وأعلنوا ذلك.
نحن أمام مصيبة كبيرة أولها إذا كنا نتكلم عن الديمقراطية وندعو للمنافسة فى الانتخابات فلنعلم أن مبادئ الديمقراطية الأولى أنه لا شىء يؤخذ بالقوة وأنه حتى لو كنت تمثل الأغلبية فللأقلية حقوق تحترمها قواعد الديمقراطية. الأمر الثانى هو رأى الدين فى الموسيقى، وأترك الرأى للإمام العظيم الشيخ محمد عبده الذى كان رأيه واضحاً وضوح الشمس فى هذا الأمر، فليس من المعقول فى القرن الواحد والعشرين أن يترك الناس الآراء المستنيرة ويتمسكوا بآراء متزمتة، وإذا رفض هؤلاء الطلاب فكر الشيخ محمد عبده فهذا من حقهم فليؤمنوا بما يشاءون، ولكن ليس من حقهم إطلاقاً فرض رأيهم بالقوة، فكيف تقول إنك تؤمن بالديمقراطية وترفضها فى الوقت نفسه؟!
إن هذه الأفكار المتطرفة حين تتحول إلى أفعال باستخدام القوة يكون الأمر خطيراً، لأن هيبة الجامعة وهيبة الدولة الآن أصبحتا على المحك، وقد تأتى أى مجموعة من الناس بأى أفكار وتفرضها أيضاً بالقوة ونعود إلى عصر الغابة، فهناك اتحاد طلاب اختاره زملاؤهم وهناك عميد منتخب من أعضاء هيئة التدريس، ليس من حق مجموعة أياً كانت أن تفرض رأيها عليهم وإلا تحل الفوضى. هل تريدون أن تستبدل ديكتاتورية حسنى مبارك بفاشية مجموعات تفرض بالقوة ما تريد؟ ما الفرق بين أمن الدولة سابقاً الذى كان يفعل ما يريد داخل الجامعة وبين هؤلاء الطلاب الذين يفعلون الشىء نفسه؟
لابد من وقفة داخل الجامعات المصرية كلها ولابد أن يقف الطلاب وأعضاء هيئة التدريس بل مصر كلها للدفاع عن كيانها وحريتها التى استردتها من أمن مبارك، ولسنا مستعدين للتخلى عنها لأى مخلوق أو مجموعة، علينا أن نحترم آراءهم وأفكارهم، وعليهم أن يحترموا أفكارنا أيضاً.
أما الأمر الثانى فكان تغطية وجه بعض التماثيل بالشمع وتكسير تمثال فرعونى مقلد فى مدخل المنصورة، وقيل إن السبب هو أن هذه أصنام يجب التخلص منها، وأعود مرة أخرى إلى الفقيه محمد عبده الذى كانت كلماته فاصلة فى الرسم والنحت وأنها حلال. هل رأيتم أحداً فى عصرنا يعبد تمثالاً فرعونياً؟ هل سمعتم عن أحد يتخذ أحد التماثيل إلهاً؟
هناك عِلم كبير ومهم اسمه التاريخ يبين عظمة أجدادنا الذين كانوا يحترمون العلم والبحث العلمى وكانوا أول من عرف وحسب التوقيت والأيام والشهور، وعرفوا مبادئ الكيمياء والصناعة وكانت لهم معرفة بالطب بل قاموا بإجراء بعض العمليات الجراحية المعقدة. هؤلاء العظام الذين يحترمهم العالم كله ويدرسون تاريخهم فى السنوات الأولى فى مدارس الدنيا كلها ويأتى السياح من العالم كله ليشاهدوا هذا الشعب المعجزة، كيف نفكر فى تحطيم آثارهم وتغطيتها بالشمع؟ هذا إهدار لتاريخ مصر وحضارتها ومجدها.
ثم نأتى أخيراً لرأى بعض التيارات الإسلامية فى السياحة التى عبروا عنها بأنهم غير سعيدين بها، وقال أحدهم إنه يرحب بالسياحة الدينية، وطالب آخر بتحديد الملبس والمشرب والمأكل للسياح. لا أحد يفكر فى أن هناك مليون مصرى يعملون بالسياحة وأن كلاً منهم يعول فى المتوسط أربعة أفراد يعنى أننا نتكلم عن خمسة ملايين مصرى يعيشون على ريع السياحة، كيف أقرر بخطاب حماسى قطع عيشهم وبهدلتهم وذلهم فقراً؟ لا أدرى لماذا كل ذلك الآن؟ فهناك مفكرون وقادة إسلاميون يعرفون جيداً أهمية الحفاظ على الوطن واقتصاده.
إن ما يحدث حولنا يثير الخوف والريبة، لماذا تريدون القضاء على مستقبل مصر؟ إن مصر دولة لها تاريخ نحبه ونحترمه بدءاً بالتاريخ الفرعونى ثم القبطى ثم الإسلامى، ويجب أن نعتز بتاريخنا كله لأنك لا تستطيع أن تخلع جلدك بغض النظر عن انتمائك السياسى. إن ما نسمعه هذه الأيام من بعض قادة التيارات الإسلامية شىء يشير إلى أننا عدنا إلى القرون الوسطى، فمن قائل إنه سوف يدفن من يعارضه، وهناك من قال أسوأ من ذلك. أين الديمقراطية وأين الحوار؟
هل هو حقاً تيار دينى روحانى يريد التقرب من الخالق أم هو سعى إلى السلطة وحب فيها؟ مصر يجب أن تستمر وتعيش بأهلها يتمتعون بالطبيعة ويستمعون إلى الموسيقى ويبدعون فنوناً راقية وأدباً يغوص فى النفس الإنسانية. هذه هى مصر الخلاقة الجميلة الرائعة القريبة دائماً من الله ومن الإنسان. قفوا جميعاً ندافع عن حبيبتنا مصر.
قوم يا مصرى ... مصر دايماً بتناديك
رابط html مباشر:
التعليقات: