فقهاء: إضراب المعلمين خيانة لله ورسوله
لا تشرق شمس يوم جديد إلا ويستفتحها المواطنون والعاملون بقطاعات الدولة المختلفة بمظاهرة أو اعتصام، احتجاجا على عدم تنفيذ مطلب فئوي أو انتهاجا لسياسةبعض "الفهلوية" والتي تتبع القول المأثور "اطرق الحديد وهو ساخن"، خاصة بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير والتي قفز عليها حتى المعارضون لها، فاختلط الحابل بالنابل وضاع الفقراء وسط انتهازية المتلونين.البعض يظن أن الفرصة أصبحت مواتية لتحقيق المبدأ المعمول به في السابق "اللى مش هيكسب دلوقتي مش هيكسب بعدين"، حتى تكالب الجميع على ما تبقى من مصر، وسط تهديدات لم يعهدها المجتمع من قبل وصلت لحد إضراب المدرسين عن دخول فصولهم في أول يوم من أيام الدراسة دون النظر لمستقبل أولاد الفقراء الذين لا يعرفون كيف يواجهون مصائبهم التي فتت عظامهم.
فضلا عن جرأة بعض الائمة والخطباء على التهديد بعدم صعود المنابر يوم الجمعة حتى تتحقق مطالبهم غير مكترثين بما أمر به الله من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكأن خطبة الجمعة في نظرهم سلعة يمنعونها ويهبونها وقتما يشاءون.
في غضون ذلك، أكد الشيخ يوسف البدري عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، أن إضرابات المعلمين وعمال المصانع والاطباء أمر لايجوز شرعا لما فيه من تعطيل للأعمال وفساد للحياة وإضرار بالدخل القومي وتخريب للاقتصاد، فضلا عن التجرأ على الدولة بحيث تضيع هيبتها.
وطالب البدري الدولة بعدم السماح بهذه الاضرابات، داعيا المعلمين التوقف عن هذه المهزلة، متسائلا: "كيف للمعلمين وهم قدوة أن يربوا النشئ على الفوضى وعدم احترام القانون.. هذه الأفعال مرفوضة من كل الجوانب الشرعية والاقتصادية والقانونية".
حرام شرعا
وصرح بأنه تقدم برفع قضية طالب الدولة فيها بوقف الإضرابات وأن يتم تخصيصها في يوم واحد ومكان واحد شرط ألا تعطل الحياة والمصالح العامة.
من جانبه، أشار الدكتور عبد الفتاح إدريس أستاذ ورئيس قسم الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، إلى أن الشرع أمر بوفاء العقود، ومن ثم فلا يجوز للمدرسين أن يمتنعوا عن عملهم لأن هناك عقدا مبرما بينهم وبين الدولة وافقوا فيه على العمل المتفق عليه بالأجر المحدد الذي ارتضوا به.
متسائلا: "كيف ينتهز من نعدهم ليكونوا قدوة لأبنائنا ما تمر به الدولة من ضعف لتحقيق مارب شخصية؟ ولماذا لم يفعلون ذلك من قبل حينما كانت الدولة في عنفوانها؟ هل يجوز أن يستغل إنسان ضعف إنسان لينقض عليه؟"، مذكرا بقوله تعالى "يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود".
حقوق أم انتهازية
وأكد إدريس أن الوفاء بالعهد يقتضي أن يقوم بما يقر عليه العقد من القيام بواجباته من تدريس وتعليم، لافتا إلى أن الإضراب ليس له مبرر شرعي، ومن ثم الإصرار عليه خطيئة كبيرة في حق الوطن والدين، منبها على أنه إذا كان المرتب الذي يتقاضونه المدرسون لا يعجبهم فلينهوا عقودهم مع الدولة ويبحثون عن مكان أخر أو أن يسلكوا القنوات الشرعية للمطالبة بحقوقهم إن كان هناك حقوق، بدلا من أن يتسببوا في ضياع مستقبل أبنائنا الذين وضعوا أمانة في رقابهم، بحد قوله.
وشددت الدكتورة ماجدة محمود هزاع أستاذ ورئيس قسم الفقه المقارن بجامعة الأزهرعلى أن إضراب المعلمين أمر لايجوز شرعا لأن عملهم رسالة يجب تأديتها ، وعليهم اذا لم يرتضوا بأجورهم أن يحتجوا عبر طرق مشروعة لا يترتب عليها تعطيل العملية التعليمية لقول صلى الله عليه وسلم "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه"، موضحة أن من حسن إتقان العمل هو المواظبة على الحضور واعطاء التلاميذ الدروس وتعليمهم ما يجب تعليمه.
وأشارت هزاع إلى أن هؤلاء المدرسين عند تعيينهم بالوزارة كانوا يعلمون راتبهم مسبقا، وعند تعيينهم كانوا يعلمون ما يحصلون عليه، وبناءً عليه تم التعاقد بين المعلمين والوزارة والتزمت الوزارة بما عليها من رواتب ويجب على المعلمين الالتزام بأداء عملهم، لأن الامتناع عنه أو التقصير فيه خيانة لله ولرسوله .
وأضافت أن المدرس لم يجبره أحد على العمل بالوزارة فهو من سعى للعمل بها وليس من حقه أن يضرب عنه ويتسبب في تعطيل سير الدراسة، خاصة في ظل ما تعاني منه الدولة في هذه الأيام.
الوفاء بالعقود
وشدد السيد الهادي عضو لجنة الفتوى بالأزهر على الالتزام والوفاء بالعهود والمواثيق التي يقطعها الإنسان على نفسه تجاه الغير، وضرورة أن يقوم العامل بجميع الأعمال الموكلة إليه على الوجه الذي يرضى الله تعالى لقوله تعالى "يأيها الذين أمنوا أوفوا بالعقود"، خاصة أن الإضراب عن العمل قد يصاحبه بعض المفاسد وأعمال الشغب ومظاهر العنف وهذا ما يرفضه الشرع الكريم بناء على القاعدة الفقهية "درء المفاسد أولى من جلب المنافع" .
وأشار الهادي إلى أن الانقطاع عن العمل يجوز في حالة واحدة فقط هي انقطاع الأجور، لقول النبي صلى الله عليه وسلم "أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه" أما الإضراب فهو ليس من الدين في شيء.
رابط html مباشر:
التعليقات: