من واقع معايشتي الصحفية: قراءة في ملف أحوالنا الشخصية
الاعتصام الذي شهدته الكاتدرائية الاثنين الماضي أمام المجلس الإكليريكي للأحوال الشخصية ومحاولة الاعتداء علي نيافة الأنبا بولا بوصفه رئيس المجلس الإكليركي بالإنابة المسئول عن الأحوال الشخصية أحد تداعيات المناخ الثوري الذي تعيشه مصر الآن, والذي اختلط في بعض مظاهره الحق والباطل.. وكنت قد كتبت الأسبوع الماضي في عمود 'نبضات' عن الشعرة التي تفصل بين الحرية والفوضي.
من واقع تعاملي مع أصحاب مشاكل الأحوال الشخصية الذين يتوافدون علي في الجريدة لاحظت عدة ملاحظات:
* أجدهم بحكم ما يتعرضون له من مشكلات وضغوط حادين غالبا -وهم معذورون- ودائما يظن الطرف القادم بالشكوي أنه علي حق بالرغم من كشف الحوارأحيانا أنه ليس كذلك وأن الطرف الغائب هو المظلوم, وأن الأكثر صبرا هم أصحاب الحقوق!!.
* أنهم لا يعرفون الطريقة المتسلسلة لقضاياهم فبعضهم لا يكون أصلا رفع قضيته أمام المحكمة ويطلب أن تطلقه الكنيسة أو أن تعطيه تصريحا بالزواج!! علي الرغم من أن حكم التطليق ليس من اختصاص المجلس الإكليريكي, وإنما هو اختصاص قضائي تقوم بعده الكنيسة بالنظر في الحكم فإذا كان مطابقا لوصايا الإنجيل تعطي من حصل علي حكم نهائي بالتطليق تصريحا بالزواج.. ومهما اقتنعت الكنيسة بحق المدعي في التطليق لا تستطيع أن تعطيه تصريحا بالزواج ما لم تحكم المحكمة بذلك وإلا تكون الكنيسة مشتركة في جريمة الجمع بين زوجين.
* البعض الآخر يكون قد لجأ بالفعل إلي رفع قضيته أمام المحكمة وحصل بالفعل علي حكم تطليق وربما يكون قد استغرق سنوات أمام التقاضي المدني ونفذ صبره فيريد أن يدفع بهذا الحكم في وجه الكنيسة ليلزمها بالموافقة عليه وإعطائه تصريحا بالزواج و قد لا يعلم أن المحكمة لا تحكم دائما وفق الدستور المسيحي, وأن حيثيات حصوله علي الحكم لا يوافق حكم الكنيسة, وأنه لكي تفصل الكنيسة في ذلك تحتاج إلي وقت لدراسة القضية.. ولكنه يحسب علي الكنيسة السنوات التي ضاعت في البطء في الإجراءات القضائية أمام المحاكم!!.
* بعض المشتكين وخاصة من النساء يتمنين أن يحصلن علي تصريح الكنيسة بالزواج لا لأنهن يرغبن في الزواج الثاني وإنما لأنهن يردن الاطمئنان بتقطيع كل ما يربطهن بأي شكل بالزواج السابق نتيجة مرارة الحياة معه.. ومنهن من يجدن أن الإبطاء في الحكم القضائي مضافا إليه الإبطاء في الحكم الكنسي يسرق عمرهن ويقلل فرصتهن في زواج ثان غالبا ما يحتجن فيه إلي تأن كبير قبل اتخاذ قرار بالزواج خاصة وأن الزوجة في هذه الحالة لا تستطيع أن تطلق فكرها ولا مشاعرها إلي طريق الارتباط الثاني إلا بعد تصريح الزواج, بل إن ثبوت ارتباطها بشخص آخر ولو من قبل التعارف لأجل الزواج بينما ما زالت القضية منظورة أمام الكنيسة أو المحكمة قد يضر بموقفها لصالح زوجها الذي أصبح خصمها.
* ومن خلال اتصالاتي بالمجلس الإكليريكي عرفت الطريق السليم لتوجيه أصحاب هذه المشكلات حتي لا يقعوا في دوامة المتناقضات بين الأحكام القضائية والكنسية وهي أن يتوجهوا أولا إلي المجلس الإكليريكي ويعرضوا أبعاد مشكلاتهم علي الأب الكاهن المختص الذي يدرسها من كل الأطراف فإما يجدها تحل بالمشورة الأسرية وترجع الحياة الزوجية لطبيعتها وإما أن يفتح ملفا بالمجلس تحقق فيه القضية وتنظر من المنظور المسيحي فإذا ثبت الحق في التطليق أو في بطلان الزواج ينصح المتقدم بشكواه إلي رفع قضيته أمام القضاء ثم الرجوع إلي المجلس الإكليريكي ليأخذ تصريحا بالزواج.
* أما من يري المجلس ألا يحق له الطلاق فيتم مصارحته أن الكنيسة لن تستطيع إعطاءه تصريحا بالزواج حتي لو حصل علي حكم قضائي بذلك والبعض يقتنع ويستطيع أن يعيد تدوير حياته مع شريكه والبعض الآخر يظن أن حصوله علي الحكم القضائي سيلوي ذراع الكنيسة, أو قد تغير موقفها مستقبلا وهذا ما لا يحدث وغالبا ما يكون هؤلاء هم مثار الاحتجاج والتذمر علي المجلس الإكليريكي, ولهذا صرح المجلس في تصريحه بعد أحداث الاثنين الماضي بأنه لا يمكن الخروج علي القواعد التشريعية والدينية تحت أي ظرف من الظروف أو ممارسة ضغوط عليها بأي شكل للخروج علي هذه التشريعات.
* يعترض البعض ممن حصلوا علي حكم قضائي بالتطليق علي إعطاء الكنيسة تصريحا بالزواج لطرف دون آخر وتوضح الكنيسة حجتها بأن الطرف المظلوم يؤتمن علي حياة زوجية جديدة بتصريح الزواج أما من كان هو الطرف المتسبب في الطلاق أي المخطئ فلا يؤتمن علي زواج جديد حتي لا تتكرر نفس المشكلة مرة أخري.
* أما عن سبب التناقض بين أحكام الكنيسة والمحكمة فيعود باختصار إلي أن المحكمة تحكم بمواد لائحة 38 والتي رفضتها الكنيسة منذ ما يزيد علي نصف قرن بعد أن رأي البابا يوساب الـ115 في البطاركة -السابق للبابا كيرلس السادس- أن لائحة 38 توسعت في أسباب التطليق بما يخالف الشريعة المسيحية وأصدرت الكنيسة وقتها تشريع 1955 للأحوال الشخصية, ولكن رفضت المحاكم المدنية الأخذ به وواصل البابا كيرلس معارضة اللائحة وقدم بذلك مذكرة إلي وزير العدل ومجلس الدولة في 12 أكتوبر 1962 ثم واصل البابا شنودة المسيرة ونجح في وضع مشروع موحد لقانون الأحوال الشخصية للمسيحين ووقعت عليه كل الطوائف والذي حد أسباب التطليق للزنا ووضع 6 أحوال الزنا الحكمي أي ما هو في حكم الزنا.
ولم يؤخذ به حتي الآن علي الرغم بأن إقراره وتطبيقه في المحاكم سيحل إشكالية التناقض بين الأحكام القضائية والكنسية التي تعتبر الباب الواسع لأصحاب التذمر الثوري.
* أما همستي في أذن آبائي الموقرين بالمجلس الإكليريكي فهي أن أصحاب المشكلات يحتاجون إلي آذان أكثر إصغاء وقلوب أكثر اتساعا وإلي خدمة روحية مكثفة وبت أسرع في مشاكلهم قد يحتاج إلي زيادة أعداد الآباء المسئولين في المجلس ليستطيعوا إنجازها.
نادية - وطني
من واقع تعاملي مع أصحاب مشاكل الأحوال الشخصية الذين يتوافدون علي في الجريدة لاحظت عدة ملاحظات:
* أجدهم بحكم ما يتعرضون له من مشكلات وضغوط حادين غالبا -وهم معذورون- ودائما يظن الطرف القادم بالشكوي أنه علي حق بالرغم من كشف الحوارأحيانا أنه ليس كذلك وأن الطرف الغائب هو المظلوم, وأن الأكثر صبرا هم أصحاب الحقوق!!.
* أنهم لا يعرفون الطريقة المتسلسلة لقضاياهم فبعضهم لا يكون أصلا رفع قضيته أمام المحكمة ويطلب أن تطلقه الكنيسة أو أن تعطيه تصريحا بالزواج!! علي الرغم من أن حكم التطليق ليس من اختصاص المجلس الإكليريكي, وإنما هو اختصاص قضائي تقوم بعده الكنيسة بالنظر في الحكم فإذا كان مطابقا لوصايا الإنجيل تعطي من حصل علي حكم نهائي بالتطليق تصريحا بالزواج.. ومهما اقتنعت الكنيسة بحق المدعي في التطليق لا تستطيع أن تعطيه تصريحا بالزواج ما لم تحكم المحكمة بذلك وإلا تكون الكنيسة مشتركة في جريمة الجمع بين زوجين.
* البعض الآخر يكون قد لجأ بالفعل إلي رفع قضيته أمام المحكمة وحصل بالفعل علي حكم تطليق وربما يكون قد استغرق سنوات أمام التقاضي المدني ونفذ صبره فيريد أن يدفع بهذا الحكم في وجه الكنيسة ليلزمها بالموافقة عليه وإعطائه تصريحا بالزواج و قد لا يعلم أن المحكمة لا تحكم دائما وفق الدستور المسيحي, وأن حيثيات حصوله علي الحكم لا يوافق حكم الكنيسة, وأنه لكي تفصل الكنيسة في ذلك تحتاج إلي وقت لدراسة القضية.. ولكنه يحسب علي الكنيسة السنوات التي ضاعت في البطء في الإجراءات القضائية أمام المحاكم!!.
* بعض المشتكين وخاصة من النساء يتمنين أن يحصلن علي تصريح الكنيسة بالزواج لا لأنهن يرغبن في الزواج الثاني وإنما لأنهن يردن الاطمئنان بتقطيع كل ما يربطهن بأي شكل بالزواج السابق نتيجة مرارة الحياة معه.. ومنهن من يجدن أن الإبطاء في الحكم القضائي مضافا إليه الإبطاء في الحكم الكنسي يسرق عمرهن ويقلل فرصتهن في زواج ثان غالبا ما يحتجن فيه إلي تأن كبير قبل اتخاذ قرار بالزواج خاصة وأن الزوجة في هذه الحالة لا تستطيع أن تطلق فكرها ولا مشاعرها إلي طريق الارتباط الثاني إلا بعد تصريح الزواج, بل إن ثبوت ارتباطها بشخص آخر ولو من قبل التعارف لأجل الزواج بينما ما زالت القضية منظورة أمام الكنيسة أو المحكمة قد يضر بموقفها لصالح زوجها الذي أصبح خصمها.
* ومن خلال اتصالاتي بالمجلس الإكليريكي عرفت الطريق السليم لتوجيه أصحاب هذه المشكلات حتي لا يقعوا في دوامة المتناقضات بين الأحكام القضائية والكنسية وهي أن يتوجهوا أولا إلي المجلس الإكليريكي ويعرضوا أبعاد مشكلاتهم علي الأب الكاهن المختص الذي يدرسها من كل الأطراف فإما يجدها تحل بالمشورة الأسرية وترجع الحياة الزوجية لطبيعتها وإما أن يفتح ملفا بالمجلس تحقق فيه القضية وتنظر من المنظور المسيحي فإذا ثبت الحق في التطليق أو في بطلان الزواج ينصح المتقدم بشكواه إلي رفع قضيته أمام القضاء ثم الرجوع إلي المجلس الإكليريكي ليأخذ تصريحا بالزواج.
* أما من يري المجلس ألا يحق له الطلاق فيتم مصارحته أن الكنيسة لن تستطيع إعطاءه تصريحا بالزواج حتي لو حصل علي حكم قضائي بذلك والبعض يقتنع ويستطيع أن يعيد تدوير حياته مع شريكه والبعض الآخر يظن أن حصوله علي الحكم القضائي سيلوي ذراع الكنيسة, أو قد تغير موقفها مستقبلا وهذا ما لا يحدث وغالبا ما يكون هؤلاء هم مثار الاحتجاج والتذمر علي المجلس الإكليريكي, ولهذا صرح المجلس في تصريحه بعد أحداث الاثنين الماضي بأنه لا يمكن الخروج علي القواعد التشريعية والدينية تحت أي ظرف من الظروف أو ممارسة ضغوط عليها بأي شكل للخروج علي هذه التشريعات.
* يعترض البعض ممن حصلوا علي حكم قضائي بالتطليق علي إعطاء الكنيسة تصريحا بالزواج لطرف دون آخر وتوضح الكنيسة حجتها بأن الطرف المظلوم يؤتمن علي حياة زوجية جديدة بتصريح الزواج أما من كان هو الطرف المتسبب في الطلاق أي المخطئ فلا يؤتمن علي زواج جديد حتي لا تتكرر نفس المشكلة مرة أخري.
* أما عن سبب التناقض بين أحكام الكنيسة والمحكمة فيعود باختصار إلي أن المحكمة تحكم بمواد لائحة 38 والتي رفضتها الكنيسة منذ ما يزيد علي نصف قرن بعد أن رأي البابا يوساب الـ115 في البطاركة -السابق للبابا كيرلس السادس- أن لائحة 38 توسعت في أسباب التطليق بما يخالف الشريعة المسيحية وأصدرت الكنيسة وقتها تشريع 1955 للأحوال الشخصية, ولكن رفضت المحاكم المدنية الأخذ به وواصل البابا كيرلس معارضة اللائحة وقدم بذلك مذكرة إلي وزير العدل ومجلس الدولة في 12 أكتوبر 1962 ثم واصل البابا شنودة المسيرة ونجح في وضع مشروع موحد لقانون الأحوال الشخصية للمسيحين ووقعت عليه كل الطوائف والذي حد أسباب التطليق للزنا ووضع 6 أحوال الزنا الحكمي أي ما هو في حكم الزنا.
ولم يؤخذ به حتي الآن علي الرغم بأن إقراره وتطبيقه في المحاكم سيحل إشكالية التناقض بين الأحكام القضائية والكنسية التي تعتبر الباب الواسع لأصحاب التذمر الثوري.
* أما همستي في أذن آبائي الموقرين بالمجلس الإكليريكي فهي أن أصحاب المشكلات يحتاجون إلي آذان أكثر إصغاء وقلوب أكثر اتساعا وإلي خدمة روحية مكثفة وبت أسرع في مشاكلهم قد يحتاج إلي زيادة أعداد الآباء المسئولين في المجلس ليستطيعوا إنجازها.
نادية - وطني
رابط html مباشر:
التعليقات: