لأب سهيل قاشا لـ "السياسة ": الحوار الإسلامي - المسيحي ولد ميتاً والتفاعل في المدارس والمعامل والشوارع يبعث فيه الحياة
المسيحيون في العراق يتعرضون للانتهاكات أسوة بالمسلمين ..ولا قصد في استهدافهم
شارك المسيحيون في ازدهار الحضارة العربية على مر العصور
لم يشهد العراقيون تمييزاً بين المسيحيين والمسلمين إلا بعد العام 2003
شعار الفوضى الخلاقة مخادع ... والعراق لم يكن طائفياً كما هو اليوم
بيروت - سجا العبدلي:
انطلق الاب قاشا من حاضرة التاريخ المسيحي وبلدة المفكرين السريان "بخديدا" او "قره قوش" لينطلق في مشوار الألف ميل نحو تأطير المشهد الفكري بالعشرات من المؤلفات والبحوث والاطاريح التي يأتي في مقدمتها أطروحته لنيل شهادة الدكتوراة من جامعة الحضارة الاسلامية في بيروت العام 2005, وحملت عنوان "المسيحيون في الدولة الاسلامية" ويشغل حاليا منصب الأمين العام للجامعة المذكورة وأستاذ مادة الاسلاميات والتراث العربي.
مفكر وباحث وبروفيسور في الحضارة العربية له عدد من الكتب والمؤلفات التي تتطرق الى مواضيع عدة منها التاريخ والتراث, الدين والمجتمع, القصص والشعر, الاسلاميات وغيرها من الدراسات وقد بلغ عدد المنشور منها اكثر من 85 كتابا, له العديد من المؤلفات والكتب الجديدة منها "عراق الأوائل, تاريخ نصارى العراق, الحكمة السومرية, الحكمة في بابل, الموصل في العهد الجليلي, السريان في البصرة, الموصل في القرن التاسع عشر, البصرة في المصادر السريانية".. معه كان الحوار التالي:
نستطيع القول إن نسبة المسيحيين في العراق ما قبل السقوط هي ما بين 5 الى 3 بالمئة لكن ما بعد السقوط والهجرة التي تمت والهروب من الظروف الصعبة اصبح عددهم لا يزيد عن نصف مليون عراقي.. فتكون النسبة في هذه الحالة 1 في المئة او اقل من مجموع السكان, وهي نسبة قليلة جدا.
العراقيون لا يريدون تهجير المسحيين فلقد كان المسيحيون مندمجين في المجتمع العراقي, برأيي ان هناك جهات غريبة من خارج العراق تسببوا بخروج المسيحيين من العراق. فلا يوجد قصد او عمد لتهجير المسيحيين بدليل ان الحكومة العراقية اتصلت برؤساء المسيحيين الروحانيين وطلبت منهم عدم الهجرة نظرا لاهمية الشريحة المسيحية في العراق.
لقد كانوا في حالة جيدة جدا في العراق حيث كانت الامية قليلة جدا بينهم فكانوا مهتمين بقطاع التعليم, وهناك عدد كبير منهم كانوا يتبوأون مراكز مهمة في الدولة, فمنهم وزراء ومدراء عاملون في مؤسسات الدولة بالاضافة الى مناصب عدة خصوصا على صعيد التعليم فغالبية كبيرة منهم كانوا معلمين واساتذه جامعيين وكانوا يمسكون الاقتصاد العراقي بشكل كبير وكانوا متفوقين بهذا المجال ولهم دور اقتصادي واجتماعي وعلمي وفكري كبير.اما اليوم فضعفت هذه الحالة بهجرة اصحاب الكفاءة منهم فلا مجال للمقارنة بين حالهم ما قبل السقوط وما بعد السقوط.
وقد وضعت كتاباً في هذا الميدان تحت عنوان "التراث العربي المسيحي" وكتاباً اخر بعنوان "المسيحيون في الدولة الاسلامية" و"لمحات من تاريخ نصارى العراق" و"مسيحيو العراق في العصر الحديث والمعاصر" ومن ابرز اعلام هذه الفترة الطبيب حنيين بن اسحاق الذي كان ايضا مترجما كبيرا من السريانية واليونانية الى العربية وكذلك الطبيب جزلة بن زرعة, وال بختيشوع الذين خدموا الدولة العباسية لاكثر من 300 سنة فبرز منهم اطباء ومترجمون ومنهم جدهم الاول جبرائيل بن بختيشوع الذي كان طبيبا لابي جعفر المنصور وكذلك اولاده واحفاده من بعده الذين خدموا لدى الخليفة هارون الرشيد والامين والمامون والمعتصم, فالمعتصم كان لديه طبيب مسيحي خاص اسمه ابن ماسويه وحينما مرض ماسويه عاده الخليفة المعتصم في داره مرتين وحينما توفي امر الخليفة ان يصلى على جثمانه في بلاط الخلافة حيث الشموع والبخور وقد ترأس الصلاة البطريارك انذاك.
كذلك من اعلام المسيحيين بن لوقا البعلبكي وحبيش بن الاعصم وهما طبيبان ومترجمان ويحيى بن عدي التكريتي الذي كان طبيبا ومترجما وفيلسوفا ودرس عند الفارابي, والفارابي درس عند المطران يوحنا بن حيلان وهكذا نجد العشرات من الاسماء اللامعة في ميدان المعرفة من المسيحيين ايام الدولة العباسية. وكذلك في الدولة الاموية وتوصلت جهودهم لغايه سقوط العالم العربي تحت سلطة الدولة العثمانية.
وفي اواخر الدولة العثمانية نهض بعض المسيحيين الذين طالبوا باستقلال العرب عن الدولة العثمانية واعادوا للغة العربية مجدها عليها امثال ناصيف اليازجي وابراهيم اليازجي وفارس الشدياق والبساتنة منهم بطرس البستاني وغيرهم الكثيرون الذي برزوا في ميدان المعرفة انذاك وطالبوا ان يكون للعرب دولة مستقلة.
ومن اهم القصائد التي قيلت في هذا الميدان على لسان ابراهيم اليازيجي الذي قال:
" تنبهوا واستفيقوا ايها العرب
فقد طمى الخطب وحتى غاصت الركب"..
واصفا الحالة المزرية التي وصل اليها العرب للنهوض واعادة مجدهم وقد اصدرت الدولة العثمانية عقوبة الاعدام لمن يردد هذه القصيدة والى جانب ذلك ظهرت شخصيات عربية قومية مثل نجيب عازوري وخليل غانم وكثيرون. وفي تلك الفترة ظهرت صحف عربية مسيحية في اوروبا تطالب بحقوق العرب السياسية والاجتماعية والثقافية منها مجلة »النحلة« للويس صابونجي وقد نالها الحرمان مرات عدة من الدولة العثمانية, وجريدة صدى بابل لداوود صليوا الذي سجن مرات عدة بسبب ما كان يكتبه في الجريدة, وان اول مجلة مسيحية عربية ظهرت في العراق كانت على يد الاباء الدومينيكان باسم "اكليل الورود" في العام .1902
اما اخر كتاب لي فهو "القران بحث ودراسة" وهناك كتابان في سيرة الرسول الاول "البيئة والنشأة" والثاني بعنوان "الأصول".
بالاضافة الى ما وضعت من الكتب الاسلامية للتدريس منها "علوم القران والحديث" و"تاريخ التصوف الاسلامي", "المدارس الفقهية والمذاهب الاسلامية" وغيرها من الكتب الكثيرة.
الى اي مدى تصح مقولة "التاريخ يعيد نفسه" فيما يخص ما يحدث في العالم?
قد تصح الى حد ما وهي ليست كاملة لان الايام تعيد نفسها ولكن ليس بذات الطريقة او الاسلوب ولا بذات الوقائع بل هي تتشابه في بعض الاحيان فغزو نابليون لروسيا, وغزو هتلر لروسيا مرا بنفس الظروف.
هناك تشابه في الأحداث بكل تأكيد لكن هناك وقفات تاريخية لدولة واحدة او لدول عدة تتشابه. فمثلا أن نقول ثورة "14 تموز" 1789 في فرنسا تتشابه مع ثورة "14 تموز" في العراق.
شارك المسيحيون في ازدهار الحضارة العربية على مر العصور
لم يشهد العراقيون تمييزاً بين المسيحيين والمسلمين إلا بعد العام 2003
شعار الفوضى الخلاقة مخادع ... والعراق لم يكن طائفياً كما هو اليوم
بيروت - سجا العبدلي:
انطلق الاب قاشا من حاضرة التاريخ المسيحي وبلدة المفكرين السريان "بخديدا" او "قره قوش" لينطلق في مشوار الألف ميل نحو تأطير المشهد الفكري بالعشرات من المؤلفات والبحوث والاطاريح التي يأتي في مقدمتها أطروحته لنيل شهادة الدكتوراة من جامعة الحضارة الاسلامية في بيروت العام 2005, وحملت عنوان "المسيحيون في الدولة الاسلامية" ويشغل حاليا منصب الأمين العام للجامعة المذكورة وأستاذ مادة الاسلاميات والتراث العربي.
مفكر وباحث وبروفيسور في الحضارة العربية له عدد من الكتب والمؤلفات التي تتطرق الى مواضيع عدة منها التاريخ والتراث, الدين والمجتمع, القصص والشعر, الاسلاميات وغيرها من الدراسات وقد بلغ عدد المنشور منها اكثر من 85 كتابا, له العديد من المؤلفات والكتب الجديدة منها "عراق الأوائل, تاريخ نصارى العراق, الحكمة السومرية, الحكمة في بابل, الموصل في العهد الجليلي, السريان في البصرة, الموصل في القرن التاسع عشر, البصرة في المصادر السريانية".. معه كان الحوار التالي:
- حدثنا عن نسبة المسيحيين في العراق ما قبل الحرب والنسبة التي تبقت منهم بعد الحرب?
نستطيع القول إن نسبة المسيحيين في العراق ما قبل السقوط هي ما بين 5 الى 3 بالمئة لكن ما بعد السقوط والهجرة التي تمت والهروب من الظروف الصعبة اصبح عددهم لا يزيد عن نصف مليون عراقي.. فتكون النسبة في هذه الحالة 1 في المئة او اقل من مجموع السكان, وهي نسبة قليلة جدا.
- ما رأيك بالانتهاكات التي تعرض لها مسيحيو العراق.. ومن الجهات التي من مصلحتها ان يخلوا العراق من مسيحييه?
العراقيون لا يريدون تهجير المسحيين فلقد كان المسيحيون مندمجين في المجتمع العراقي, برأيي ان هناك جهات غريبة من خارج العراق تسببوا بخروج المسيحيين من العراق. فلا يوجد قصد او عمد لتهجير المسيحيين بدليل ان الحكومة العراقية اتصلت برؤساء المسيحيين الروحانيين وطلبت منهم عدم الهجرة نظرا لاهمية الشريحة المسيحية في العراق.
- ما موقفك من الشتات الذي طال مسيحيي العراق?
- المسيحيون في العراق أين كانوا وكيف أصبحوا?
لقد كانوا في حالة جيدة جدا في العراق حيث كانت الامية قليلة جدا بينهم فكانوا مهتمين بقطاع التعليم, وهناك عدد كبير منهم كانوا يتبوأون مراكز مهمة في الدولة, فمنهم وزراء ومدراء عاملون في مؤسسات الدولة بالاضافة الى مناصب عدة خصوصا على صعيد التعليم فغالبية كبيرة منهم كانوا معلمين واساتذه جامعيين وكانوا يمسكون الاقتصاد العراقي بشكل كبير وكانوا متفوقين بهذا المجال ولهم دور اقتصادي واجتماعي وعلمي وفكري كبير.اما اليوم فضعفت هذه الحالة بهجرة اصحاب الكفاءة منهم فلا مجال للمقارنة بين حالهم ما قبل السقوط وما بعد السقوط.
- ما دور المسيحيين في الحضارة العربية?
وقد وضعت كتاباً في هذا الميدان تحت عنوان "التراث العربي المسيحي" وكتاباً اخر بعنوان "المسيحيون في الدولة الاسلامية" و"لمحات من تاريخ نصارى العراق" و"مسيحيو العراق في العصر الحديث والمعاصر" ومن ابرز اعلام هذه الفترة الطبيب حنيين بن اسحاق الذي كان ايضا مترجما كبيرا من السريانية واليونانية الى العربية وكذلك الطبيب جزلة بن زرعة, وال بختيشوع الذين خدموا الدولة العباسية لاكثر من 300 سنة فبرز منهم اطباء ومترجمون ومنهم جدهم الاول جبرائيل بن بختيشوع الذي كان طبيبا لابي جعفر المنصور وكذلك اولاده واحفاده من بعده الذين خدموا لدى الخليفة هارون الرشيد والامين والمامون والمعتصم, فالمعتصم كان لديه طبيب مسيحي خاص اسمه ابن ماسويه وحينما مرض ماسويه عاده الخليفة المعتصم في داره مرتين وحينما توفي امر الخليفة ان يصلى على جثمانه في بلاط الخلافة حيث الشموع والبخور وقد ترأس الصلاة البطريارك انذاك.
كذلك من اعلام المسيحيين بن لوقا البعلبكي وحبيش بن الاعصم وهما طبيبان ومترجمان ويحيى بن عدي التكريتي الذي كان طبيبا ومترجما وفيلسوفا ودرس عند الفارابي, والفارابي درس عند المطران يوحنا بن حيلان وهكذا نجد العشرات من الاسماء اللامعة في ميدان المعرفة من المسيحيين ايام الدولة العباسية. وكذلك في الدولة الاموية وتوصلت جهودهم لغايه سقوط العالم العربي تحت سلطة الدولة العثمانية.
وفي اواخر الدولة العثمانية نهض بعض المسيحيين الذين طالبوا باستقلال العرب عن الدولة العثمانية واعادوا للغة العربية مجدها عليها امثال ناصيف اليازجي وابراهيم اليازجي وفارس الشدياق والبساتنة منهم بطرس البستاني وغيرهم الكثيرون الذي برزوا في ميدان المعرفة انذاك وطالبوا ان يكون للعرب دولة مستقلة.
ومن اهم القصائد التي قيلت في هذا الميدان على لسان ابراهيم اليازيجي الذي قال:
" تنبهوا واستفيقوا ايها العرب
فقد طمى الخطب وحتى غاصت الركب"..
واصفا الحالة المزرية التي وصل اليها العرب للنهوض واعادة مجدهم وقد اصدرت الدولة العثمانية عقوبة الاعدام لمن يردد هذه القصيدة والى جانب ذلك ظهرت شخصيات عربية قومية مثل نجيب عازوري وخليل غانم وكثيرون. وفي تلك الفترة ظهرت صحف عربية مسيحية في اوروبا تطالب بحقوق العرب السياسية والاجتماعية والثقافية منها مجلة »النحلة« للويس صابونجي وقد نالها الحرمان مرات عدة من الدولة العثمانية, وجريدة صدى بابل لداوود صليوا الذي سجن مرات عدة بسبب ما كان يكتبه في الجريدة, وان اول مجلة مسيحية عربية ظهرت في العراق كانت على يد الاباء الدومينيكان باسم "اكليل الورود" في العام .1902
- ما سبب تركك العراق منذ عشرين عاما?
- ما سبب اختيارك لتدريس مادة الاسلاميات والتراث في جامعة الحضارة الاسلامية في بيروت?
- ما مدى ايمانك بنجاح حوار الاديان والحضارات?
- بصفتك متعمقا في تاريخ العراق وباحثا في حضاراته.. كيف تحلل الوضع العراقي الحالي والى اين يتجه العراق برأيك?
- هناك مقولة للأميركان قالوها حين دخلوا العراق تحت عنوان "الفوضى الخلاقة" ولا ادري كيف تؤدي الفوضى الى الخٌلق.. فهو بكل تأكيد شعار خداع وكبير ولا يزال مستمرا. ايضاً ساد التأخر في ميادين الزراعة والتجارة والنفط بحيث أصبح العراق يعاني الان من التصحر والجذب والتخلف في الكثير من الجوانب.الطائفية التي عانى منها العراق ما اسبابها?
- حدثنا عن مؤلفاتك وابحاثك?
اما اخر كتاب لي فهو "القران بحث ودراسة" وهناك كتابان في سيرة الرسول الاول "البيئة والنشأة" والثاني بعنوان "الأصول".
بالاضافة الى ما وضعت من الكتب الاسلامية للتدريس منها "علوم القران والحديث" و"تاريخ التصوف الاسلامي", "المدارس الفقهية والمذاهب الاسلامية" وغيرها من الكتب الكثيرة.
- ما أهمية البحث العلمي في التاريخ العربي الاسلامي?
- بالحديث عن تشويه التاريخ وسرد الروايات ما روأيك برواية "عزازيل" ليوسف زيدان?
- ما تفسيرك لنجاح الرواية?
الى اي مدى تصح مقولة "التاريخ يعيد نفسه" فيما يخص ما يحدث في العالم?
قد تصح الى حد ما وهي ليست كاملة لان الايام تعيد نفسها ولكن ليس بذات الطريقة او الاسلوب ولا بذات الوقائع بل هي تتشابه في بعض الاحيان فغزو نابليون لروسيا, وغزو هتلر لروسيا مرا بنفس الظروف.
هناك تشابه في الأحداث بكل تأكيد لكن هناك وقفات تاريخية لدولة واحدة او لدول عدة تتشابه. فمثلا أن نقول ثورة "14 تموز" 1789 في فرنسا تتشابه مع ثورة "14 تموز" في العراق.
- ماذا عن عن العلاقات الكويتية العراقية?
رابط html مباشر:
التعليقات: