|

خطة أمريكية للتنسيق مع الإخوان بعد ثورة 25 يناير







منذ اندلاع ثورة 25 يناير تسعي أمريكا علي قدم وساق للوصول إلي الشارع المصري بشتي الطرق التي تمكنها من أن تكون في دائرة الضوء السياسية المصرية.. تلك المساعي دفعت الادارة الامريكية إلي التفكير في التنسيق مع جماعة الاخوان المسلمين بعد أن راهنت عليها كحصان فائز في سباق القوي السياسية بمصر وقوة قادرة علي فتح جميع أبواب الشرق الأوسط المغلقة.

في 29 يونيو الماضي صدر خطاب من مكتب "دانيال بورين" معاونة مدير مكتب الاتصال بالجمهور والمساعدات الخاصة بالبيت الأبيض الأمريكي إلي السيدة "جينيفرلاسزلو مزراحي" مؤسسة منظمة المشروع الإسرائيلي جاء فيه: "إن البيت الأبيض في حيرة حقيقية من جماعة الإخوان المسلمين في مصر فلا يمكن بعد كل هذه الأعوام أن يصنف أحد تلك الجماعة علي أنها جماعة إرهابية، كما لا يمكن أن نصنفها علي أساس أنها جماعة تندرج تحت أي بند من بنود الإرهاب" ولذلك قررت الإدارة الأمريكية استئناف الاتصالات مع جماعة الإخوان المسلمين في مصر التي بدأت علي حد تأكيد الخطاب في عام 2006 حيث تعد تلك الاتصالات لدي الإدارة الأمريكية من النوع المحدود الذي لا يوجد إطار قانوني له.

الخطاب وجد طريقه إلي مجلة اليهود في أمريكا لتنشره مؤكدة أن اللقاءات القادمة بين الإدارة الأمريكية وجماعة الإخوان في مصر ستحضرها إسرائيل رسميا من الباطن عن طريق ممثلين وسياسيين أمريكيين سيلعبون دور السياسة الإسرائيلية علي مائدة التفاوض بين الطرفين. علي الفور ردت «مزراحي» علي «بورين» برسالة عبر البريد الإلكتروني الرسمي سألت فيه عن موقف جماعة الإخوان من حركة حماس التي تحارب إسرائيل فجاء رد دانيال ليكشف أن الاتصالات الأمريكية السرية مع الجماعة لا علاقة لها بحركة حماس وأن تلك الاتصالات جاءت منذ عام 2006 للمساعدة علي ازاحة النظام المصري الديكتاتوري وتحويل مصر إلي الديمقراطية حيث فقد العالم كل الفرص ومعها الأمل في امكانية تحقيق الديمقراطية في إطار النظام الديكتاتوري لعائلة الرئيس المخلوع حسني مبارك.

وفي نهاية رد البيت الأبيض علي رسالة «مزراحي» يتم اخطارها أن الدور الإسرائيلي سيلعبه سرا عدد من المنظمات اليهودية الأمريكية التابعة لإسرائيل وأن علي منظمة المشروع الإسرائيلي أن تستعد لحضور تلك المفاوضات مع جماعة الإخوان المسلمين في مصر وجماعات أخري سيبدأ الحوار السري معها غير أن الخطابات لم تحدد تلك الجماعات.

من هنا نبدأ في التعرف علي اللاعبين الجدد لنعرف أن منظمة المشروع الإسرائيلي منظمة مدنية غير ربحية تعمل علي نشر برامج ونشرات باللغة العربية موجهة للشارع المصري وللإعلام المصري وأن تلك النشرات توزع في مصر منذ عام 2002 علي أساس أنها نشرات صادرة من السفارة الأمريكية بالقاهرة دون ذكر أنها تابعة للمنظمة لأنها في الأساس ترغب في تقريب وجهات النظر بين إسرائيل والعرب وتسعي لبناء جسور التفاهم بين الطرفين.

ونتعرف علي معلومة جديدة تثبت أن المنظمة كانت تعمل بعلم الرئيس المخلوع حيث كان يتبني مشروع المنظمة ويساعده في ذلك سرا الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز وأن صاحب فكرة طباعة النشرات باللغة العربية كان مبارك نفسه حيث وضع لهم أفكارا جديدة لتوزيع منشوراتهم فمثلا اقترح عليهم شراء طائرة هيليوكوبتر تحمل المنشورات باللغة العربية ومنها إلي مصر لتطير إلي المناطق النائية في الصعيد والدلتا لتنشر ثقافة السلام بين ربوع مصر غير أن تلك الطائرة ستعمل علي أنها طائرة أمريكية تابعة للسفارة الأمريكية بالقاهرة.

لنستمر وراء المعلومات لنجد أن دانيال بورين كانت نائبة السكرتير الصحفي لمكتب السيناتور الأمريكي الشهير جوزيف بايدن وقد تلقت تعليمها في جامعة سانت لويس بواشنطن وكانت منسقة العلاقات بين المنظمات اليهودية المتحدة كما يطلق عليها وهي حاصلة علي شهادة الامتياز في العلوم السياسية والدراسات الدولية تخصص شرق أوسط وأنها تصرفت من منطلق تكليف لها من "جون كارسون" مدير المكتب التابع للبيت الأبيض المختص بالاتصال مع الجمهور.

أما «كارسون» فهو خريج عام 1998 من جامعة ويسكونسن في اللغة الإسبانية ونشاطه السياسي بدأ مبكرا حيث ترأس رابطة الطلبة بالجامعة، بعدها التحق بجامعة لوس أنجلوس كاليفورنيا حيث حصل علي درجة الماجستير في الجيولوجيا بعدها أصبح مدير تجمع الديمقراطيين في مجلس الشيوخ عن ولاية ويسكونسن في عام 2001 وهو صاحب فكرة الحصول علي نسبة 25% من الأصوات الانتخابية لإدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما وبالفعل نجح في الحصول علي 25.4% من تلك الأصوات التي رجحت كفة الرئيس أوباما في النهاية.

«كارسون» يعمل هو وزوجته "ربيكيا" في عدة مشاريع للسلام من بين أشهرها مشروع هندوراس المسمي بمشروع خدمة السلام، وفي عام 2007 أصبح كارسون مديرا لحملة أوباما في ولاية إلينوي وهو صاحب فكرة مشروع (المدن الشقيقة) حول العالم وقد كان مديرا للاتصال بالناخبين في حملة الانتخابات الرئاسية لأوباما في 2007ـ2008 وبعدها في 16 يونيو 2008 عينه أوباما في منصب المدير الميداني الوطني في الحملة الانتخابية التي جاءت بأوباما رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية.

إلا أن أوباما كلفه بملف العلاقات مع الإخوان المسلمين مع آخرين بالإدارة الأمريكية خاصة أنه صاحب نظرية (طحن البيانات) حيث يجمع المعلومات المدنية بأساليب لم يسبقه إليها أحد فهو عملاق استغلال المتطوعين والموظفين ذوي الخبرات لخدمة الإدارة الأمريكية في دول العالم وكما سجل عنه رسميا فهو مبتكر في مسألة استخدام شبكة الإنترنت الدولية في التخاطب والتواصل مع المتطوعين بالعالم لخدمة المصالح الأمريكية، وتجده دائما جالسا علي يمين الرئيس أوباما في العديد من الصور داخل البيت الأبيض وعندما تجده في تلك الصورة يجب أن تتوقع وجود مفاوضات أو اتصالات سرية ما مع جهة أو أخري بالعالم تريد الإدارة الأمريكية فتح حوار معها.

الإدارة الأمريكية تشترط مبدئيا نقاطا أولية وضعوها علي قائمة الأولويات للحوار مع الإخوان ومنها أن تعمل الجماعة علي ترويض الشارع المصري والعربي لفكرة تقبل الدور الأمريكي في ثوبه الجديد المدافع عن الحريات وكذلك مجابهة الأصوات المعادية لأمريكا وإسرائيل وأيضا تمهيد الأرض لعملية مفاوضات قادمة بين العرب وإسرائيل ستكون هي آخر المفاوضات التي ستحل بعدها القضية الفلسطينية ومن ثم سيطلب من الإخوان التوقيع علي الاتفاقية ومساندتها وحمايتها بشكل استراتيجي دائم، أما المقابل فهو بصراحة تحترم من جانبهم قد جاء مباشرا وهو تمكينهم من حكم مصر طالما أنهم يملكون القدرة السياسية علي تجنيد وتجييش الشارع المصري والعربي كما ظهر مؤخرا.

أما الشخصية التالية التي ترتب للقاءات الإدارة الأمريكية مع جماعة الإخوان المسلمين في مصر فهي السيدة "نانسي آن دي بارل" نائب موظفي البيت الأبيض التي ستشرف علي الإجراءات ومواعيد اللقاءات وبروتوكول الجلسات وهي المدير العملاق لمشروعات تمويل الخدمات الصحية الأمريكية ومعروف عنها الدقة والصرامة في الإدارة وهي من مواليد مدينة كليفلاند بولاية أوهايو الأمريكية وهي زوجة الصحفي الأمريكي "جاسون دي بارل" المحرر بصحيفة نيو يورك تايمز.

الجدير بالذكر أن بعض المنظمات اليهودية قد اعترضوا علي تولي مكتب الارتباط بالجمهور الأمريكي في الأساس ملف الاتصال بجماعة الإخوان المسلمين في مصر حيث التناقض والاختلاف الكبير في مهمة المكتب وقد سخرت بعض تلك المنظمات من تلك العلاقة وعلقوا علي الأمر بأن الإدارة الأمريكية تريد علي حد تعبيرهم (أمركة) الإخوان المسلمين ولذا فقد سلم ملفهم لجون كارسون.

الغريب أننا نعرف أن «كارسون» ومعه "جون فافيرو" مدير كتاب الخطابات السياسية لأوباما والمستشار الشاب البارز في البيت الأبيض "دافيد بلوف" هم من وقفوا وراء فكرة نتعرف عليها لأول مرة هنا وهي استخدام انهيار نظام مبارك في مصر كعامود الأساس في علاقات الإدارة الأمريكية الجديدة مع الشارع المصري ولا نتعجب عندما نعلم أن هؤلاء معا هم من وضعوا سيناريو خطابات أوباما السياسية التي وجهها للعالم في أحداث الثورة المصرية حتي أننا وجدنا لهم صورة نادرة التقطت لهم في 6 فبراير الماضي حيث كانوا في ذلك التوقيت قد بدأوا مشروع التواصل مع الشارع المصري ونشطاء ميدان التحرير من خلال 25 موظفا هم أعضاء مكتب الاتصال بالجمهور تدير الولايات المتحدة حاليا له علاقاتها بالشارع المصري.

هنا نصل لطرف آخر خطير يتولي أيضا ملف الاتصالات السرية مع جماعة الإخوان المسلمين وفي مقره ستتم اللقاءات السرية بجماعة الإخوان المسلمين المصرية لكنه هذه المرة أشد تخصصا من مكتب جون كارسون وهو مكتب البيت الأبيض لشراكات المحليات والأديان الذي عملت فيه داليا مجاهد عندما كانت تتولي منصب المستشار الخاص بالرئيس أوباما لشئون الدين الإسلامي وقد تركته منذ وقت طويل لتتولي منصب المدير التنفيذي لمركز جالوب أبوظبي.

المثير أن داليا مجاهد كان الغرض من الكشف عنها في البيت الأبيض إعلاميا بحتا استغله الرئيس أوباما لصالح شكله أمام العالم العربي الإسلامي حيث إنها لم تبق سوي عام واحد في منصبها كمستشارة لأوباما ونعرف أنها لم تتلق طيلة فترة عملها تلك أي أوامر من الإدارة الأمريكية كما أنها لم تشارك في اتخاذ ولو قرار واحد وكانت قد شهدت بكل هذا الكلام في خلال مقابلة علنية لها في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة في 8 يونيو الماضي وساعتها علقت علي سؤال من أحد الحاضرين سألها: "ماذا يريد الرئيس الأمريكي منا" فردت: "لا أعلم أنا مثلي مثلكم".

أما مكتب البيت الأبيض لشراكات المحليات والأديان فقد كلف رسميا الآن بتولي ملف جماعة الإخوان المسلمين في مصر وهم يعدون حاليا مشروعا كبيرا ومتكاملا من جميع النواحي يهدف إلي احتواء الجماعة سياسيا وعقد اتفاقات استراتيجية معها بالمنطقة والغريب أن الإدارة الأمريكية تراهن علي أن الإخوان ستكون الحصان الأسود في المفاوضات القادمة بين العرب وإسرائيل وأن الجماعة كما جاء في خطتهم المبدئية سيحلون أكثر المعادلات التي استعصي علي الجميع حلها بمنطقة الشرق الأوسط.

أما ميزانية احتواء الإخوان المسلمين في البيت الأبيض كما أطلقوا علي الخطة فلا سقف لها حتي يقوم أحد بتحديد ميزانية مالية لذلك فما كتب في تلك النقطة أن ميزانية احتواء الإخوان في أمريكا مفتوحة ويساهم فيها كما علمنا دولة إسرائيل.

المهم أن مكتب البيت الأبيض لشراكات الأديان سيكون مسئولا عن الجانب السياسي الديني ومناط به تقديم الأفكار السياسية الدينية عن كيفية تطويع قدرات الإخوان السياسية في الشارع المصري لخدمة الأهداف الأمريكية، ورسميا يعد المكتب جزءا من المكتب التنفيذي للبيت الأبيض حيث استحدثه الرئيس أوباما ومن مستندات المكتب نجد أنه يسعي لدعم المؤسسات الدينية بالعالم شريطة أن تساعد أفراد الشعب الأمريكي" لكننا لا نجد بعد ذلك شرحا لوسائل الدعم تلك كما لا نجد أثرا لكيفية ووسائل مساعدة الشعب الأمريكي.

مكتب الشراكات الدينية يضم 25 عضوا يمثلون كل الطوائف والأديان الموجودة علي الأرض ومن واقع نفس مستندات المكتب نجد أن من بين المهام المنوط بها المكتب مساعدة الشعوب في الأزمات الاقتصادية ومواجهة مخاطر الاجهاض للجماعات الدينية ومساعدتها علي بناء هياكل مالية واستثمارية لخدمة مجتمعاتها.

هل أعجبك هذا؟

رابط html مباشر:



التعليقات:

تعليقات (فيس بوك)
0 تعليقات (أنا قبطي)

0 التعليقات :



الأرشيف الأسبوعي

مواقع النشر الإجتماعية:

تابع الأخبار عبر البريد الإلكتروني







إعلانات ومواقع صديقة:


إحداثيات أناقبطي..

التعليقات الأخيرة

أحدث الإضافات