|

الجاسوس الإسرائيلى إيلان
 
رغم أن اهتمام وسائل الإعلام المصرية بتغطية قضية الجاسوس الإسرائيلي إيلان تشايم جرابيل هو أمر طبيعي جدا ، إلا أن تسابق عدد من الصحف في سرد ما قالت إنها تفاصيل التحقيقات معه وعدم تحري الدقة الكافية أثار حالة من الاستياء لدى البعض ، بل وظهرت تحذيرات أيضا من احتمال أن تستغل إسرائيل هذا الأمر في حملتها الدعائية للإفراج عنه .


ففي 16 يونيو ، فاجأ المستشار هشام بدوي المحامي العام الأول لنيابة أمن الدولة العليا الجميع بتصريحات أكد خلالها أنه لا صحة مطلقا لما نشر في صحيفة "الأهرام" تحت عنوان "الأهرام ينفرد بنشر التحقيقات مع ضابط الموساد الإسرائيلي إيلان تشايم جرابيل".


وأضاف المستشار هشام بدوي أن ما ذكرته صحيفة "الأهرام" في عددها الصادر الخميس الموافق 16 يونيو في صفحتها الرابعة تحت عنوان "الأهرام ينفرد بنشر التحقيقات مع ضابط الموساد الإسرائيلي إيلان تشايم جرابيل" حول حصولها على النقاط الرئيسية للتحقيقات التي جرت مع المتهم ونشرها على نهج ما يجري في التحقيقات هو أمر غير صحيح جملة وتفصيلا ولا يمت بأية صلة للحقيقة.


تقرير الأهرام


وكانت "الأهرام" ذكرت أن التحقيقات مع ضابط المخابرات الإسرائيلى إيلان تشايم أثبتت تخابره لمصلحة الموساد وأنه حاول تجنيد مصريين وإثارة الفتنة بين الشعب والقوات المسلحة .


وأوضحت أن جميع الصور ولقطات الفيديو المصورة للجاسوس التقطت من خلال رجال المخابرات العامة وبموجب إذن صادر لها من نيابة أمن الدولة العليا لمتابعته ورصد تحركاته بعد دخوله مصر المرة الأولى في فبراير الماضى وأنه أرسل عدة تقارير للمخابرات الإسرائيلية "الموساد" من داخل بعض "الكافيهات" عبر الإنترنت ولم يرسل أيا منها من خلال الفندق المقيم فيه بهدف التضليل وإمعانا فى سرية حركته ، الأمر الذى ينفي الأكاذيب التى ترددت حول نقل الصور من المواقع الإلكترونية.


وتابعت أن الجاسوس شارك فى كل المؤتمرات والندوات التى عقدتها الأحزاب السياسية من الليبراليين إلى اليساريين والإسلاميين، بالإضافة إلى جمع معلومات حول المصالحة التى وقعتها حركتا فتح وحماس بالقاهرة، ورد فعل الشارع المصرى عليها، ومع أى فصيل يتعاطف الرأى العام.


وأضافت "الأهرام" أن إيلان تشايم سبق أن قدم طلبا للسفارة المصرية فى تل أبيب للحصول على تأشيرة وكتب فى الطلب المقدم منه أنه مسلم.


واستطردت " التحقيقات كشفت أيضا أن المخابرات العامة رصدت بالصوت والصورة الضابط الإسرائيلى وهو يقوم بتحفيز بعض الشباب على مهاجمة المجلس الأعلى للقوات المسلحة وتوجيه الاتهامات إليه ، كما اعترف ضابط الموساد بأنه كان يحصل على المعلومات يوميا من خلال وجوده وسط الناس والتنقل والمشاركة فى الأحداث التس أعقبت الثورة ومحاولته السفر إلى أبوقرقاص لمتابعة الأحداث التى شهدتها المدينة بين مسلمين ومسيحيين فى إبريل الماضي، لكنه لم يتمكن من ذلك".


وتابعت الصحيفة " التحقيقات أشارت أيضا إلى أن تكليفات المخابرات الإسرائيلية كانت واضحة بضرورة اختراق كل التيارات والأحزاب وائتلافات الثورة، خاصة الإخوان والسلفيين، وجمع المعلومات من الرأى العام حول مستقبل مصر فى حالة سيطرة الإسلاميين عليها، ومدى تأثير ذلك على العلاقات مع إسرائيل، وتحديد قبول المصريين أو رفضهم لاتجاه الدولة في فتح صفحة جديدة من العلاقات مع إيران".


وذكرت أيضا أن وزير الخارجية نبيل العربى رفض مقابلة القنصل الإسرائيلى بالقاهرة لبحث ملابسات القضية وكلف مدير إدارة إسرائيل بالوزارة بهذه المهمة.







وأشارت كذلك إلى أنه عند القبض علي إيلان تشايم جرابيل في أحد فنادق وسط القاهرة، لم تكن لديه أية مقاومة، بل اعتبر أن هناك خطأ من جانب المحققين وحاول الإيهام بأنه صحفي ويعمل في مجالات الإغاثة واللاجئين وأخرج جواز سفره الأمريكي أمام المحقق إلا أنه جري نقله إلي مقر النيابة بعد تفتيش غرفته والتحفظ علي ما بداخلها من تليفونات وكمبيوتر .


وفيما توقعت "الأهرام" أن تتخذ النيابة الإجراءات القانونية الأسبوع المقبل لإحالة الجاسوس إلى المحاكمة الجنائية عقب الانتهاء من تحقيقاتها ، أشارت إلى أنها حصلت على النقاط الرئيسية للتحقيقات التي جرت مع الجاسوس الإسرائيلي :


- سأل المحقق: طبيعة عملك؟!


- جرابيل: أعمل صحفيا وأتابع الأعمال الإنسانية واللاجئين خاصة السودانيين والعراقيين.


- سبب وجودك بين المتظاهرين في التحرير والأزبكية؟!


- جرابيل: جئت إلي مصر. هذا البلد الذي أعشقه، لأنني متعاطف مع الشعب المصري، فهذه ثورة لم تحدث في أي مكان في العالم وهي حدث كبير ومهم جدا، ووجودي في القاهرة شيء عادي مثل أي أجنبي أو صحفي يتابع مثل هذه الثورات.


- لكنك حملت لافتات مختلفة وأنت في مواقع هذه التظاهرات؟!


- جرابيل: لأنني متعاطف مع الشعب المصري، وهذه ثورة وكنت أعبر عما بداخلي من مشاعر وتعاطف لمساندة الثورة والتي نجحت في إسقاط النظام السابق.


- قمت بإرسال تقارير ومعلومات حول الأوضاع الداخلية في مصر والتي تمس الأمن القومي وهذه التقارير أرسلت للمخابرات الإسرائيلية "الموساد"؟!


- جرابيل: لست جاسوسا. أنا مراسل صحفي فقط. كنت أزور الميادين والمساجد والأزهر ومدنا كثيرة منها الأقصر والإسكندرية وأسوان، لأنني أحب هذا البلد. ولم أرسل تقارير، بل كل المعلومات متوافرة على الإنترنت فالمعلومات العامة موجودة.


- تواجدت في الكثير من المؤتمرات والندوات الخاصة بالسلفيين والليبراليين والإخوان؟!


- حضرت بصفتي الصحفية وكنت أتابعها لمعرفة الاتجاهات العامة والآراء المختلفة في هذه المؤتمرات وهي مسألة متاحة أمام الصحفيين والمراسلين.


- أيضا وجدت أمام كنيسة مارمينا بإمبابة؟!


- ذهبت لأنقل الأحداث وتصوير احتراق الكنيسة وهذا يدخل ضمن عملي الصحفي أيضا.


- ما علاقة كل هذه اللقاءات وتصوير الأحداث بعملك في مجال حقوق اللاجئين في مصر؟!


- كنت أتابع هذه الأمور علي الطبيعة، أنتم تفهمون عملي بشكل خاطيء ، لست جاسوسا، المعلومات متوافرة وموجودة علي الإنترنت، وقد جئت لأتابع أحوال اللاجئين السودانيين والعراقيين ومعرفة وضع معيشتهم وما إذا كانوا في حاجة إلى الأموال.
 


بلاغ ضد "المصري اليوم"


واللافت للانتباه أن نشر ما قيل إنها انفرادات صحفية حول التحقيقات مع الجاسوس الإسرائيلي وما أعقبها من نفي صحتها لم يقتصر على ما جاء في الأهرام ، بل إن المحامي المصري محمد أحمد عبيد تقدم بصفته وكيلا عن محمد كمال عبد السلام أحد أعضاء جماعة الإخوان المسلمين ببلاغ للنائب العام في 15 يونيو ضد رئيس تحرير جريدة "المصرى اليوم" واثنين من المحررين في الصحيفة لنشرهم أخبارا مغلوطة عن جماعة الإخوان .


وجاء في البلاغ الذي حمل رقم 8444 أن الصحيفة نشرت في 14 يونيو في عددها 2557 في صدر صفحتها الأولى مانشيت بعنوان"مفاجآت قضية التجسس: الضابط الإسرائيلى اتصل بقيادات الاخوان والتقى بعدد من سلفيين قبل الفتنة"، وهو أمر عار تماما من الصحة .


ونفى محامى الإخوان في بلاغه وجود أي اتصال بين الجماعة وبين الضابط الإسرائيلى، ووصف ذلك بالاساءة مع سوء قصد ، قائلا :" جاء معنى الخبر أن الجماعة وقياداتها متورطون في مؤامرة ضد الوطن".


وأشار البلاغ أيضا إلى أن عنوان الخبر جاء مخالفا لمضمونه والدليل على ذلك عدم ذكر الدليل على اتصال الضابط الإسرائيلى بالجماعة .


واستطرد عبيد " قال الخبر إن جهاز الموساد كلفه تجميع معلومات عن جماعة الإخوان المسلمين والأقباط والمجلس الأعلى للقوات المسلحة وشباب الثورة وإن المتهم التقى عددا من الصحفيين والمثقفين بمقاهى بوسط القاهرة ، وحسب ما جاء في الخبر فإن المتهم لم يلتق أو يتصل بالإخوان وإنما بالمثقفين والصحفيين مما كان يتوجب معه أن يكون عنوان الخبر مغايرا تماما لما ذكره" ، مطالبا باتخاذ اللازم قانونا حيال المشكو فى حقهم لنشرهم أخبارا غير صحيحة تضر بسمعة الجماعة .


وبجانب "الأهرام" و"المصري اليوم" ، فقد ذكرت صحيفة "روزاليوسف" في 16 يونيو أيضا أن تحقيقات نيابة أمن الدولة كشفت عن معلومات خطيرة حول قضية الجاسوس الإسرائيلي ، حيث واجهت النيابة المتهم برسائل موثقة تثبت تورطه في إرسال معلومات للموساد الإسرائيلي، كما واجهته بصور قد التقطها أثناء زيارته لمحافظة أسوان في مايو الماضي تظهر الدفاعات الجوية للسد العالي وهو ما يؤكد ضلوعه في التجسس على معلومات عسكرية.


وأضافت الصحيفة " أثناء التحقيقات ، واجهت النيابة الجاسوس بـ20 رسالة موثقة تثبت تورطه في إرسال معلومات للمخابرات الإسرائيلية من القاهرة، وأن تلك الرسائل كانت المخابرات المصرية قد أرفقتها بالتحقيقات غير أنه رد بأنها رسائل صحفية وفشل في توثيق ماهية الرسائل، وعندما طلب منه تسجيل بيانات من أرسلت له تلك الرسائل كي تحقق النيابة فيها فشل في الرد".


وتابعت " كما واجهته النيابة برحلة مصورة وموثقة له خلال زيارته لأسوان في مايو الماضي وفيها صور لا تعد سياحية ، حيث صور السد العالي وبعض الدفاعات الجوية عليه، وهو ما يؤكد ضلوعه في التجسس على معلومات عسكرية" .


وإلى حين يتم تأكيد أو نفي صحة ما ذكرته "روزاليوسف" أيضا ، فقد حذر البعض من أن تسابق بعض الصحف المصرية في نشر ما تزعم أنه انفرادات حصرية من التحقيقات وعدم انتظارها بيانات رسمية في هذا الصدد هو أمر مقلق جدا وقد يثير حالة من البلبلة والارتباك لا تخدم سوى إسرائيل .


صحيح أنه من حق كافة وسائل الإعلام السعي وراء الانفرادات ، إلا أن التعامل مع قضايا الأمن القومي يتطلب دوما الدقة والحذر ، خاصة وأن هناك عدوا متربصا ينتظر أي خطأ حتى ولو كان عن غير قصد .
 


مزاعم إسرائيلية


ولعل ما يضاعف من صحة ما سبق هو المزاعم الإسرائيلية التي ترددت في 15 يونيو وادعت أنه سيتم الإفراج عن الجاسوس إيلان خلال أسبوعين.


وكانت صحيفة "يسرائيل هيوم" زعمت أن الشاب الإسرائيلي الأمريكي إيلان جرابيل المعتقل في مصر بتهمة التجسس لصالح تل أبيب سيطلق سراحه بعد أسبوعين أي مع انتهاء فترة تمديد اعتقاله التي حددتها المحكمة وسيرحل من مصر.


وأضافت الصحيفة أن الولايات المتحدة هي التي تولت متابعة قضية الشاب إذ يحمل الجنسية الأمريكية إضافة للجنسية الإسرائيلية ، موضحة أن واشنطن تضغط على السلطات المصرية لإطلاق سراحه .


وتابعت "الولايات المتحدة تركز كل الجهود الدبلوماسية لكي يطلق سراح المعتقل وترحيله قبل بدء الإجراءات القانونية ضده".


ونقلت الصحيفة ذاتها عن مصدر سياسي إسرائيلي قوله إن تل أبيب قررت أن تتولى الولايات المتحدة متابعة القضية لأن الشاب دخل الأراضي المصرية بجوازه الأمريكي وليس الإسرائيلي ، موضحا أن بلاده لم تجر اتصالات على مستويات رفيعة مع القاهرة حتى لا يخرج الانطباع بأن المعتقل كان في مهمة لصالح إسرائيل.


ورغم أن المزاعم السابقة ليست غريبة على إسرائيل وتسعى بكل بوضوح لإثارة بلبلة في الشارع المصري ، إلا أن عدم التزام بعض الصحف المصرية الدقة الكافية في نشر ما تقول إنه تسريبات من التحقيقات قد يوفر لوسائل الإعلام الصهيونية فرصة ذهبية لمضاعفة دعايتها المسمومة ضد مصر الثورة على أمل الإفراج عن الجاسوس إيلان .

محيط

هل أعجبك هذا؟

رابط html مباشر:



التعليقات:

تعليقات (فيس بوك)
0 تعليقات (أنا قبطي)

0 التعليقات :



الأرشيف الأسبوعي

مواقع النشر الإجتماعية:

تابع الأخبار عبر البريد الإلكتروني







إعلانات ومواقع صديقة:


إحداثيات أناقبطي..

التعليقات الأخيرة

أحدث الإضافات