|

هل تلتحق عمان بمسلسل الانتفاضات العربية؟

 
بات المراقبون ينظرون بتوجس إلى عمان في أعقاب الاحتجاجات غير المسبوقة التي جرت نهاية الأسبوع، والتي يتردد أن العشرات قتلوا خلالها.

والسؤال الكبير الآن هو عم اذا كان هذا البلد الخليجي الذي عرف عنه الاستقرار قبلا، والذي يتمتع هو الآخر بشريحة سكانية كبيرة من الشباب، سيصبح مصر أو تونس المقبلة، وما إذا كان عدم الاستقرار سينتشر ليطال الجارة العملاقة السعودية.

غير أن من الاختلافات الرئيسية اليوم بين عمان وبلدان عربية أضخم هو أن الشعب حتى الآن لا يطالب بتغيير جذري للنظام، وإنما يطالب بإصلاحات تمس الأمور الحياتية اليومية مثل خلق وظائف، وإحكام سيطرة الدولة على الارتفاع الباهظ للأسعار، ومنح المزيد من السلطة لمجلس الشورى شبه المنتخب، ووضع حد لما ينتشر عن فساد بعض أفراد الحكم.

كما لم يصل المحتجون إلى حد الانتقاد المباشر للسلطان قابوس بن سعيد، الذي احتفل مؤخرا بأربعين عاما على تسلمه السلطة.

ولم يكن نشوء احتجاج في حد ذاته أمرا مستغرباً بالنسبة لمراقبي الأوضاع في الخليج، فقد شهدت الأشهر القليلة الأخيرة احتجاجات سلمية، غير أن مستوى العنف في سحار، حيث تمركز القطاع الصناعي العماني، أثار صدمة الكثيرين.

وعقب سقوط قتلى في سحار حثت الولايات المتحدة عمان على إظهار التحلي بضبط النفس، والدخول في حوار والقيام بإصلاحات لتوسيع إطار المشاركة في "عملية سياسية سلمية".

"قليلة جدا ومتأخرة جدا"

وطالما كانت عمان حليفا مهماً لواشنطن، ليس أقله علاقاتها شبه المتينة مع إيران التي بدت معزولة بشكل متزايد، وقد كان من شأن مشاركة عمان في ضمان إطلاق سراح السائحة الأمريكية سارا شورد من سجن في طهران في سبتمبر/أيلول الماضي.

وحتى الآن جاء تصرف السلطان قابوس على غرار التقليد الخليجي المعروف، إذ قام بتوزيع العطايا والهبات، وخلق مزيد من الوظائف، والإعلان عن تعديل حكومي فوري.

أما إن كانت تلك الخطوات ستكفي لتهدئة المحتجين، والمعتصمين أيضا في مسقط خلال الأيام القليلة الماضية، فهو أمر مازال متروكا للمستقبل المنظور.

بعض المراقبين أطلقوا انتقادات لاذعة لتلك التنازلات، مشككين في قدرة القطاع العام المشبع فعلا على استيعاب خمسين ألف وظيفة إضافية تم الوعد بها، مشيرين إلى أن القطاع الخاص هو المفترض أن يكون المحرك لسوق التوظيف.

ويقول المحللون إن الوزارة مازالت، بعد التعديل، مملوءة بنفس الوجوه القديمة.

ويقول أحد الأكاديميين آثر عدم ذكر اسمه: "تلك الإصلاحات قليلة جدا ومتأخرة جدا، كما إنها لا ترقى لمطامح الناس".

وتختلف عمان عن بلدان مجاورة مثل البحرين، التي شهدت أسابيع من الاحتجاجات والاضطرابات مؤخرا، فالمعارضة في عمان ليست منظمة وملتزمة بنسق وواحد كما هو الحال في المنامة، كما تغيب عن المنظومة السياسية قوة يحسب لها حساب تدعو للتغيير.

كما ليس بعمان شرخ طائفي كالذي يتسبب بمشكلات في البحرين، والتوازن بين المواطنين والقادمين من الخارج ليس بالخطورة التي عليها في بلدان خليجية أخرى. أما المجتمع المدني فهو واهن للغاية فيما يتمتع السلطان قابوس بشعبية حقيقية بين أوساط عدة.

والسلطان الذي درس في أكاديمية ساندهيرست العسكرية الملكية تربطه علاقات قديمة بالمملكة المتحدة، بينها علاقات تجارية هامة، بما في ذلك مبيعات الأسلحة البريطانية إلى عمان على مدار عشرات السنين.

العين على السعودية


وحيث أن عمان كان ينظر إليها طويلا على أنها إحدى أكثر بلدان الخليج استقرارا، فقد غدا المحللون يراقبون عن كثب جارتها السعودية ليروا ما إذا كانت "العدوى" يمكن أن تنتقل إليها، فإذا عم الاحتجاج السلطنة، فماذا سيحدث في المملكة السعودية التي تعاني من المشكلات الأخطر والأكبر؟

فقد تمت الدعوة إلى "يوم الغضب" في السعودية في الحادي عشر من آذار/ مارس، وقبل أسابيع فحسب ما كان المحللون ليعتقدوا بإمكان حدوث تظاهرات حقيقية في السعودية. أما الآن فقد أصبحت جميع الخيارات مفتوحة، ولا يستبعد احتمال وقوع أعمال عنف.

فالسعودية لديها نصيب الأسد من المشكلات بين بلدان المنطقة، وبها القطاع الأضخم من الشباب، وبينهم الشباب الساخط الذي يرزح تحت قيادة طاعنة في السن؛ ناهيك عن البطالة، والفساد، والافتقار للحراك السياسي والحريات الشخصية. وقد وقعت قلاقل في مناطق مثل نجران، والمنطقة الشرقية الغنية بالنفط، حيث تتركز الأقلية الشيعية.

في الثالث والعشرين من فبراير/ شباط عاد الملك عبد الله إلى الرياض بعد أن كان يتماثل للشفاء في الخارج، ولاشك أن في ذلك عزاء للبعض من مواطنيه الذين يروا فيه عاهلا محبوبا، بينما أثبت آل سعود قدرتهم على تجاوز العواصف والبقاء في سدة الحكم عبر عقود من التقلبات السياسية من القومية العربية، إلى الثورة الإيرانية، إلى الإرهابيين الإسلاميين.

ولكن العديد من السعوديين غير راضيين بالمنح التي وزعها الملك فور عودته، والتي قدرت بستة وثلاثين مليار دولار موزعة على برامج اجتماعية ووظائف جديدة ورواتب أعلى.

أضف إلى هذا المزيج، مجموعة من كبار الأمراء الذين دب الوهن والمرض في أجسادهم، وعلى رأسهم الملك عبد الله الذي يقال إنه لم يتعاف تماما بعد عملية خضع لها في ديسمبر/ كانون الأول.

وقد أدى نبأ من مصدر مشكوك في مصداقيته بأن الملك عبد الله قد مات، إلى قفزة لأسعار النفط، قبل أن تعاود الاستقرار.

وهو ما يقلق الكثير من المراقبين الغربيين، إذ يخشون أن يؤدي أي ظل من ظلال عدم الاستقرار في المملكة، التي تعد أكبر منتج للنفط في العالم، إلى تداعيات خطيرة على الاقتصاد العالمي.

هل أعجبك هذا؟

رابط html مباشر:



التعليقات:

تعليقات (فيس بوك)
0 تعليقات (أنا قبطي)

0 التعليقات :



الأرشيف الأسبوعي

مواقع النشر الإجتماعية:

تابع الأخبار عبر البريد الإلكتروني







إعلانات ومواقع صديقة:


إحداثيات أناقبطي..

التعليقات الأخيرة

أحدث الإضافات