أسرار غياب البابا شنودة لمدة عام عن المدينة
سجل قداسة البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية هذا الأسبوع العام الأول لغيابه عن محافظة الإسكندرية ومقره البابوي بالكنيسة المرقسية في سابقة
تعد الأولي من نوعها منذ جلوسه علي كرسي البطريركية مما أدي الي تعليق كثير من الأمور التي كان يقوم بها قداسته شخصياً حيث كان يلقي عظة الأحد نصف الشهرية ويجتمع بالمجلس الملي لمتابعة الأمور المتعلقة بممتلكات الكنيسة بالإضافة الي توزيعه للصدقات علي المحتاجين من خلال لجنة البر وإلقائه للمحاضرات الخاصة بالطلبة الدارسين بالكلية الإكليركية.
وتباينت الآراء القبطية عن غياب البابا للإسكندرية حيث حمل بعضهم اللواء عادل لبيب محافظ الإسكندرية الأسبق المسئولية عن غياب قداسته بسبب هدمه للأسوار المخالفة حول بعض الكنائس وبالتحديد استراحة البابا شنودة في منطقة أبو تلات بينما اتهم آخرون جهاز امن الدولة «المنحل» بالوقيعة بين البابا و«لبيب» لتشويه صورة المحافظ نتيجة لتوتر العلاقات بينهما منذ توليه مهام المحافظة.
كما أرجعت بعض الآراء غياب البابا عن مقره البابوي لما تعرض له من هجوم نال شخصه والكنيسة بميدان القائد إبراهيم علي مدار أسابيع متتالية بسبب قضية كاميليا شحاتة.
وفي سياق متصل أجمعت آراء أخري علي استحالة حضور البابا هذه الأيام لمرقسية الإسكندرية نظراً لغياب الأمن منذ أحداث تفجيرات القديسين بسيدي بشر وما لحقه من تسيب أمني عقب ثورة 25 يناير .
ففي البداية أكد نادر مرقص مستشار البابا شنودة للعلاقات العامة وعضو المجلس الملي علي استمرار غياب البابا شنودة عن الإسكندرية في الفترة القادمة قائلاً: «لن يحضر البابا في مثل هذه الظروف التي يغيب فيها التواجد الأمني فمثلاً منذ يومين طالعتنا الصحف و المواقع الإلكترونية عن خبر قطع البدو لطريق الإسكندرية القاهرة الصحراوي لمدة ساعتين .. وأعلن ذلك بكل ثقة بصفتي أحد المقربين من قداسته».
وأضاف مرقص أن البابا شنودة يتمني الحضور للإسكندرية اليوم قبل أمس للقاء أولاده الأقباط مشيراً الي أن حضوره مرة أخري لمقره البابوي ومواظبته علي العظة نصف الشهرية التي كان يلقيها مرهون باستقرار البلاد بعد اختيار رئيس الجمهورية وإجراء انتخابات برلمانية بما يضمن سيادة الدولة التي أصبحت مرجعيتها «البلطجة» علي حد وصفه.
وعما أثير من خلاف بين البابا ومحافظ الإسكندرية الأسبق اللواء عادل لبيب قال مرقص: «لم يكن هناك خلاف ملموس بين البابا والمحافظ في البداية ولكن كان هناك تحفز بين المحافظ وجهاز أمن الدولة «المنحل» وقتها حيث كان الود مفقوداً بينهما مما وتر العلاقات بين قداسته ولبيب ولا ننسي الواقعة الشهيرة التي راح ضحيتها القمص شاروبيم الباخومي وكيل البطريركية السابق بالإسكندرية عندما استقبل المحافظ وقتها بقصيدة مدح فتم عزله».
وتابع مستشار البابا قائلاً: «أشهد شهادة حق أن اللواء عادل لبيب قد أصدر تعليمات شفوية لرؤساء الأحياء وقتما كان محافظاً للإسكندرية بعدم اتخاذ أي إجراء هدم بالنسبة للأسوار الكائنة حول الكنائس إلا بعد الرجوع إلي شخصياً وبالفعل كان رؤساء الأحياء يتصلون بي وهذا حدث في أكثر من واقعة وكنا بنزيل الأسوار التي يرون أنها مخالفة في هدوء شديد».
أما جوزيف ملاك أحد محامي الكنيسة ومدير المركز المصري للدراسات الإنمائية فلقد حمل «لبيب» مسئولية غياب البابا عن الإسكندرية بسبب إصداره وتنفيذه لقرارات هدم خاصة بمبان تتبع الكنيسة الأرثوذكسية أهمها استراحة البابا شنودة بمنطقة أبو تلات ومبني أبو سيفين بمنطقة كينج مريوط ومبان أخري بمناطق العجمي وسموحة.
قال ملاك: «كانت قرارات الإزالة التي أصدرها المحافظ الأسبق تعسفية تجاه الكنيسة خاصة أن مباني الكنيسة المخالفة كان لها ظروف بأن المناطق التي توجد بها مناطق عشوائية وجميع المباني فيها تبني بدون تراخيص أصلاً دون الدراسة الأمنية».
وأضاف أنه بصفته محامياً عن الكنيسة في الإسكندرية قد تقدم بعدة بلاغات وقتها اعتراضا علي تلك الوقائع لحسني مبارك رئيس الجمهورية «المخلوع» ولكن دون جدوي.
وفي سياق متصل أكد مصدر مسئول رفض ذكر اسمه بالمستندات والمكاتبات التي حصلت «الوفد» علي نسخة منها أن قرارات «لبيب» الخاصة بإزالة حمام السباحة والتوسعات الخاصة باستراحة البابا شنودة بمنطقة أبو تلات جاءت نتيجة أوامر وزير الموارد المائية و الري الأسبق الدكتور محمود أبو زيد لمحافظ الإسكندرية في الخطاب الرسمي الصادر من وزارة الري لمحافظة الإسكندرية رقم «7020» بتاريخ 24 /8/2008 يحذر من البناء في المنطقة التي توجد بها أرض الكنيسة ومناطق أخري مشابهة إلا في حدود ال «200» متر من خط الشاطئ.
قال الخطاب الذي وقع عليه وزير الري «بالإشارة الي قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1599 لسنة 2006 بشان حماية الشواطئ البحرية والمتضمن تشكيل لجنة عليا للنظر في أي طلبات لإقامة مثل هذه المشروعات علي الشواطئ المصرية والتي تمثل فيه المحافظة عند النظر في إقامة أي مشروعات علي الشواطئ البحرية فإن الوزارة تأمل بالتفضل بالتوجيه نحو عدم قيام المحافظة بإصدار أي تراخيص أو إنشاء أية أعمال علي الشواطئ البحرية سواء داخل البحر أو داخل منطقة الحظر المنصوص عليها بالقانون وهي «200» متر من خط الشاطئ عند أعلي مد إلا بعد الرجوع الي الهيئة العامة لحماية الشواطئ للعرض علي اللجنة العليا المشار إليها».
كما حمل الخطاب تأشيرة محافظ الإسكندرية بتحويل الخطاب الي سكرتير عام المحافظة .
وتابع المصدر أن البابا شنودة سلم محافظ الإسكندرية طلباً في يده حمل إمضاء قداسته بتاريخ 9/9/2007 «حصلت الوفد علي نسخة منه «بشأن استراحة أبو تلات» جاء فيه «لنا قطعة أرض فضاء بجوار مقرنا كائنة بأبو تلات عند الكيلو 25 طريق الإسكندرية مطروح ضمن القطعة 10/51 شارع 141 شفاف حصر س/ 1 ملف رقم «1879» إصلاح زراعي ونرغب في بنائها كمبيت لضيافة المصطافين بدلاً من تركها فضاء فنرجو تسهيل ما يلزم لبنائها « مشيراً الي أن تأشيرة «لبيب» جاءت في اليوم التالي لاستلامه الطلب 10/9/2007 تقول: «السيد رئيس حي العامرية للمعاينة و العرض» كما هو موضح بالطلب.
وأضاف المصدر أن إدارة حماية الشواطئ بعد معاينتها لأرض الكنيسة اشترطت عدم تجاوز البناء عليها تعدي الكتلة السكنية هناك في حدود «100» متر فقط.
قال الخطاب رقم 9 /2009 الموقع من المهندسة عواطف زكي جرجس رئيس الهيئة المصرية لحماية الشواطئ التابعة لوزارة الري والموجه الي سكرتير عام المحافظة « بالإشارة الي مشافهة اللواء محافظ الإسكندرية وسيادتكم للإدارة بتاريخ 8/8/2009 بخصوص الطلب الي المحافظة من بطريركية الأقباط الأرثوذكس بالإسكندرية للسير في الإجراءات الخاصة بدار ضيافة علي قطعة الأرض سالفة الذكر .. نحيط سيادتكم بأنه قد سبق وتم عمل المعاينة واتضح ان قطعة الأرض تقع داخل كتلة سكنية مستقرة ويحدها مبان من جميع الجهات الأربع كما أن الحد البحري لقطعة الأرض يبعد عن خط الشاطئ «100» متر وقت المعاينة».
وأضاف الخطاب: «هذا ونصت موافقة الدكتور وزير الموارد المائية علي المذكرة المرفوعة من المهندس رئيس مجلس إدارة الهيئة في حينه بألا يتجاوز البناء داخل الكتلة السكنية المستقرة بأي حال من الأحوال الخط الحالي للكتلة السكنية بالمنطقة».
كما أشار المصدر إلي أن تأشيرة «لبيب» قالت « السيد رئيس الحي اتخاذ الإجراءات اللازمة « كما هو مبين في الخطاب لافتاً الي أن المحافظة كانت تنفذ تعليمات وزارة الموارد المائية وإدارة حماية الشواطئ دون تعنت ضد الكنيسة.
في المقابل كان للدكتور كميل صديق سكرتير المجلس الملي أسباب أخري غير علاقة البابا بالمحافظ تمنع قداسته من زيارة الإسكندرية.
قال صديق: «السبب الرئيسي والأهم عن ابتعاد البابا عن الثغر هو الإساءات التي كانت توجه إليه أسبوعياً بميدان القائد إبراهيم أمام القيادات الأمنية ومسئولي جهاز أمن الدولة «المنحل» الذين كانوا لا يتهاونون مع أي ناشط إذا تجرأ في مظاهرة وتعرض لجمال مبارك أو لوالده المخلوع أو حتي أشار من قريب أو بعيد إلي ملف التوريث وذلك بدعوي قضية كاميليا شحاته التي تم فصل التيار عن الحديث عنها بعد إعلانها إنها لازالت علي المسيحية في إحدي الفضائيات».
وعن كيفية إدارة أمور الكنيسة بالإسكندرية في ظل غياب البابا لمدة عام عن المحافظة قال صديق: «القمص رويس مرقص وكيل البطريركية بيتابع جميع الأمور ومحاضرات الكلية الإكليركية مستمرة بعد أن أناب البابا بعض الأساقفة للتدريس لطلابها والمتابعة التليفونية مع قداسته في الأمور التي تحتاج الي قرار منه شخصياً أو من خلال التقارير التي يرفعها القمص رويس إليه بشأن الأوضاع في الكنيسة».
وفي سياق متصل اتفق معه في الحديث كريم كمال منسق حركة الوحدة المصرية مؤكداً أن الهتافات التي كانت تردد ضد البابا أدت الي تلقيه تحذيرات أمنية بشأن تعرض حياته للخطر نتيجة قضية كاميليا شحاته وقتها مشيراً إلا أن المتابع لزيارات البابا يجد أنه لم يعتزل عن الإسكندرية بسبب المحافظ الأسبق اللواء عادل لبيب حيث إنه كان مواظباً علي العظة نصف الشهرية التي كان يلقيها رغم ما أثير عن وجود خلاف.
وأشار كريم الي أن أحداث القديسين زادت من التخوف علي حياة البابا خاصة أنها جاءت عقب الهتافات التي كانت تردد ضده والتهديدات التي تلقتها الكنيسة بشأن التفجيرات.
كما أكد منسق حركة الوحدة الوطنية أن كنيسة الإسكندرية تتعرض لآثار سلبية نتيجة ابتعاد البابا عنها لأن قداسته ليس البطريرك فقط ولكنه بابا الإسكندرية ولا يوجد لها أسقف سواه مشيراً بقوله: «لا يوجد ما يعوض أقباط الإسكندرية عن غياب قداسته لأنه كان بيتخذ قرارات حاسمة في أمور هو يتابعها بعينه غير ما تصل إليه تلك الأمور من خلال تقارير»..!
الوفـــــــــــد
رابط html مباشر:
التعليقات: