اقبال بركة تكتب .. عايز أختى كاميليا
أحلم وأتمنى أن تظهر كل من الأختين كاميليا شحاتة ووفاء قسطنطين، على شاشة التليفزيون لتعلن كل منهما على الملأ عن عقيدتها الحقيقية التى تؤمن بها دون ضغط أو إرهاب. فإذا كان المرء مؤمنا بحق، فهل يخشى الناس ولا يخشى الله؟ وسواء احتفظت أى منهما بدينها الذى ورثته عن أبويها وأجدادها، أو رغبت فى أن تغيره، فإن القوانين الدولية والوطنية ومن قبلها الشريعة الإسلامية تكفل للمرء حريته الدينية، وبعد الإعلان لن يجرؤ أحد على أن يتنطع أمام مسجد أو كنيسة مطالبا بالإفراج عن «أخته كاميليا»، ووقتها لن يجرؤ أى من كان على الاقتراب من الأختين أو فرض حمايته عليهما.. فهل تفعل ذلك. كاميليا أو وفاء؟
لا أتوقع ذلك إن الإرهاب الدينى الذى اشتد عوده وفاقت صلابته اليوم كل ما كانت عليه فى العهود السالفة يفرض على الجميع التحسب فى إعلان مكنونات قلوبهم، والاحتراس من إعلان الحقيقة التى قد لا تعجب الغوغائية المتفشية التى تسود شوارعنا بعد الثورة، ويحدث له ما لا تحمد عقباه، والله يقول فى كتابه الكريم «ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة»، وفى ذهنى أسئلة أود أن أوجهها لمن يطلقون على أنفسهم صفة «السلفيين»: هل أنتم على استعداد لإلغاء حد الردة؟ فإذا كانت الإجابة بنعم، إذن اتركوا حرية الدين لمن يشاء تطبيقاً لقوله تعالى: «من اهتدى فإنما يهتدى لنفسه ومن ضلّ فإنما يضل عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا» (الإسراء: 15).
هل هناك كلام أوضح من هذا القول الربانى الحكيم حول حرية العقيدة فى الإسلام، وهل هم أفضل من رسول الله، صلى الله عليه وسلم، الذى خاطبه الحق عز وجل بقوله: «أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين»؟!
أما إذا كانت الإجابة بالنفى ومازالوا يتشبثون بحد الردة، فهل يطبق عقاب الخروج عن الملة على المسلمين وحدهم بينما يمنع المسيحيون من تطبيقه على أتباعهم؟ وأخيراً هل خلت مصر القرن الحادى والعشرين من كل المشاكل ولم يعد بها ما يستحق الاحتشاد من أجله سوى إطلاق سراح المسلمات الأسيرات؟ وهل لديهم دليل لا يشوبه شك على أن السيدات المتحولات من المسيحية إلى الإسلام أسيرات بالفعل لدى الكنيسة القبطية؟ وماداموا على يقين من ذلك ويعلمون أين مكانهن ومن قام بأسرهن فلماذا لا يبلغون وزارة الداخلية أو المجلس العسكرى ويحررون محضراً بذلك؟ إن احتجاز مواطن رغما عن إرادته جريمة يعاقب عليها القانون، ولابد للعدالة أن تأخذ مجراها، فسواء أرغمت كاميليا أو وفاء على التخلى عن عقيدتهما الجديدة أو كانت محاولات غسيل مخ تجرى عليهما فإن حرمانهما من الخروج واحتجازهما قسراً خلف الجدران وفى مكان يقف عليه حراس مدججون «سواء كان الكاتدرائية أو أحد الأديرة أو فى منزل منعزل»، جريمة تنكرها الإنسانية وتعاقب عليها القوانين الدينية والوضعية.
ولكن ليس الحل أن يشرع البعض فى فك أسرهما، فباستطاعة الجيش أن يقوم بهذه المهمة الإنسانية، وأن يفرض القانون على الجناة، وإذا ثبتت الجريمة فلابد من محاكمتهم محاكمة مدنية والاقتصاص للسيدتين، وعلى الكنيسة والبابا شنودة، الذى نكن له كل تقدير، أن يدرأ الشبهات ويطفئ نار الفتنة بأن يعلن على مسؤوليته أن كلتا السيدتين حرة طليقة، وأن الكنيسة لا يعنيها أن تعاقب من يخرجون عنها، وليس من حقها احتجاز أى مواطن بغير حق. إن التصرفات غير المسؤولة «للسلفيين» تسىء إلى مصر الثورة عالمياً، وتعبئ النفوس ضدهم محليا.
المصري اليوم
رابط html مباشر:
التعليقات: