سحر الجعار:ملامح مصر السلفية
فى «مصر الثورة» يأتى رئيس الوزراء من ميدان التحرير، فلماذا لا يتم اختيار المحافظ بالانتخاب وليس بالتعيين؟. إنها مصر الثائرة، الشابة- العجوز، الوقور، السافرة، ذات الألف وجه، فمصر التى على «فيس بوك» غير تلك الغاضبة فى «قنا»!!. حذارى أن يأخذك الوجد فتهتف: «مدد يا سيدى القناوى»، ستكشف لك مصر وجها «صوفيا» يقطع أحبالك الصوتية ويخرجك من الملة. إياك أن تتهور وتمس الأعصاب العارية بكلمة «أمن»، فالمحافظ المغضوب عليه يحمل على كتفيه تاريخ «لواء» وعلى معصميه وشم صليب. أنت محاصر فى «مصر السلفية» فإذا انتهت أزمة تعيين اللواء «عماد ميخائيل» محافظا لقنا، سيسألك أولو البأس: أين ذهبت «كاميليا»؟!..
افترض أن الشيخ «الزغبى» قاد شباب مصر «بالإجماع» واقتحم الأديرة لإخراجها، هل ستقول إنها «الفتنة» أم ستهتف، من باب التضليل: (مسلم ومسيحى إيد واحدة)؟. اهتف حتى لو أعلنوها «إمارة إسلامية»، اهتف كلما قطعوا أذن مسيحى، الهتاف - هنا - موافقة ضمنية على انطلاق الشرطة الدينية. لا تتوقف أمام الجهة المناط بها تطبيق «الحدود الشرعية»، فالشعب أقوى من الدولة، سيخرج من كل شارع من كل بيت شاب مسلم يطلق لحيته بفخر ويرتدى سروالا قصيرا ليطهر مصر «بطريقته».
فى قنا يخربون وينشرون الفزع ويقطعون الطرق لتسمعها أنت وغيرك «لا ولاية لمسيحى على مسلم»، فما أسهل ملاحقة المتبرجات بماء النار وغلق المنشآت السياحية حتى نصل لمرحلة فرض الجزية على الأقباط. لقد حُسم الأمر بلسان الشيخ «عبدالمنعم الشحات»: (لا ولاية لكافر)، فلا تفكر طويلا فى رئيس الجمهورية القادم، الديانة قبل الكفاءة.. أما «الولاية» نفسها فكلمة مطاطة عصية على التعريف!. لا ترهق عقلك طويلا فى أحزاب تتشكل ونواب يطرحون أنفسهم أمام الرأى العام، المهم الآن أن تستجيب حكومة «شرف» لضغط الدعاة وتخاطب الإدارة الأمريكية للإفراج عن الدكتور «عمر عبدالرحمن»، أمير الجماعة الإسلامية بمصر (!!).
فى مصر الآن أجندة وحيدة واضحة، تتم بآليات ديمقراطية، تبدأ من السعى نحو «امتلاك الأرض» كخطوة تمهيدية لتطبيق الحدود. تلك الأجندة تتقاطع معها مشاهد متفرقة من تطبيق عشوائى للحد، أو نفى للآخر، أو استعراض قوى للتيار السلفى بتحطيم أضرحة أولياء الله الصالحين، وفى المقابل يشتعل الغضب القبطى ويتصاعد. يخطئ من يتصور أن مصر السلفية تجافى الأقباط أو تنتقص من حرية عقيدتهم أو أداء شعائرهم.. إنها - للأسف - تستهدف المسلمين أولا!. و(اللى عنده حساسية من القرآن أو دينه يعلن هذا صراحة) كما قال «صبحى صالح»، القيادى بجماعة الإخوان المسلمين، عضو لجنة تعديل الدستور!. الحدود تمثل الشريعة الإسلامية فى القانون الجنائى وفقا لـ«صالح»، فعن أى وسطية وأى استنارة يتحدثون؟. كل الطرق تقود إلى دولة دينية فاشية، يهاجم مفتيها الدكتور «على جمعة» التشدد الدينى ويعد بمواجهة الأزهر التيار السلفى، ثم ينقض على مكتسبات المرأة ويطالب بإعادة النظر فى قوانين الأسرة والطفل!..
فضيلة المفتى لا يسعى لإنصاف امرأة الثورة، بل يزعم أنه يسقط عنها عار «قوانين سوزان» فى غيبة الأمن والمجالس التشريعية!. وكأن الثورة جاءت لوأد المرأة تماما، على خلفية الهتاف القادم من قنا: (إسلامية رغم أنف الداخلية). إنه مجرد صدى لهتاف آخر نرفض أن نسمعه: (سلفية يا بتوع الدولة المدنية).
المصرى اليوم
رابط html مباشر:
التعليقات: