Saturday, July 14, 2012
|
أرسلت بواسطة :
ابن الملكـة
|
حاتم على مخرج مسلسل الفاروق عمر |
فى كل عام وتحديدا فى شهر رمضان المبارك يكثر الحديث والجدل عن مسلسلات رمضان بحلاله وحرامه،وبخاصة فيما يتعلق بالمسلسلات الدينية الخاصة بالصحابة رضوان الله عليهم ونجد فتاوى ظهرت فى كل مكان بتحريم تناول الصحابة فى المسلسلات،وحتى أكون دقيقا فى الحديث هو تحريم تجسيد الصحابة،والحقيقة أنا لا أفهم ما هو سبب التحريم هل هو شخص الممثل الذى يقوم بأداء دور الصحابى لأنه يقوم بأعمال أخرى تتنافى مع مكانة وقدسية الصحابة يعنى مثلا لو قامت شركة فنية أتجهت للعمل فى الفن بصبغة إسلامية ووضعت خطة ومشروع لعمل فنى عملاق متعلق بالصحابة فقط وقامت تلك الشركة بتبنى مدرسة أو معهد تربوى يشرف عليه علماء أجلاء وأتوا بألف شاب - طبعا هذا العدد على سبيل المثال لا الحصر - وقالوا لهم أنتم هنا لأداء مهمة خاصة تدرسون فيها تاريخ الصحابة لأن كل منكم سيقوم بأداء دور أحد الصحابة شريطة أن لا تشتركوا فى أى عمل فنى آخر فهل يا ترى سيوافق الرافضون على تجسيد الصحابة أم أنه الرفض من أجل الرفض دون إبداء أسباب جوهرية وليست تلك الأسباب التى لا تقنع تلميذا فى المرحلة الابتدائية؟؟،وأكيد سيكون الصرف على هذا المعهد أو تلك المدرسة من حصيلة ما تدره المسلسلات من ربح فضلا عن التبرعات التى ستأتى من أى جهة تشجع هذا المشروع،ثم لا أدرى مالفرق بين أن يقوم ممثل يؤدى دور صحابى لتوصيل الصورة للمتلقى بطريقة سهلة وميسرة ومشوقة،وبين شيخ صعد المنبر وظل يحدثنا فى حلقات متتالية عن شخصيات الصحابة لدرجة يشعرك فيها وكأنه من بنى الخطاب إذا حدثك عن أمير المؤمنين عمر،فإذا كان اعتراض بعض علماء أو رجال الدين على الممثلين فليت هؤلاء العلماء الذين يقومون بشرح مناقب الصحابة هم الذين يقومون بتمثيل تلك الأدوار على الشاشة،وهنا لا بد من التأكيد على أن هناك فرق كبير بين تجسيد الصحابة وتجسيد شخص الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) كما فعلت إيران فشخصية الرسول مصطفاة ومعصومة من الخطأ وتلك خاصية لا يتمتع بها إلا الأنبياء والرسل وبخاصة الرسول الأكرم محمد بن عبدالله الذى وصفه الله فى قرآنه فى قوله: "وإنك لعلى خلق عظيم" بالتالى الشخصية الوحيدة المنزهة عن الخطأ منذ ولادتها هى شخصية محمد بن عبدالله حتى قبل البعثة..هذه الشخصية يحرم تجسيدها بدون البحث عن نصوص أو جدل فى وجهات النظر،ويكفى أن أعداءه كانوا يحكمونه فيما بينهم..بل ويوقولن عنه: "ما جربنا عليك كذبا قط"،أما ما دونه من البشر فيجرى عليه ما يجرى على البشر،والحجة التى يسوقها أصحاب فتاوى تحريم تجسيد الصحابة أن التجسيد يعرضهم للقيل والقال هذه حجة واهية فمنذ القدم وحتى اللحظة لم يسلم أحد من النقد سواء أكانوا صحابة أو حتى رسل وأنبياء..بل وهناك من تطاول على الذات الإلهية ولم يكن مسلسلا ولا فيلما،والسؤال الذى وضعته عنوانا لهذا الموضوع عليه إجابات كثيرة ربما يرددها البعض هل الخوف من أعمال فنية تتعلق بالصحابة مبعثه هو الخوف من النبش فى التاريخ العربى الإسلامى الذى هو خليط من السلبيات والإيجابيات،والمكتبة العربية الإسلامية ذاخرة بالمتناقضات،لدرجة جعلتنى أسأل نفسى لماذا كلما فشلنا فى أى تقدم رجعنا إلى تاريخنا العربى والإسلامى لنفتخر به بينما نحن صرنا فى ذيل الأمم واكتفينا بالحديث عن هذا العالم الفلانى وهذا القائد العلانى وأصبحنا مثل القرعة التى تتباهى بشعر بنت اختها..لكن لم نسمع مثل هذا فى الديكتاتوريات العربية فكما أن التاريخ العربى والإسلامى حافل بالعلماء الأفذاذ فهو حافل أيضا بحكام ظلمة تارة باسم الدين وأخرى باسم العصبية،فإذا كنا نخاف من النبش فى الماضى فهذا يؤكد كلام المشككين فى بعض تاريخنا العربى والإسلامى،وإذا كان العلماء يطلبون من الناس أن نقتدى بسيرة الصحابة رضوان الله عليهم فتأثير حلقة فى مسلسل لصحابى جليل أوقع على المتلقى أكثر من ألف خطبة يلقيها قطاحل وقصحاء اللغة،ولقد قرأت كثيرا عن سيرة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب قبل وبعد إسلامه..لكن لم أتشبع من سيرة هذا الرجل الذى بلغة العصر "مجبتوش ولادة" بتشديد اللام،إذ لم نستفد بتكنولوجيا العصر فى توضيح مزايا هؤلاء الرجال العظام فما فائدة تلك التكنولوجيا ثم هؤلاء الصحابة ألم تكن بينهم بعض المشاكل شأنهم شأن البشر وإلا لا يطلب منا أحد أن نقتدى بهم ونردد المقولة الشهيرة: "يا عم احنا فين وهمه فين" ثم هل فى الكتاب والسنة دليل قطعى يحرم تجسيد الصحابة فى المسلسلات،كل الكلام الذى يقال عن تحريم تجسيد الصحابة كلام لا دليل عليه فى الشرع..بل هو كلام مرسل،وما حدث فى سقيفة بنى ساعدة عقب وفاة الرسول (صلى الله عليه وسلم) يؤكد إن ما يجرى على البشر من خلاف يصل إلى حد التشابك قد وقع أيضا من صحابة الرسول رضوان الله عليهم،وهذا يصب فى صالحهم وليس العكس،ويجعل الناس من بعدهم لا يستكثرون على أنفسهم أن يتمثلوا سيرة الصحابة،وبخاصة إذا عرفنا قصص بعضهم قبل الإسلام،إن الإسلام العظيم الذى ظل مئات القرون من الزمان لا يهده مسلسلا ولا فيلما ولا مئات المؤلفات التى اندثرت وبقى الإسلام شامخا رغم سذاجة بعض أدعيائه الذين يتصدرون فى "الفارغة" ويقلبون الدنيا رأسا على عقب من أجل لفظة هنا أو لفظة هناك لا تقدم ولا تؤخر فى أى قضية مطروحة،وسيكون مسلسل عمر بن الخطاب هو البديل الناجع لخطف أبصار المشاهدين من مسلسلات الإثارة وبرامج الجنس التى ستغزو الشاشة المصرية فى رمضان فهل حينما نجد البديل الأفضل نحاول طمسه،ولكم أن تعلموا أن أكثر الذين سيشاهدون مسلسل "الفاروق" هم من الذين حرّموا إذاعته،بل وسيتشهدون ببعض مواقفه فى خطبهم على منابرهم التى أعلنوا من فوقها حرمة هذا العمل.كفاكم مزايدة،وكفانا دفنا للرؤوس فى الرمال.
-لقمة عيش-
التعليقات: