رئيس تحرير مجلة صباح الخير يكتب : الوجه القبيح للإخوان
كشفت جمعة الغضب الثانية والتي أطلق عليها جمعة «الانقسام» عن الوجه القبيح للإخوان.. وذلك بعد إعلانهم الانسحاب.. والانقسام علي جموع الثورة التي دعت إلي هذه المليونية تعبيرا عن مطالبهم.. وتأكيدا علي استمرار روح الثورة حتي تتحقق هذه المطالب.
كان انسحاب الإخوان مع بعض القوي السياسية الأخري رسالة واضحة ومتعمدة من جماعة الإخوان إلي كل الأطراف الفاعلة.. «القوي السياسية المختلفة.. الحكومة.. وأخيرا المجلس الأعلي للقوات المسلحة».. الرسالة أنهم - أي جماعة الإخوان - هم القوة الفاعلة والمحركة للثورة.. وبدونهم لا وجود للثورة.. لكن جاء الرد قاطعا.. وحاسما من كل القوي الأخري بالتأكيد علي أن الثورة ثورة جموع الشعب.. وأنه لا أحد سيسرق الثورة من أصحابها الحقيقيين.
الإخوان بعد أن قفزوا علي ثورة يناير يحاولون الآن تحويل مسارها لصالحهم.. ولمصلحتهم فقط.. ويحاولون الاستيلاء علي المكتسبات.. والاستحواذ علي كل المكاسب.. والانفراد بكل شيء.. والأيام تثبت بالدليل القاطع أنهم يبدلون آراءهم ومواقفهم حسب المناخ المتاح لهم.. وينتهجون سياسة التسلل خطوة خطوة.. في البداية قالوا إننا لن نسعي لأكثر من 30% من مقاعد مجلس الشعب.. والآن أعلنوا أنهم بصدد الاستحواذ علي أكثر من 60% من مجلس الشعب القادم.. أيضا أعلنوا منذ البداية أنهم لا يفكرون في ترشيح ممثل عنهم في انتخابات رئاسة الجمهورية والآن يطرحون أكثر من مرشح حتي لو أعلن الانشقاق عن الجماعة.. هذه تكتيكات.. لكن الاستراتيجية قائمة وواضحة ومعروفة.
الوجه القبيح للإخوان كشفت عنه أيضا المناظرة الرائعة التي قدمتها المذيعة اللامعة مني الشاذلي في برنامجها «العاشرة مساء» بين المحامي الإخواني صبحي صالح.. ود.خالد منتصر.. وشهدت جدلا مثيرا حول مستقبل مصر ما بين الدولة الدينية التي يحاول أن يفرضها الإخوان.. والدولة المدنية العلمانية التي تتسع للجميع ونسعي إليها جميعا.. وقد وضح من إجابات المحامي الإخواني المستقبل الذي ينتظرنا جميعا مسلمين ومسيحيين لو حكم الإخوان.. أو استحوذوا علي الحكم والحقيقة أنني تعجبت بشدة من أنه كيف تم اختيار صبحي صالح ضمن لجنة التعديلات الدستورية.. وأي فكر يمثله يجعله ضمن هذه اللجنة المهمة؟
إن ما حدث يوم الجمعة.. وما قبلها وبعدها.. ومحاولات الانقسام.. وإحداث الوقيعة بين جموع الثورة والشعب من ناحية والقوات المسلحة من ناحية أخري جعل الناس تشعر بالخطر ويؤكد إحساسها بهذا يوما بعد يوم.. وبالتالي يؤكدون علي مطالبهم التي أعلنوها من قبل ويصرون عليها.. وكان هذا جليا واضحا في مليونية جمعة الغضب.
مطالب الثورة واضحة ومحددة.. الدستور أولا.. تأجيل الانتخابات التشريعية.. استمرار بقاء المجلس الأعلي للقوات المسلحة في إدارة شئون البلاد حتي تستقر الأوضاع وتكون البلاد مهيأة تماماً للانتخابات البرلمانية والرئاسية وتكون التحولات السياسية قد تبلورت وتحددت. نحن نعرف أن المجلس الأعلي للقوات المسلحة يسعي لتسليم السلطة لإدارة مدنية في أقرب وأسرع وقت.. ولكن يجب أن يكون أولا مطمئنا علي مستقبل هذا الشعب.
مطالب الشعب شرعية وعادلة وبسيطة.. فالرد بأن الشعب قال «نعم» للتعديلات الدستورية وبالتالي فهو وافق علي الإعلان الدستوري.. رد غير كافٍ وغير مقنع لأن الاستفتاء جاء علي تسع مواد.. وصدر الإعلان الدستوري بـ 68 مادة وبناءً علي هذا الإعلان خرجت عدة قوانين مكملة.. قانون الأحزاب وقانون ممارسة الحقوق السياسية وأخيرا قانون مجلس الشعب والذي بمقتضاه سيتم إجراء الانتخابات التشريعية.. وكلها قوانين شهدت جدلا كبيرا حولها وتحفظ عليها العديد من الأحزاب والقوي السياسية رغم طرح القانون الأخير للمناقشة.. إلا أن ما حدث يثبت أنه كان الأولي أن نبدأ بالدستور.. وأنه الضمانة الوحيدة لإصدار مثل هذه القوانين.. وأن الدستور يجب ألا يترك مصيره ومستقبل هذا البلد في إيد جماعة واحدة تأتي بها الانتخابات التشريعية سواء كانوا «إخوان» أو فلول حزب وطني أو حتي تيارات أخري.
الدستور أولا وتأجيل الانتخابات التشريعية ثانيا لأن خريطة القوي السياسية والحزبية في مصر غير واضحة تماما.. وتصب في مصلحة جهتين فقط.. الإخوان وفلول الحزب الوطني الذين مازالوا يسيطرون علي دوائرهم وستكون لهم الغلبة إذا تمت الانتخابات التشريعية في موعدها الذي أعلنه المجلس الأعلي للقوات المسلحة.. ثم إن البلد غير مهيأ في الوقت الحالي.. أو بعد شهرين أو ثلاثة لأي انتخابات من أي نوع.. ولست أدري لماذا الاستعجال وحالة الجدل والجدال تسيطر علي المجتمع حاليا في كل قانون يصدر وكل مرسوم يخرج إلي النور.. وآخرها حالة الجدل والرفض لقانون مجلس الشعب.. والذي أكدت فيه معظم الآراء رفض نسبة الـ50% «عمال وفلاحين» وأيضا الانتخابات بالقائمة الفردية.
مطلوب من المجلس الأعلي للقوات المسلحة أن يستجيب لمطالب الشعب.. ومطالب قوي الثورة... وأن يبدأ هو باختيار لجنة تأسيسية لوضع الدستور.. ومن ثم تأجيل انتخابات مجلس الشعب والرئاسة عاما علي الأقل.
- فتح معبر رفح
مصر الثورة تسير من أفضل إلي أفضل.. فقرار فتح معبر رفح الذي اتخذته الإدارة المصرية من أفضل القرارات السيادية التي تم اتخاذها.. وهو يرفع الضغط بشدة عن كاهل الفلسطينيين المعذبين في غزة.. ويرفع ضغط الإسرائيليين!!.. وهذا القرار جاء نتيجة طبيعية بعد المصالحة الفلسطينية بين فتح وحماس الذي جاء بمباركة مصرية وتحت مظلة مصر شكلا وموضوعا.. وهو يراهن علي أن فتح وحماس إيد واحدة.. وأنه لا سلام مع إسرائيل بدون الاثنين معا.. تحية للإدارة المصرية.. المجلس الأعلي للقوات المسلحة.. حكومة شرف.. والخارجية المصرية علي هذا القرار الشجاع.
كتبها محمد هيبة - صباح الخير
رابط html مباشر:
التعليقات: