|

أشهر قصص الحب الطائفي في مصر بعد الثورة .. نيران عشق المراهقين أحرقت كنائس وقتلت وجرحت نحو 350 شخصاً


فيما يحيي المسلمون والأقباط ذكرى الاربعين لوفاة 13 شخصاً في أحداث إمبابة الطائفية، التي إندلعت بسبب قصة حب طائفية جمعت بين "عبير وياسين"، يتظاهر المئات من الأقباط في محافظة المنيا بصعيد مصر، احتجاجاً على اختفاء فتاتين، وهما إبنتي عم، ويتهم الأقباط شابين مسلميين بإختفطافهما، ليعود الحب الطائفي لإشعال النيران بين الطرفين في مصر من جديد.

القاهرة: تشير التقارير الحقوقية والأمنية إلى أن ما يمكن تسميته ب"الحب الطائفي"، يقف وراء نحو 75% من الأحداث الطائفية بمصر، وأكثرها حدة، وأشدها عنفاً. ويعتبر الحب الطائفي مسؤولا بطريقة مباشرة عن حرق وهدم كنيستين ومقتل وجرح نحو 450 شخصاً بعد الثورة.

نانسي وعلى وكرستينا وعرفات

لتكن البداية من أحدث القصص، وأبطالها هذه المرة أربعة أشخاص، وكالعادة فتاتين مسيحيتين، وشابين مسلمين، أما الفتاتين فهما نانسي مجدي فتحي وكريستينا عزت فتحي وهما ابنتا عم. والشابان العاشقان هما علي وعرفات، وهما شقيقان، وجميعهم ينتمون إلى محافظة المنيا.

وتقول الراوية الواردة على لسان أسر الفتاتين إنهن تدرسان بالمدرسة الثانوية، وأعمارهن 16 و17 عاماً، وأن شقيقة الشابين قامت بدور محوري في خلق قصة الحب بين الطرفين، ولم يكن يدرك الجميع الذين يمرون بمرحلة المراهقة أن الحب الطائفي، لن يكوي قلوبهم فقط، بل قد يحترق بنيرانها المسلمون والأقباط في مصر كلها، وليس في المنيا فقط.

وما إن إختفت نانسي وكرستينا حتى أبلغ والداهما الشرطة، وذلك في صباح اليوم التالي للإختفاء، وفي الظهيرة، كانت حشود من الأقباط تحاصر مديرية أمن المنيا، وتهتف ضد الأمن، وتردد "خطفوا نانسي وكرسيتنا، بكرة هيخطفونا"، "يا مشير ما مشير.. أنت فين يا مشير". وحدثت مصادمات ما بين قوات الشرطة والأقباط أسفرت عن مقتل مواطن، وإصابة ضابطين ومجندين، ومازالت جهود البحث عن الفتاتين مستمرة.

مرثا وجمال

كانت محافظة المنيا مسرحاً للعشرات من قصص الحب الطائفي منذ سنوات طويلة، شهدت الأسبوع الماضي قصة حب جديدة بين الفتاة المسيحية مرثا حلمي المقيمة في قرية منشية الزعفرانة، وشاب مسلم يدعي جمال، وتقول التفاصيل إن الفتاة ترتبط بقصة حب بجمال، وأنهما اتفقا على الزواج سراً، فيما تشير أسرتها إلى أن الشاب إختفطفها بمباركة أحد المشايخ إجبارها على إعتناق الإسلام. غير أن الحقيقة لم تتضح بعد، فمازالت رحلة البحث عن مرثا مستمرة.

جاكلين وشكري

جاكلين "جاكلين وشكري"، قصة حب أخرى وقعت في أعقاب أحداث أمبابة مباشرة، ويسكن بطلاها في مدينة العاشر من رمضان، ويمران أيضاً بمرحلة المراهقة، وهما يدرسان في المرحلة الثانوية، وجمع بينهما الحب، وفجأة إختفت الفتاة بعد إنتهاء إمتحانات نهاية العام الدراسي بتاريخ 21 مايو/أيار الماضي.
وحرر والدها إبراهيم فخري محضراً بقسم الشرطة، إتهم فيه شكري بإختطاف إبنته، وتظاهر المئات من الأقباط أمام قسم الشرطة والكنيسة الموجودة بالمدينة عدة مرات. وبعد نحو الشهر عادت الفتاة إلى منزل أسرتها بعد أن عثرت عليها الشرطة في مدينة الإسكندرية، ولكن بعد تزوجت من حبيبها عرفياً، بينما هو ما زال هارباً، ومازالت الشرطة تبحث عنه بتهمة إختطاف أنثى والاعتداء عليها جنسياً، وهو إتهام تصل عقوبة للإعدام شنقاً في حالة الإدانة.
كرستين ومحمد

كرستين وهيب بولس فتاة مسيحية تبلغ 18 عاماً من العمر، تقيم بقرية السباعية محافظة أسوان أقصى الجنوب في مصر، إختفت في ظروف غامضة في 17 مايو لماضي، وبعد إبلاغ الشرطة تجمهر نحو ثلاثة آلاف قبطي أمام المحافظة ومديرية الأمن، إحتجاجاً على ما وصفوه بـ"إختطاف كرستين من أجل إجبارها على إعتناق الإسلام".

كرستين ولكن توصل الشرطة إلى مكان إختفائها في محافظة أسيوط المجاورة، تبين أنها تعرفت على شاب مسلم يدعى محمد عبد الله في الميكروباص أثناء عودتها من المدرسة، ونشأت بينهما قصة حب ملتهبة، وأنهما أتفقا على الزواج، وخطط محمد لذلك بأن ساعدته شقيقته في إخفائها لديها في محافظة أسيوط، إلا أن الشرطة توصلت إليها قبل أن تعلن إعتناقها الإسلام وقبل الزواج منها، وألقي القبض على محمد، ويواجه تهمة إختطاف أنثي، بدون إقتران الجريمة بالإغتصاب، وفي حالة الإدانة سوف يواجه حكماً بالسجن مدد تتراوح ما بين 10 و15 عاماً سجناً مشدداً.
مريان وإبراهيم

مريان جرجس فتاة تنتمي إلى مدينة الأقصر بصعيد مصر، إختفت أيضاً بداية الشهر الحالي، وأتهمت أسرتها الشاب المسلم إبراهيم حسين بإختطافها، وإجبارها على إعتناق الإسلام، وتظاهر نحو 3 آلاف قبطي أمام مديرية الأمن والأبرشية، وسرعان ما تدخل الحكماء من الطرفين، وأنتهى الأمر، وعادت الفتاة لأسرتها، فيما أكد الشاب أنه لا علاقة له بإختفائها.

عبير وياسين

عبير وسيذكر التاريخ أن قصة حب "عبير وياسين" الأكثر دموية بعد الثورة بأقل من ثلاثة أشهر، حيث أدت إلى مقتل 6 أشخاص وإصابة نحو 200 آخرين، وإحراق كنيسة في منطقة إمبابة بالقاهرة.
وتقول التفاصيل إن عبير ارتبطت بقصة حب بياسين، بعد أن انفصلت عن زوجها نتيجة لخلافات شديدة، ثم هربت من بيت أسرتها في محافظة أسيوط، وإنحدرت للقاهرة بصحبة ياسين، ثم ألقت الكنيسة القبض عليها، وإحتجزتها في كنيسة بإمبابة قبل أن يتوصل ياسين إليها، ويطلب العون من جماعة سلفية لأستردادها، ووقعت أعمال عنف وإطلاق رصاص بين الجانبين المسيحي والمسلم، وكانت النتيجة كل هؤلاء القتلى والجرحي، وإحراق كنيسة.

وجنت عبير تهمة تكدير السلم والأمن العام، والجمع بين زوجين، فيما نفى ياسين تهمة إختطاف أنثى، وتكدير الأمن والسلم العام، والتحريض على القتل والتخريب.

قصة حب هدمت كنيسة

غير أن قصة الحب التي خلفت أحداثاً عنيفة كانت بين مسلمة ومسيحية بقرية صول مركز أطفيح محافظة الجيزة، حيث أدت إلى سقوط قتيلين وإصابة العشرات، وهدم كنسية، وإعتصام الآلاف من الأقباط أمام مبنى ماسبيرو لنحو شهر، حتى تم إعادة بناء الكنسية من قبل القوات المسلحة.

95% من الطائفية بسبب حب المراهقين

ووفقاً للدكتور نبيل لوقا بباوي، فإن قصص الحب الطائفي مسؤولة عن نحو 95% الحوادث الطائفية في مصر، وأضاف لـ"إيلاف" أن عادة ما تنشأ هذه النوعية من الحب بين المراهقين الذين لا يدرون عواقب أندفاعهم وراء مشاعرهم، فالفتاة عادة ما تكون مشاعر بكر، والشاب عادة ما يتعامل مع الأمر على أنه ثواب وزواج في الوقت نفسه، وأوضح أن الشاب يقع في حب الفتاة ويصر عليها، إعتقاداً منه أنه بذلك سوف يحصل على أجر إعتناق الفتاة للإسلام، وهو الجنة.

ونوه بباوي بأنه عرضت عليه المئات من تلك الحالات عندما كان ضابطاً للشرطة، مشيراً إلى أنه كان يتعامل معها بمنتهي البساطة دون تعقيدات، وأوضح أنه كان يطلب من الفتاة التي تريد الزواج من شاب مسلم تلاوة سورة الفاتحة فقط، ودائماً ما كن يفشلن في تلاوتها بدون قراءاتها من المصحف. ولفت بباوي إلى أن أي فتاة ترغب في إعتناق الإسلام يفترض فيها حفظ سورة الفاتحة، لأن زواجها لن يتم دونها، حيث يتلو المسلمون الفاتحة عند الزواج.

وأشار بباوي إلى أنه من الصعب السيطرة على قصص الحب تلك، لأنها تنشأ بين مراهقين، ولكن يجب التعامل معها بالكثير من الحكمة، وتشكيل لجنة من الأزهر والكنيسة للتعامل معها، وعودة جلسات الإرشاد والنصح الديني قبل تحول أي فرد عن دينه.

ويرى الدكتور جمال أسعد المفكر المصري أن قضية الحب الطائفي سوف تستمر إلى ما لانهاية، وسوف تتسبب في إشتعال الفتن الطائفية ما لم يتم التعاطي معها بالكثير من الحكمة والتعقل، والتصرف فيها إنطلاقاً من أنها مشاعر إنسانية لا تعترف بالدين أو العرق أو الجنس.

أوضح أسعد لـ"إيلاف" أن الأسر المسيحية تلجأ للإدعاء بإختطاف بناتها وإجبارهن على إعتناق الإسلام، للتغطية على هروب الفتاة مع شاب غريب، لأن قضية الهروب تعتبر عار وفضيحة في الأعراف المصرية، وتكون الفضيحة أكبر في حالة الهروب مع شاب من غير ديانتها، ومن هنا تنشأ الفتنة الطائفية، مشدداً على ضرورة عودة جلسات النصح والإرشاد للمتحولين دينياً، خاصة الفتيات اللاتي لا يدركن عواقب أفعالهن.

ويشير الدكتور هشام النجار أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر إلى أن ظاهرة الحب الطائفي تنتشر بشدة في المجتمعات الفقيرة، وأوضح أنه يعتبر فعل شاذ عن الأعراف والتقاليد المجتمعية، ويرتبط بالتدين المظهري الزائف الذي يغزو المجتمع المصري حالياً. وأضاف النجار لـ"إيلاف" نحو 90% من حالات الحب الطائفي تنشأ في الصعيد، حيث يتنشر الفقر والتدين المظهري، ومحاولات الإستقطاب الديني بين الجانبين المسلم والمسيحي.

مشيراً إلى أن بعد نجاح الثورة في تغيير النظام الحاكم فإن المصريين مطالبون بإحداث ثورة في السلوكيات والعقول، وينبغي التعامل مع حالات الحب الطائفي من منطلق إجتماعي وإنساني وليس من منطلق ديني طائفي. وأوضح أنه يجب البحث في أسباب كل حالة على حدة، فهناك حالات السبب فيها الفقر وأخرى السبب فيها الإنفعال العاطفي، وثالثة الرغبة في حل مشكلة مثل الطلاق.

هل أعجبك هذا؟

رابط html مباشر:



التعليقات:

تعليقات (فيس بوك)
0 تعليقات (أنا قبطي)

0 التعليقات :



الأرشيف الأسبوعي

مواقع النشر الإجتماعية:

تابع الأخبار عبر البريد الإلكتروني







إعلانات ومواقع صديقة:


إحداثيات أناقبطي..

التعليقات الأخيرة

أحدث الإضافات