|

د. رفعت السعيد يكتب .. الفتنة‏..‏ أسباب ولا حلول



الفتنة التي هي أشد من القتل تتوالي‏,‏ تشتعل‏,‏ تخبو ويخيل الينا أنها تنطفيء لكنها تعود‏,‏ تستمر هذه الدورة الشريرة مرات ومرات وعلي مدي سنوات وسنوات‏.‏

 ولا نتعلم الدرس, لا نتعلمه رغم أن الأسباب معلومة علما نافيا للجهالة والحلول معلومة هي أيضا, لكن لا أحد يستبعد الأسباب ولا أحد يقترب من الحلول, ونكتفي ودوما بالتكاذب والتواطؤ والتباطؤ الذي يقف بنا في موقف محلك سر أي التحرك بلا حركة والقول بالعمل علي تحقيق الحل دون جهود حقيقية في تحقيق أي حل.
ولكن لا نختلف كثيرا أو قليلا فإننا سنبحث في المعني القاموسي لكلمة فتنة.
ـ في مختار الصحاح: الفتنة: هي الامتحان. ويقال أصابت الرجل فتنة أي ذهب ماله أو ذهب عقله. والفتان أي صانع الفتنة هو الشيطان أو الذي معه يضل الناس عن الحق, وفي الحديث الشريف المؤمن أخو المؤمن يسعهما الماء والشجر ويتعاونان ضد الفتان
ـ وفي الوسيط: فتن فلانا أي حوله عن رأيه أو دينه. وفتانا القبر هما ناكر ونكير. وتفاتن الرجال أي تحاربوا.
وهكذا يتضح المعني الذي نتحدث عنه, فالفتنة هي صناعة الشيطان الذي يسعي ليحرف الناس بعيدا عن صحيح دينهم, ويضلهم بعيدا عن الحق, والمطلوب من كل المؤمنين بالله مهما اختلفت عقائدهم التعاون ضد الفتان أي الشيطان.
وقد أكدنا منذ البداية وعشرات المرات قبلها أن للفتنة أسبابا نعرفها ويعرفها الجميع وحلولها معروفة معلومة.. فهل نستعيدها ليس للتأكيد علي ما هو مؤكد, ولا ابراء للذمة وإنما إيقاظا لضمائر تأخر استيقاظها طويلا وآن لها أن تفعل.
ـ إصدار مرسوم من المجلس العسكري بتنظيم بناء واصلاح الكنائس علي أسس تتماشي مع مباديء الدستور والقانون وحقوق الإنسان. وهذا المرسوم تأخر طويلا بل طويلا جدا, وأكاد اقرر أن مثل هذا المرسوم الذي يتفق تماما مع ما قرره صحيح الإسلام وصحيح الممارسة الإسلامية منذ فجر الدعوة الإسلامية وحتي الآن سيقلل قدرا كبيرا من الانفعالات المتراكمة والمتصاعدة عند الأقباط, وأكاد أقول إن استمرار القيود المفروضة علي بناء واصلاح الكنائس هو إيحاء وإيعاز لمن يتصور أن تشدده ضد الأقباط وضد دور عبادتهم هو أمر مقبول حكوميا ومن ثم فهو يفعلها مطمئنا إلي حماية النظام العام له.
ـ اصدار مرسوم آخر بتجريم كل فعل سواء صدر من موظف عمومي أو شخص اعتباري أو أي فرد يميز فيه بين مصري وآخر علي أساس من الدين, فحتي الدستور لا يطبق رغم نصوصه الواضحة, وقانون العقوبات لا يطبق هو أيضا. فقط نطالع بعض فقرات من مواده مثل, م86 فقرة( و) عقوبات] التي تنص يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تتجاوز خمس سنوات.. كل من استغل الدين في الترويج أو التمييز بالقول أو الكتابة أو بأي وسيلة أخري لأفكار متطرفة بقصد إثارة الفتنة أو ازدراء أحد الأديان السماوية أو الطوائف الدينية المنتمية اليها أو الأضرار بالوحدة الوطنية أو السلام الاجتماعي وعديد من المواد الأخري منها مثلا المواد102,161,061 وغيرها كثير. فلماذا لا تطبق؟ ولماذا لم تطبق في الماضي ولا في قرية أطفيح ولا يوم الاستفتاء أو قبله أو بعده؟ هذه الأسئلة الموجعة تحتاج إلي علاج عبر مرسوم يصدر من المجلس العسكري بحسم الأمر فهل هذا ممكن؟
ـ مناهج التعليم التي تحتاج إلي مراجعة شاملة ترسخ احترام الآخر واحترام المصريين جميعا بغض النظر عن اختلاف الدين.
ـ برامج الإعلام. فالإعلام الرسمي ارتكب في الآونة الأخيرة أخطاء فادحة في مجال الوحدة الوطنية, منها استضافة عدد من الارهابيين الذين قدمهم كأبطال يزهون بما ارتكبوا من
جرائم وحتي عندما تحدث واحد ممن يسمون أنفسهم بالسلفيين( وما هم بسلفيين فالسلف الصالح فعل وقال عكس ما يفعلون وما يقولون) عن غزوة الصناديق وعن اللي مش عاجبه يسيب مصر ويهاجر استضافه أحد البرامج في القناة الثانية ليقول هو وليؤكد مقدم البرنامج أن فضيلته كان بيهزر. وهل هذا موضوع يصلح فيه الهزار؟
ـ جلسات التصالح: وثمة مثل شعبي يقول اللي تعرف ديته إقتله والتصالح مع مرتكبي جرائم يعاقب عليها القانون هو خروج علي قواعد وأسس الدولة المدنية بل هو عودة إلي المجتمع القبلي, ويصبح الأمر كارثة إذا تم التصالح تحت وطأة التهديد والوعيد, فإما أن تتنازل عن حقك وإما فالويل لك ولأسرتك. وينسي الجميع أن تصالح المكره باطل. وتتقبل حكومة د. شرف الأمر باستهانة لا تليق بمن يتشدد مع أي مضرب أو معتصم باحثا عن خبز إطفاله إلي درجة معاقبته بعقوبة البلطجية, ولعل د. شرف يتمسك بشرف حكومته المعلق باحترامها لمبدأ وجود الدولة. ذلك أنه جتي في الأنظمة المختلفة تبقي سلطة العقاب في يد الدولة إن وجد ما يوجب العقاب, وأن اختطاف بلطجية قنا لسلطة العقاب لا يبرره سوي اعتقادهم بأن الحاكم مبدل لشرع الله أي كافر. فهل تقبلها الحكومة علي نفسها, وهل تترك البلطجية كي تصبح سلطة قائمة بذاتها. أما التصالح فهو باطل ومخز, ويتعين علي النيابة العامة اقامة الدعوي الجنائية, إن لم يكن حفاظا علي حق المعتدي عليهم, فمن أجل الحفاظ علي حق الحكومة في أن تتبدي ولو شكليا بأنها تحكم.
ولست أدري من هو الماكر الذي أطلق رؤية تقول إن البعض يترك لهؤلاء البلطجية المتأسلمين العنان عن عمد, وأن جماعة الاخوان وحدها القادرة علي وقف شرورهم. ولست اعتقد أن البعض وصلت بلاهته إلي هذا الحد.
وعلي أية حال فإنني أخشي أن يتفاقم الأمر ليصل إلي حد تصادمات لا يمكن التحكم فيها لا بمصالحة ولا بغير مصالحة.
وقد أعذر من أنذر.

بقلم: د. رفعت السعيد

هل أعجبك هذا؟

رابط html مباشر:



التعليقات:

تعليقات (فيس بوك)
0 تعليقات (أنا قبطي)

0 التعليقات :



الأرشيف الأسبوعي

مواقع النشر الإجتماعية:

تابع الأخبار عبر البريد الإلكتروني







إعلانات ومواقع صديقة:


إحداثيات أناقبطي..

التعليقات الأخيرة

أحدث الإضافات