|

المسيح في وأنا فيه - للقس بطرس سامي

تكلم يسوع بهذا و رفع عينيه نحو السماء و قال: " أيها الآب قد أتت الساعة مَجِّد إبنك ليمجدك إبنك أيضاً إذ أعطيته سلطاناً على كل جسد ليعطى حياة أبدية لكل من أعطيته" (يو 17)

القس بطرس سامي كاهن كنيسة مارمرقس بالمعادي
القس بطرس سامي
كان المسيح فى الإصحاحات السابقة و بعد أن غسل أرجل تلاميذه (يو13) قد بدأ يعطى الوصايا الأخيرة لتلاميذه و كان محور هذه الوصايا التى كان يسميها بالوصية الجديدة أو يعيد كلمة وصاياى -وبالترجمة الدقيقة تعنى- "الوصايا الخاصة جداً بى أنا". كانت تتمركز هذه الوصايا فى أن نحب بعضنا بعضاً كما أحبنا هو، ففى العهد القديم كان محورالناموس وجميع الأنبياء (متى 22: 40) أن نحب الرب من كل القلب والفكر والقدرة وأن يحب كل منا قريبه كنفسه. لكن المسيح هنا يعتبر أن هذه الوصية قديمة فإرتفع بها المسيح لمستوى جديد وسماها وصية جديدة ورفع مستوى التطبيق بأن تكون محبتنا بعضنا لبعض على مثال محبته هو لنا، وهذا ما كان قد فعله بعد أن غسل أرجل تلاميذه ثم أوصاهم بفعل المثل.  وكذلك قد أعاده أكثر من مرة فى الإصحاحات التالية، حتى أنه صرح أن شرط وعلاقة محبتنا له هى فقط إذا حفظنا هذه الوصية الجديدة وأحببنا بعضنا البعض كما أحبنا هو. 
كذلك فى وصايا الموعظة على الجبل حيث كان يقول:  سمعتم أنه قيل للقدماء كذا و كذا و أما أنا فأقول لكم كذا.
و المسيح له كل الحق أن يرفع المستوى لهذه الدرجة إذ نجده فى صلاته الشفاعية فى (يو 17) يقول للآب: " أنا فيهم و أنت فىَّ ليكونوا مُكَمَّلين إلى واحد (المسيح) و ليعلم العَالم أنك أرسلتنى و أحببتهم كما أحببتنى" والمسيح هنا يقول "أنا فيهم" لأنه كان قد ناولهم جسده ودمه لأول مرة و بالتالى صار فيهم سراً و صار هو حلقة الوصل التى توحدنا بالله، فالمسيح واحد مع أبيه كما يقول: " أنت فىِّ " للآب السماوى و إذ أعطانا أن نتناوله صار هو فينا وبالتالى صرنا واحداً معه و صار هو حلقة الوصل التى تصلنا بالله الآب و صار للإنسان عودة مرة أخرى إلى رتبته الأولى و إلى الغرض الذى من أجله خلقه الله و هو أن ينعم بالوحدة مع الله و أن يعيش فى حياته متحداً بإلهه ومتنعماً بمحبته الفائقة المعرفة.
لذلك يا أحبائى نحن نرى أن المسيح ولأول مرة فى تاريخ البشرية يستطيع أن يرفع عينيه إلى السماء و هو إصطلاح قد تم تكراره أكثر من مرة مع أنبياء العهد القديم، كما كان يصلى نحميا" أيها الرب إله السماء الإله العظيم....إلخ(نحميا1) و دانيال:"أيها الرب الإله العظيم المهوب حافظ العهد.....إلخ" (دانيال9) و لكن فى هذه المرة يقول المسيح "أيها الآب" كما كان قد أوصانا أن نصلى نحن إنسان العهد الجديد ونقول "يا أبانا" فهذه الرفعة صارت لنا فقط اليوم بعد تجسد الكلمة و إتحاده بنا بواسطة المعمودية و الإفخارستيا.  الكنيسة يا أحبائى هى جسد الرب الذى به نتحد نحن و نكتمل إلى إنسان واحد جديد الذى هو المسيح ملء الذى يملأ الكل فى الكل - كما جاء فى رسالة أفسس.
و فى هذه الطلبة يطلب المسيح من الآب نيابة عنا أن يمجده حيث أن الساعة قد أتت و يقصد ساعة الصليب، فبالصليب فقط تمجد إبن الإنسان و سر مجده أنه من خلال تقديم ذاته إرادياً لأجل خلاصنا صارت الحياة الأبدية نصيبنا و صار له أن يعطيها لنا كما يقول فى بداية الصلاة.
فلذلك يصلى الكاهن فى القداس "و إهدنا إلى ملكوتك لكى يتمجد ويتبارك و يرتفع إسمك العظيم القدوس" فالحياة الأبدية و ملكوت الله الذى يسكن فى قلوبنا بواسطة إتحادنا بالمسيح بعمل الروح القدس فى الكنيسة و أسرارها هو المجد الحقيقى الذى به يتمجد إبن الله فينا.
و لذلك فنحن يجب أن نحيا مدركين هذه العطية أننا مهما كانت خطايانا و ضعفاتنا إلا أنه بإيماننا بالمسيح الذى يبرر الفاجر نخلص بموته، و نمجده فينا و نجعله يحيا فى داخلنا. فحياته فى داخلنا هى فقط التى تستطيع أن تغيرنا و إنكشاف محبته أمام أعين قلوبنا هى فقط التى تستطيع أن تجذبنا كما قالت عروس النشيد (أنا و أنت) منادية العريس السماوى الحبيب "إجذبنى وراك فنجرى" - تقصد فأستطيع أن أجرى أنا و أنت يا رب، فالمسيح يجرى بسرعة مذهلة لن نكتسبها إلا لو إنجذبنا لها.  فسوف نستطيع أن نحب الجميع ونقبل الجميع و نتسامح و نغفر لمن أساءوا لنا فقط لو إنجذبنا بالمسيح..
فكل ما هو مطلوب أن نطلب و نصلى من أجل هذا، فيا ربنا الحبيب ها طلبة قلوبنا لك أن تجذبنا به بمحبتك العجيبة وأن تكون صلواتنا وأصوامنا و كل ما نقدمه لك هى ردنا لهذه المحبة كما يقول المزمور "بماذا أكافىء الرب على كل ما أعطاني؟" كأس الخلاص آخذ وبإسم الرب أدعو.. وما هى كأس الخلاص إلا محبتك يا رب التى تسرى فى دمائنا بالدم الإلهى المسفوك من أجل خلاصنا والذى نشربه لتحل فينا يا رب بالمحبة و لكى ما ندعو بإسمك يا رب بأعمالنا وأقوالنا و نمجد إسمك القدوس على الأرض. أعطنا يا رب أن نكون سامعين وعاملين ولنا هذه الحياة الحقيقية بك وغير منخدعين فى العالم و كل ما فيه بل نمجدك و نحيا لمدح مجدك يا رب إلى أبد الآبدين. آمين   

هل أعجبك هذا؟

رابط html مباشر:



التعليقات:

تعليقات (فيس بوك)
0 تعليقات (أنا قبطي)

0 التعليقات :



الأرشيف الأسبوعي

مواقع النشر الإجتماعية:

تابع الأخبار عبر البريد الإلكتروني







إعلانات ومواقع صديقة:


إحداثيات أناقبطي..

التعليقات الأخيرة

أحدث الإضافات